يعتبر الدفاع المدني واحداً من أهم الأجهزة المعنية بالحفاظ على أرواح وأملاك المواطنين في أي بلد بالعالم، لكن هذا الجهاز في اليمن يعاني إهمالاً شديداً انعكس سلباً على الأداء المتوقع منه. "العربي الجديد" يسلط الضوء على واقع هذا المرفق الهام في اليمن، من خلال حوار مع اللواء علي أحمد راصع، رئيس مصلحة الدفاع المدني.
متى عرف اليمن مؤسسة الدفاع المدني؟
تم إنشاء الدفاع المدني في اليمن منذ حوالي خمسين سنة، لكن للأسف الشديد لم تولِ الحكومات المتعاقبة اهتماماً كبيراً بالدفاع المدني خلال العقود الماضية. كان مرفقاً مهمشاً إلى حدّ كبير، ويفتقر إلى البنية الأساسية والأدوات والكادر المدرّب. في العام الماضي فقط، تم تحويله من إدارة عامة في وزارة الداخلية إلى مصلحة. وأول عمل قمنا به هو وضع خطة استراتيجية للعمل وفقها، بحيث يصبح الدفاع المدني خلال السنوات الأربع المقبلة متواجداً في المحافظات والمديريات عبر توفير البنية الأساسية وتأهيل الكادر في الإطفاء والإسعاف والإنقاذ.
هل تم اعتماد هذه الخطة من قبل الحكومة؟
عرضنا هذه الخطة على المجلس الأعلى للدفاع المدني، وتم الشروع في بناء البنية الأساسية في أمانة العاصمة، لكن الأحداث التي تمر بها اليمن عطلت إقرار الخطة، ولم تحصل على دعم المانحين والحكومة.
هل الدفاع المدني موجود في كل محافظات الجمهورية؟
الدفاع المدني موجود في بعض المحافظات الرئيسية، مثل عدن، صنعاء، تعز، المكلا، الحُديدة، لكن بنشاط مقتصر على الإطفاء فقط، أما ما يتعلق بالإسعاف والإنقاذ فهما خدمتان غير متوفرتين، لكن الخطة المقبلة ستركز على البنية الأساسية وجانب التأهيل والتدريب، ويكون للدفاع المدني قوة خاصة، ومراكز للتدريب، وورشاً للصيانة، وكل هذا مرهون باستقرار الأوضاع في البلد.
هناك انطباع سلبي لدى الكثير من اليمنيين تجاه الدفاع المدني بسبب الأداء المنخفض في مواجهة الحرائق، ما رأيك؟
بالتأكيد هناك قصور، الدفاع المدني ظل متعثراً، والعاصمة صنعاء توسعت مئة مرة عمّا كانت عليه سابقاً. ونحن موجودون في أماكن محدودة، لكننا وفق الخطة الاستراتيجية سنتواجد في 12 مركزاً في صنعاء وحدها، بالتناسب مع التوسع العمراني، لكن الأوضاع السيئة التي يمر بها البلد جمدت تنفيذ الخطة.
نعم هناك ضعف في الأداء، ففي بعض الأوقات تصل عربة الإطفاء ويكون الحريق قد أُطفئ أو التهم جزءاً من الموقع المحترق، لكن السبب هو بعد المسافات بين مركز الإطفاء ومكان الحريق، أو استهتار المواطنين وعدم إتاحة الطرقات للعربات. هناك عراقيل وحواجز، وبالرغم من كل هذا، إلا أن الدفاع المدني يؤدي دوره بشكل جيد.
ثقافة الدفاع المدني ليست موجودة لدى المواطن، أين دوركم حيال ذلك؟
هذا الكلام صحيح، عمل الدفاع المدني عمل وطني واجتماعي، نحن في الحقيقة لا ننظر إلى عملنا كوظيفة، بل نقدم خدمة وطنية وإنسانية، لكن المشكلة تكمن في تدني الوعي لدى المواطنين بشكل كبير، نتيجة الأمية وعوامل أخرى كثيرة. وبالتالي، نركز ونعمل على توعية المواطنين، فمثلا، لمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني نقوم بحملة توعوية من بداية يناير/كانون الثاني وحتى نهاية شهر مارس/آذار.
