المسؤول إذ يصبح كاتباً
أكثر ما يثير حفيظتي في هذه الفترة أن أقرأ مقالاً لمسؤول متقاعد، انقلب بين ليلة وضحاها ليصير معارضاً شرساً للنظام، أو أقرأ لنائب يرى الأردن من ثقب إبرة. لكن، هذا الانتقاد دوما يحمل وجهة نظر واحدة، ولا يقبل القسمة على اثنين، بمعنى أن النائب يعتبر وجهة نظره الصواب، وما دونها خطأ، يتوجب الانقلاب عليه.
مثلا.. كتب أحدهم: "لا ميزة تذكر لرئيس الحكومة الحالية، والتي هي قيد التشكيل، سوى أن دولته على أهبة الاستعداد، وجاهز لتنفيذ وصفة صندوق النقد الدولي، وما تدعى بإصلاحات اقتصادية تنفذ، عادة، على حساب المواطن الأردني الفقير، وكل ما يطلب منه بلا تردد، وهي الحكومة التي لم تخف نيتها في التوجه إلى رفع أسعار الكهرباء فوراً كباكورة لأعمالها، وقرنت ذلك صورياً بالتشاور مع النواب، لمجرد إشراكهم بمسؤولية سياساتها الكارثية، المقررة سلفا، وصولاً إلى اشتعال الأردن لا سمح الله".
يا ترى، ماذا فعل النائب، للحيلولة دون فرض إرادة البنك الدولي على الدولة؟ بل ماذا فعل للحيلولة دون رفع الأسعار، أو إقرار التشريعات التي يراها مجحفة بحق الشعب؟
النائب عندما يكتب للعامة، عن قضايا الوطن والمُواطن، فإن المُواطن، هنا، يتأمل خيراً، إذ يعتقد، وهذا هو الأصل، باستمرارية متابعة النائب لِمَوَاطن الخلل التي تطرق إليها في مقالته.
لو عدنا إلى غالبية المقالات، التي كتبها أصحاب السعادة النواب، والمسؤولون المتقاعدون، لوجدنا أن كل قضية تم تناولها والكتابة عنها لقيت نوعاً من الإهمال المباشر، بعد النشر، وكان المقال أسلوباً متبعاً لصرف الانتباه عما هو أعظم، ولا سيما أن آراء النائب أو المسؤول المتقاعد، لا تقدم حلولاً، ولا تتضمن متابعة. لذا، نقول إن قيمة المكتوب أقل من قيمة الحبر الذي خُطَّ به.