ملاهي الشوارع في الأحياء الشعبية المصرية هي ملاذ البسطاء من الأطفال واليافعين خلال الأعياد والمناسبات الدينية، ويطلق عليها أصحابها اسم "الملاهي المتنقلة"، لكونها موجودة في المناسبات الدينية فقط.
يتمّ إخراجها من مستودعاتها وإجراء الصيانة اللازمة لها، ثم نصبها وتركيب معداتها على الأرصفة، لتكون جاهزة أول أيام العيد، ويطلق قاطنو الأحياء الشعبية على تلك الملاهي اسم "المراجيح".
أبناء البسطاء
ومع بداية أول أيام عيد الأضحى، أقبل اليوم العشرات من أبناء البسطاء في الأحياء الشعبية المصرية على "ملاهي الغلابة"، خاصة الأطفال من صغار السن الذين يذهبون إليها بصحبة آبائهم،كنوع من الفسحة والترفيه مقابل مبالغ مالية زهيدة.
كما يقبل على هذه الملاهي، مع نهاية اليوم، اليافعون الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و15 سنة، فهي مصدر بهجة للكثير منهم خلال العيد، ويعتبرونها مصدر تسلية لقربها من منازلهم ولانخفاض تكلفتها.
وتختلف هذه الملاهي عن ملاهي الأحياء الراقية، التي ترتادها الطبقات الأكثر ثراءً، مثل "مدينة ماجيك لاند" و"دريم بارك"، في السعر والتجهيزات. ويكلّف ارتياد ملاهي الأحياء الراقية مئات الجنيهات، ما بين تكلفة التذكرة والألعاب الداخلية.
مخاطر متعددة
والملاهي الشعبية المصرية لها مخاطر متعددة، أبرزها أنّ أكثر من 80% منها متهالكة وتدار باليد، وتؤدي في النهاية إلى كوارث أحياناً بسقوط أطفال والتسبب بوفاتهم، أو حدوث كسور ورضوض.
وهناك ألعاب يتم تشغيلها بواسطة الكهرباء، التي تتم سرقتها علناً عبر أعمدة الإنارة الموجودة بالشوارع، والتي تهدد أيضاً بوقوع كارثة في حال حدوث ماس كهربائي، من دون تحرك من الجهات المسؤولة.
هذا بالإضافة إلى المخاطر الجسيمة التي تخلّفها تلك التوصيلات العشوائية، من ترك أسلاك عارية تؤدي إلى صعق مواطنين، لا سيما الأطفال، وسط مطالب أهلية بضرورة تأمين تلك الألعاب بشكل جيد، منعاً لوقوع الكوارث والحوادث أثناء اللعب.
وتضم الملاهي الموجودة في الأحياء الشعبية المصرية مجموعة من الألعاب القديمة، منها العربات الكهربائية ولعبة الحصان الدوار، وكراسي السلاسل والساقية ولعبة القفز و"النطيطة" و"السوستة"، كلها تتأرجح بالأطفال ذهاباً وإياباً، وسط ضحكاتهم.
وأسعار الألعاب الزهيدة تتراوح ما بين 5 و10 جنيهات للعبة الواحدة. وإلى جانب بائعي الملاهي الشعبية، يوجد بائعو الطراطير ومؤجّرو الدراجات، والحمير، والجمال، والأحصنة، كما ينشط باعة البالونات للأطفال والمأكولات والعصائر.
تكلفة زهيدة
يقول محمود سليمان، وهو أحد أصحاب ألعاب الملاهي المتنقّلة في منطقة عين شمس، وهي أحد الأحياء الشعبية بشرق القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأعياد مناسبة جميلة بالنسبة لنا كأصحاب ملاهٍ في جميع الأحياء الشعبية".
ويشير، مع بداية اليوم الأول من عيد الأضحى، اليوم الجمعة، إلى إقبال كبير على الألعاب من قبل الأطفال، الذين يصطحبون بعض أفراد أسرهم معهم، "وهي ألعاب كلها غير مكلفة على الإطلاق، فأسعار الألعاب لا تتعدى 5 جنيهات للعبة الواحدة، ويتمّ الوصول إليها مشياً على الأقدام"، موضحاً أنّ تلك الألعاب "رغم حالتها السيئة وتهالك بعضها، إلاّ أنّ إقبال الأطفال عليها كبير، فالبحث عن فرحتهم جعلهم لا ينظرون إلى حالتها".
باب رزق
ويلفت معتز محمود (35 عاماً)، صاحب أحد الملاهي الشعبية في منطقة الزاوية، شمالي القاهرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تلك الملاهي "تعدّ مصدر دخل ورزق للعديد من للشباب، رغم كونها مهنة موسمية يتم العمل بها فقط خلال أيام الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة".
ويشدّد على أنّ الملاهي الشعبية "تشهد إقبالاً كثيفاً من قبل الأطفال لركوب المراجيح والنطيطة، وهي ألعاب تدخل البهجة والفرحة والسعادة إلى نفوس الأطفال في العيد، وبتكلفة بسيطة مقارنة بـ"الملاهي الفاخرة"، التي تشتهر بأسعار بطاقات الدخول الغالية، على عكس الملاهي الشعبية الموجودة في الشارع أمام الجميع".
ويشير يحيى إبراهيم (30 عاماً)، صاحب إحدى الألعاب في الشارع، في منطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة، إلى أنّه ورث هذه الألعاب عن عائلته، والتي لم يكن لديها مصدر رزق غيرها، ويضيف لـ"العربي الجديد": "لا نستطيع استئجار مكان في المتنزهات العامة بسبب الأسعار العالية، ناهيك عن أنّ الألعاب أسعارها باهظة الثمن في المناطق الراقية". وأضاف أنّه "مع التطور، تمّ استخدام أنواع جديدة من الألعاب، مثل سيارات التصادم والطبق الطائر".
مطاردات البلدية
من جانبه، قال وحيد سامي (50 عاماً)، في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه يقضي كافة أيام العيد في الشارع، بجوار الألعاب الخاصة به، بعد نقلها وتجميعها وتركيبها، والعودة بها مرة أخرى عن طريق سيارة نقل لوضعها في المخزن.
وتابع أنّ "تلك اللعبة مصدر رزقنا الوحيد في المناسبات والأعياد"، خاصة في الأحياء الشعبية، مشيراً إلى أنّ أصحاب الملاهي في الشوارع "يتعرّضون لمضايقات من قبل موظفي المحليات والبلدية، ولا بد من ترضيتهم حتى يتم تركنا في الشارع من أجل لقمة العيش".