في شوارع العاصمة الإيرانية طهران، يظهر مدى تعلق النساء بالموضة العالمية، وآخر صيحاتها على صعيد الأزياء. وبالرغم من القوانين التي تفرض على النساء ارتداء الحجاب والملابس الطويلة، بدأت الألوان بالظهور ومعها تصاميم مميزة تساير خطوط الأزياء.
تطورت حركة تصميم الأزياء في البلاد بشكل كبير، بقيادة مجموعة من مصممات الأزياء الإيرانيات. فأخذت ثياب النساء، بمرور الوقت تأخذ طابعا يتماشى والموضة العالمية، لكنّه يراعي القوانين الإسلامية في الوقت نفسه، ما يرضي شابات البلاد.
في السنوات الأولى من عمر الثورة الإسلامية (1979)، فرض على الإيرانيات ارتداء ألوان داكنة كالأسود أو البني أو الكحلي. لكن، مع تأسيس "مؤسسة الموضة والأزياء" التي ترعاها وزارة الثقافة والإرشاد في الجمهورية الإسلامية، بدأ التخاطب مع الشرطة والمؤسسات المعنية للسماح باستخدام الألوان في تصميم الأزياء. وهو ما حصل بالفعل. وأصبح بإمكان الإيرانيات اليوم، ارتداء الثياب من جميع الألوان بشرط أن تراعي القانون الإسلامي.
تتحدث مصممة الأزياء الإيرانية ميترا تمجيدي لـ "العربي الجديد" عن هذا التطور، وتقول إنها عايشته في كلّ مراحله. تخرجت تمجيدي من كلية الصحافة، ثم تعلمت الإخراج السينمائي في ما بعد، فواكبت حركة تطور أزياء الممثلين والممثلات في السينما الإيرانية المعروفة عالمياً.
كما تعلقت تمجيدي بتصميم الأزياء، وباتت إحدى المصممات المعروفات، حتى أنّها نالت جائزة أفضل مصممة أزياء قبل عامين من قبل "مؤسسة الموضة والأزياء" التي ترعى مسابقات للتصميم تساهم بشكل أو بآخر في تطور هذا المجال.
تقول تمجيدي إنّ "الشروط الخاصة بالثياب في الجمهورية الإسلامية لا يجب أن تقيد مصممي الأزياء ولا الفتيات، بل على العكس، يجب أن تشكل باباً للإبداع". وتضيف: "هذه الشروط فتحت المجال لرسم خط جديد في الموضة العالمية وفتحت الباب أيضا أمام تصاميم طويلة ملونة ذات شكل جديد".
ومن المعروف أنّ تمجيدي كانت قد صممت ثوبا للمنسقة السابقة لشؤون الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وأرسلته لها عبر الخارجية الإيرانية كعربون صداقة من إيران. وتزامن ذلك مع المحادثات النووية الإيرانية مع الغرب العام الماضي. وتقول عن ذلك: "تصميم الثوب لم يحمل أي رسالة سياسية، بل جاء تلبية لرغبة آشتون في التسوق في إيران التي تتميز بخط مختلف للأزياء والموضة".
وتطالب تمجيدي المسؤولين والمعنيين بالاهتمام أكثر بمصممي ومصممات الأزياء في البلاد. وكذلك تخصيص ميزانيات خاصة لدعمهم، وتهيئة الأرضية المناسبة لتطوير هذا المجال وتحويل الموضة الإيرانية التي تتماشى بين الخطوط العالمية والقوانين الإسلامية، إلى موضة معروفة عالمياً.
يشار في هذا الصدد، إلى أنّ مثل هذه التصاميم باتت رائجة في الشوارع الإيرانية وأصبحت مرغوبة من قبل الفتيات. وتقول طالبة تصميم الأزياء في كلية الفنون في العاصمة طهران سارة: "رغم رواجها في إيران، هذه الموضة تحتاج إلى وقت كي تنتشر عالميا". وتضيف: "يحتاج المصممون والمصممات إلى فتح السوق أمامهم أكثر، فهذا ما سيسمح بتطور خط الموضة الإيرانية".
وتشير سارة إلى أنّها بدأت برسم التصاميم منذ عامين، ومنها ما تحيكه وتخيطه بنفسها وتعرضه في سوق الجمعة في العاصمة طهران على عربة أحد الباعة هناك. وتقول إنّها تلاحظ إقبال الفتيات على التصاميم التي تمزج بين الفولكلور الإيراني القديم والنقوش التاريخية والموضة العالمية في الألوان والأشكال. كما ترى أنّ الاهتمام بتصميم الأزياء والعاملين فيه يعني الاهتمام بجيل كامل يرغب بمواكبة الموضة، ويحتفظ بذات الوقت بطبيعة الملابس الإيرانية.
ورغم الشروط التي تحدد خط الأزياء في البلاد، تختلف وجهة نظر الإيرانيات. فيرى البعض أنّ ارتداء ملابس تتماشى والموضة وتراعي القانون يناسبهن. وتقول الشابة بريسا إنّها تحس بجمالها بارتداء هذه التصاميم الملونة والمختلفة، فهي تفضل الملابس ذات النقوش الإيرانية، وفي الوقت عينه، تواكب الموضة.
فيما ترى طاهرة أنّ القوانين تفرض قيوداً في بعض الأحيان، ولا سيما في الجامعات والمؤسسات الحكومية. فهناك يتوجب على الطالبات والموظفات مراعاة نوع محدد من الملابس، يكون ذا لون داكن في الغالب، وذا تصميم تقليدي محدد.
في المقابل، ترى زهرا أنّ الملابس في الجمهورية الإسلامية يجب أن تليق باسم هذا البلد. فتعتبر أنّ من واجب الفتيات ارتداء الحجاب مع تغطية الشعر بالكامل، ومراعاة القانون بشكل دائم. وتجد أنّ الملابس الملونة بشكل كبير، ملفتة. وتقول إنّ تفضيل بعض الفتيات ارتداء ملابس ملونة لا بأس به، لكن خارج أماكن العمل والدراسة.