المسرح العمّالي.. ساحة المصنع خشبته

01 مايو 2015
العامل ممثلاً (Getty)
+ الخط -

يعرّف معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية "المسرح العمّالي" بأنه: "النشاط المسرحي المعبّر عن مشاكل الطبقة العاملة في المجتمعات الرأسمالية"، وهو أحد الأشكال التي ابتكرها العمّال مبكراً، لتجاوز تكاليف المسرح الاحترافي. فلم تكن المسارح الرسمية تتقبل فكرة استضافة التوجهات اليسارية لفرق العمال الهواة، فحوّلوا بعض ساحات المصانع إلى مسارح مفتوحة.

لعب المسرح العمالي في القرنين السابقين دور الضمير الأخلاقي لأميركا والغرب عموماً، حين حوّل الزنجي المقهور المحتقر والأجنبي الفقير المعدم إلى بطل شهيد لا ينسى.

منذ القرن 19 ارتبطت روايات المسرح العمّالي في الولايات المتحدة الأميركية بأحداث حقيقية، حين تصدّت للمشكلة العنصرية واضطهاد الزنوج ومشكلات المهاجرين الأوروبيين، في جوّ المحافظة الفكرية والقمع السياسي المرعوب من غزو الفكر الاشتراكي، بعد الأزمة الاقتصادية وتفاقم مشكلة البطالة.

فمسرحية "آلهة البرق" سنة 1930، التي مثلتها فرقة عمالية أميركية في لوس أنجلس وأخرى مجرية في نيويورك، عالجت حادثة شهيرة أثارت جدلاً كبيراً في عشرينات القرن الماضي، يوم حُكم بإعدام اثنين من المهاجرين الإيطاليين ذوي النشاط السياسي، في محاكمة عبثية.

كما ألهمت حادثة شنق أخوين من الزنوج بعد محاكمة هزلية، إبان حمى التفرقة العنصرية عدداً كبيراً من العروض العمالية التي أدانت الحادث، مثل مسرحية "الشنق الفوري" لفرقة المعمل العمالي، ومسرحية "سكوتسبرو"، وهو اسم مكان الحادثة. كما كتب "جورج وكسلي" نصاً مسرحياً بعنوان "لن يموتوا أبداً".

وتشير الناقدة المسرحية، نهاد صليحة، إلى أنّ تاريخ الحركة المسرحية العمالية عالمياً يؤكد دورها في حمل مشعل الفنّ في أشدّ عصور المسرح ظلاماً وانحطاطاً، ففي منتصف العصر الفيكتوري، حين غرق المسرح في التفاهات المليودرامية والهزلية، كانت فرق العمّال من الهواة تمثّل مسرحيات شكسبير بحماس مخلص. بل قام فريق من العمّال البريطانيين عام 1864 بتشكيل لجنة خاصة للاحتفال بالذكرى المئوية لمولد شكسبير، وهو ما لم يخطر على بال الأجهزة الرسمية أو المثقفين آنذاك.

من مشاهير الفنانين الذين انطلقوا من "المسرح العمّالي" المخرج الأميركي "إيليا كازان"، والمؤلف "كليفورد أوديتس" الذي طرق باب الشهرة بنصّ عمّالي بسيط بعنوان "في انتظار لفتي". أما المخرج الروسي "سيرجي آيزنشتاين"، فبعد عرض مسرحيّته "أقنعة ضدّ الغاز" في فناء مصنع موسكو للغاز، تحوّل إلى السينما، وكان من ثمار ذلك فيلمه الشهير "الإضراب" سنة 1925، حيث أراد أن يصنع سينما بروليتارية (عُمّالية) في مواجهة السينما البورجوازية. كما كان فيلمه "المُدرّعة بوتمكين"، الذي يؤرّخ للثّورة العمالية في مدينة "سان بطرسبيرغ" عام 1905، علامة فارقة في تاريخ السينما العمالية.

ويعتبر كتاب "اتجاهات المسرح العمالي في بريطانيا وأميركا من 1880 إلى 1935"، وهو مرجع مهمّ لأسماء الفرق والعروض والوثائق المرتبطة بهذا الفنّ.

اقرأ أيضا:الأراجوز العربي أول من نادى الطاغية: ارحل
المساهمون