المهدي الإلكتروني المنتظر

22 يناير 2015
ولكن.. بجد.. ما الجديد؟! (Getty)
+ الخط -

رغم كل المحاولات الحثيثة والجادة على مستوى الدول، ورغم كل هذا الصرف للأموال بكرم.. ملايين ُتلقى على أعتاب مقام حضرة صاحبة الجلالة.. وما زال هناك بعض الصحف والتلفزيونات وأبناؤها الصحافيون والاعلاميون يمضغون المال ويبثون على المشاهدين كلاماً.

ورغم كل هذا التفاني خلال الأعوام القليلة الماضية من كثير من الشباب العربي في وسائل التواصل الاجتماعي، مستثمرين أوقاتهم وأذهانهم بلا مقابل، سوى البحث عن التعبير أو أمل التغيير. إذ أخرجتهم الحكومات من سراديب الإنترنت، إلى ماكينة الإعلام العربي لتلتهمهم ثم تخرجهم للمجتمع تابعين لرأس المال. مسبّحين بحمد الحاكم من جديد.

أما الأحرار، فاستوطنوا ركناً افتراضياً، وكان هذا الميدان يوماً ما ميدانهم. نجح القليلون مالياً ووقع كثر منهم حزبياً.

انظر خلفك لعشر سنين إلكترونية. رغم كل هذه المشاريع الفذة والناجحة، أعتقد أننا وصلنا اليوم إلى مرحلة التشبّع من الحاضر الإعلامي. لكل مرحلة إنجازها، إلا أنها مرت فترة طويلة ولا مدهش في الأفكار، والثائر بات "مزتوتاً" في بيته. للمشاهير.. وتقولون إعلام جديد!

كميات هائلة من الاجترار والتحليل السياسي على الانترنت وما زال الشباب يكررون ما نجح ماضياً باحثين عن "مهدي الكتروني" ينقذهم من سلطتي المال والحكومة. قد فعلها المارد الأزرق، فيسبوك، سابقاً قبل أن تستوطنه النخب والأصنام الإعلامية والسياسية.

لنعترف أن النخب التقليدية، السياسية والإعلامية، استوطنت الإعلام الجديد بنجاح، فلم يعد هذا الميدان إلا امتداداً لها ومكمّلاً لما يقولون على التلفاز.. فأتوك هم وجمهورهم المصفّق.. غيّروا صبغته وألبسوا أصنامهم نفسها لباسكم أنتم.. وتركوك عارياً مقلّداً.. آتياً بكل فرح.. باللاجديد.

مؤتمر.. دورة.. حلقة.. حوار.. سفر.. صنعة صارت تشبه صنعة التنمية البشرية سابقاً، وسمّوها اليوم الإعلام الجديد.. كلام في كلام حول بيت قديم.. كخطبة جمعة ملهمة عن معركة حطين.. بلا واقع!

سوق الأفكار، مشمع بالشمع الأحمر في بعض البلدان، والآخرون من أحرار يحاولون، ولكن أفكارهم بين غريبة منبوذة محدودة الانتشار، أو تقليدية مسطحة مهروسة متكررة، أيضاً لا جديد. إمبراطوريات الإعلام العربي تترنح تعباً بعد أن فقدت الكثير الكثير في معارك الربيع العربي أو خريفها الانقلابي الأخير.. والقاضية ستكون من قبضة فكرة جديدة ستولد من رأس صغير.

المستقبل للفكرة الأصيلة الجديدة، المستقبل للثائرين عقلاً وهمّةً.. قبل الدم.. فيا أحرار الأرض.. بعيداً عن صفحات الفيسبوك وعن القنوات التي تولد كل يوم عن كل هذا السيرك الإعلامي.. شكراً لجهودكم ولكن.. بجد.. ما الجديد؟!


*فلسطين

المساهمون