ما هي الفئات المجتمعية التي تستهدفونها بالتوعية؟
المدارس والجامعات والتجمعات النسوية، نستهدف المجتمع المدني بشكل عام، عبر المحاضرات والندوات واللقاءات الصحافية والإعلامية. والعمل التوعوي يتطلب وقتاً، وتعاوناً من عدة جهات ومنها وزارات الإعلام والتربية والتعليم، كما يتطلب اهتماماً أكبر من الحكومة، والتي لم يكن لديها للأسف الشديد أي اهتمام بالدفاع المدني خلال السنوات الطويلة الماضية.
هل ثمة معوقات أخرى تواجه عملكم؟في السابق، كانت تنقص الدفاع المدني الخطة الاستراتيجية، وكان العمل عشوائياً، ولهذا ركزنا على إعداد الخطة الاستراتيجية للبناء والتأسيس. نحن اليوم نحاول إقرار الخطة وسيتكفل المانحون بتمويلها بناء على وعودهم لنا، فإمكاناتنا محدودة والكادر غير كاف وبعضه غير مؤهل، ولهذا نقول بأننا بحاجة إلى مراكز تدريب.
أضف إلى ذلك أن موازنتنا المالية محدودة جداً، ففي العام 2014 فقط أُعطيت للدفاع المدني موازنة مستقلة، أما في السابق فكانت لدينا مخصصات محدودة جداً تكاد لا تذكر، يخجل المرء من ذكر قيمتها.
عدم ترقيم المنازل يؤثر في عملكم بالتأكيد؟
هناك مشكلة أكبر، هي أن الكثير من الشوارع غير مسماة، وهذا الأمر يعد من شؤون أمانة العاصمة، لكن بحكم طبيعة عملنا وخبرتنا، فإننا نعلم الشوارع ونعرفها بشكل جيد.
إذا كان عملكم مقتصراً على الإطفاء فمن يتكفل بمواجهة أضرار الكوارث كالسيول مثلا؟
وفقاً للقانون فإن المهام الموكلة للدفاع المدني، هي الإنقاذ والإسعاف والإطفاء، وهذا يشمل مواجهة ما ينجم عن الزلازل والفيضانات وما إلى ذلك، لكن في الوقت الحالي يقتصر عملنا على الإطفاء فقط، وفي حالات الكوارث الكبرى فإن المجلس الأعلى للدفاع المدني برئاسة رئيس الوزراء معنيّ بها. كما حدث في فيضانات حضرموت وانفجار البركان الذي حصل في البحر الأحمر على سبيل المثال.
ماذا عن الأوضاع السياسية الحالية وانعكاسها على عمل الدفاع المدني؟
بالتأكيد عطلت كافة الأعمال، لكن نحن ملتزمون بعملنا بالشكل الذي يجب أن يكون عليه، وحريصون على دوامنا وتواجدنا لخدمة المواطنين، وذلك من منطلق وطني وإنساني بغض النظر عن الجانب السياسي.
كم يبلغ عدد الموظفين في المركز الرئيسي والفروع؟
لم تحوّل إدارة الدفاع المدني إلى مصلحة إلا في العام الماضي، بحيث أصبحت مستقلة مالياً، لكنها إدارياً لا تزال مرتبطة بوزارة الداخلية، وهذه واحدة من الإشكاليات. وبسبب الاضطرابات السياسية، تغير وزير الداخلية ثلاث مرات خلال عام واحد، لم يتسنّ لنا إقناع أي وزير بضرورة فصل المصلحة مالياً وإدارياً، ولهذا أقول بأننا لا نعرف بدقة كم عدد الأفراد المنتمين للمصلحة.
كم عدد عربات الإطفاء؟
العربات تتجاوز الأربعين عربة في اليمن كاملة، وجزء من تلك العربات خارج الجاهزية، لكن العام الماضي أعدنا 90 في المئة من العربات المعطلة للخدمة. ونسعى جاهدين لزيادة عدد العربات خلال العام 2016، وكما نسعى لأن نتمكن من تقديم خدماتنا إلى بقية الأماكن والشوارع أوالمحافظات النائية، بالإضافة إلى توفير عربات صغيرة للأحياء الضيقة.
اقرأ أيضاً:مدرسة متنقلة لتعليم أطفال الشوارع في اليمن
اقرأ أيضاً:الشباب اليمني يصارع الموت لأجل الحياة