النظام يصوّب نحو مدينة التل... نموذج داريا أو قدسيا

25 نوفمبر 2016
كثّف النظام من قصف الغوطة الشرقية أمس (سمير تاتين/الأناضول)
+ الخط -

يتبع النظام السوري الأسلوب نفسه في سياسته الرامية إلى استعادة السيطرة على جميع المناطق المحيطة بدمشق، وترحيل المسلحين فيها إلى مدينة إدلب في الشمال السوري، وهي سياسة تقوم على التفاوض تحت النار. وبعد داريا والمعضمية وقدسيا والهامة، ثمّ كل من خان الشيح وكناكر وغيرهما، تصوّب قوات النظام جهودها نحو مدينة التل بريف دمشق الشمالي. وقد شنّت بالتعاون مع بعض المليشيات الموالية، مثل مليشيا "درع القلمون"، هجوماً جديداً على المدينة صباح أمس الخميس، من محاور عدة، واشتبكت مع قوات المعارضة على محور "الدوحة مول"، باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وسط قصف مدفعي للنظام طاول المدينة.

في هذا السياق، أشار الناشط الإعلامي أحمد البيانون في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوات النظام قصفت المدينة بالمدفعية الثقيلة ومدافع الهاون، مستهدفة بشكل خاص المزارع والأحياء السكنية والرويس وشعبة الأرض والسرايا وطريق مشفى الحسن والوادي والشريا، ما أدى إلى أضرار بالأبنية السكنية ووقوع إصابات عدة بين المدنيين بينهم امرأة". ولفت البيانون إلى أن "هذا القصف يُعدّ أول خرق للهدنة المتفق عليها مع قوات المعارضة في المدينة"، مضيفاً أن "الطرفين اتفقا على هدنة لمدة 48 ساعة بدأت مساء الأربعاء، على أن تنتهي مساء اليوم الجمعة". ويُشدّد على أن "فصائل المعارضة تمكنت من إعطاب جرافتين لقوات النظام والتصدي لمحاولة تقدمها على محاور الاشتباكات في الدوحة ووادي موسى وأرض الضيعة".

وإثر هذه الاشتباكات، تشهد المدينة نزوحاً كبيراً، إلا أن حواجز قوات النظام ومليشياته لم تسمح لهم بالخروج باتجاه العاصمة دمشق، وسمحت لهم فقط بالدخول إلى حي حرنة الشرقية الخاضع لسيطرة مليشيات النظام. وتأتي محاولة اقتحام قوات النظام للمدينة للمرة الأولى منذ عامين، إثر فشل الطرفين في الوصول إلى اتفاق "مصالحة" بعد أيام من المفاوضات. وتنقل صفحة "تنسيقية مدينة التل" على موقع "فيسبوك" عن مندوب قادة فصائل مدينة التل، قوله إن "الاجتماع ضم من جانب النظام قائد الحرس الجمهوري قيس فروة، ورئيس فرع الأمن السياسي العميد جودت الصافي، وعدداً من ضباط الأمن العسكري والأمن السياسي"، مشيراً إلى أن "وفد النظام لم يبدِ أية مرونة، وهدد بمواصلة حملته العسكرية ما لم يتم تسليم سلاح المقاتلين أو خروجهم إلى خارج المنطقة".

وقد وضع ممثلو النظام في هذه المفاوضات أمام قوات المعارضة في المدينة ثلاثة خيارات فقط، وهي "خيار داريا" و"خيار قدسيا" أو "مواجهة القتال"، وفقاً لما ذكرت لجنة التواصل مع النظام في مدينة التل على "فيسبوك". وكان النظام قد توصّل إلى اتفاق مع مقاتلي داريا، في 26 أغسطس/آب الماضي، انتهى بخروجهم من المدينة نهائياً مع عائلاتهم إلى إدلب.



أما الخيار الثاني، وهو مبادرة قدسيا، فتقضي بتسوية وضع كل من يسلم سلاحه من المسلحين، أما من يرفض ذلك فيتم إيصاله إلى الجهة التي يختارها مع سلاحه الفردي. كما ذكرت اللجنة أنه "بما يخص المتخلفين عن الجيش، فسوف يمنحون ستة أشهر لمن يرغب بالسفر أو الدراسة، أما المطلوبون أمنياً، من نساء ورجال، فسوف تُسوّى أوضاعهم داخل مدينة التل، بموجب جدول أسماء". وأشارت إلى أن "المنشقين عن الجيش سيُعاملون كمعاملة المسلحين، إما الخروج أو تسوية الوضع والتحاقهم بالخدمة العسكرية".

وبالنسبة إلى الحلّ الثالت للجنة، فإن "الاتفاق يقضي بعدم دخول المدينة أي جهة أمنية أو جيش، على أن تكون تحت تصرف هيئة مدنية من وجهاء البلدة". ودعت جميع المواطنين وفعاليات المدينة إلى اجتماع أمس من أجل البحث في هذا العرض. وكانت التل قد استقبلت خلال السنوات الماضية عشرات الآلاف من المناطق المجاورة، خصوصاً في غوطتي دمشق، التي تشير تقديرات إلى أن عدد سكانها تجاوز نصف مليون نسمة.

من جهة أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "25 شخصاً قُتلوا أو أصيبوا خلال غارات جوية على مناطق في الغوطة الشرقية أمس". وأوضح أن "طائرات حربية شنّت ثلاث غارات على مدينة دوما وأطرافها ما أسفر عن مقتل شخص وسقوط نحو تسعة جرحى، فيما تعرضت بلدة حمورية لقصف مماثل أسفر عن إصابة سبعة أشخاص بينهم أطفال. كما قُتل طفل وأصيب ستة أشخاص بينهم نساء وأطفال جراء قصف الطيران الحربي بلدة كفربطنا".

وكان جيش الإسلام قد أعلن استعادة العديد من النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام ومليشياته على جبهات غوطة دمشق الشرقية، وتكبيد الأخيرة خسائر في الأرواح والمعدات، في حين ردت قوات النظام باستهداف الجبهات بغاز الكلور السام. وذكر جيش الإسلام أن "قوات النظام استهدفت جبهة الريحان في الغوطة الشرقية بغاز الكلور السام، وأتبعت ذلك بمحاولة اقتحام عنيفة"، مشيراً إلى أن "مقاتليه تصدّوا لهذا الهجوم".

المساهمون