اللبنانيون يواجهون كل المصائب: لا سيولة ولا كهرباء والدولار يرتفع 566%

02 يوليو 2020
قطع اللبنانيون كورنيش المزرعة في بيروت احتجاجاً على انقطاع الكهرباء (حسين بيضون)
+ الخط -

لبنان دخل مرحلة الانهيار السريع. الدولار وصل إلى 10 آلاف ليرة لبنانية في السوق السوداء، بارتفاع نسبته 566% للدولار، في مقارنة سعر الصرف الرسمي الذي لا يزال ثابتاً عند 1500 ليرة. 

التضخم هو الآخر بلغ نسباً قياسية، مع ارتفاع صارخ للأسعار طاول غالبية السلع الاستهلاكية، في مقابل ثبات الأجور عند معدلات متدنية جداً، بحيث أصبح الحد الأدنى للأجر لا يتعدى 67 دولاراً. والعديد من الأدوية، خاصة تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، مفقودة من السوق.

الكهرباء تنقطع ما بين 16 إلى 20 ساعة يومياً، وسط معلومات عن انقطاع شامل قد يواجه لبنان بدءاً من الأسبوع المقبل، بسبب انقطاع الفيول لتشغيل المعامل. 

الاتصالات بدأت تنقطع في عدد من المناطق، مع ندرة توافر الفيول في السوق، وعدم تسليمه للمحطات التي تؤمن خدمات الإرسال.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول، حُرم أصحاب الودائع، إلى حد كبير، القدرة على السحب من حساباتهم الدولارية في المصارف، مع وضع حدود لسحب الرواتب وصلت حتى إلى حسابات الليرة.

الدولار وصل إلى 10 آلاف ليرة لبنانية في السوق السوداء، بارتفاع نسبته 566% في مقارنة مع سعر الصرف الرسمي للدولار الذي لا يزال ثابتاً عند 1500 ليرة

وفيما قدّر البنك الدولي أنّ نحو 48% من اللبنانيين كانوا يعيشون بنهاية 2019 تحت خط الفقر، ترتفع النسبة اليوم مع توقف آلاف المؤسسات عن العمل، وتسريح الآلاف من العمال، مع تضافر الأزمة النقدية والمالية مع تداعيات فيروس كورونا.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ورفعت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، سعر ربطة الخبز المدعوم جزئياً بزنة 900 غرام إلى 2000 ليرة من مستواه قبل الأزمة البالغ 1500 ليرة.

وتعتبر هذه الأزمة أسوأ تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت به بين عامي 1975 و1990.

وفي الأيام القليلة الماضية، اصطفّ اللبنانيون في طوابير عند المخابز، مع توقف أصحابها عن بيع خبزهم للمتاجر، مشتكين من أن تكاليف إنتاجهم تضخمت بسبب الهبوط السريع في قيمة الليرة.

وهددت المخابز أيضاً بوقف توزيع الخبز، قائلة إنها تخسر أموالاً.

وتثير أزمة الخبز والكهرباء المزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، حيث يعمد المتظاهرون يومياً إلى إغلاق طرق سريعة رئيسية في أرجاء البلاد.

وبدأ النقد الأجنبي ينفد بسرعة من لبنان الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة. وعمدت الدولة التي تشهد انهياراً في إيراداتها إلى طباعة النقد لصرف أجور العاملين فيها الذين يقدَّر عددهم بنحو 800 ألف موظف.

أما الحلول، فشبه غائبة. إذ تمتنع الدول المانحة عن تقديم أي قروض أو مساعدات للحكومة اللبنانية، لأسباب ترتبط بعدم قيام الحكومة بأي إجراءات إصلاحية حتى اليوم، إضافة إلى تأثير سيطرة "حزب الله" على القرار الحكومي في قرارات الدعم الدولية.

وفيما يعتبر صندوق النقد الدولي خشبة الخلاص الأخيرة، لا تزال الأحزاب والمصارف ومصرف لبنان يخوضون كباشاً على المصالح، وسط خلاف حول أرقام الخسائر المالية التي ستقدم إلى الصندوق، ما بين لجنة المال والموازنة في البرلمان والمصارف من جهة، والحكومة اللبنانية من جهة أخرى.

وقال دبلوماسي غربي، لـ"رويترز": "ثمة خطر حقيقي من أن يحدث انفجار"، مضيفاً أنّ ثلث مليون شخص فقدوا وظائفهم، منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما تفجرت احتجاجات على الطبقة السياسية، وأدت إلى استقالة الحكومة.

في الوقت الذي يغذي فيه الفقر المتسارع مشاعر الغضب واليأس، قال ناصر سعيدي، وزير الاقتصاد السابق، وهو من قيادات مصرف لبنان المركزي سابقاً، عن المحادثات مع صندوق النقد الدولي، لـ"رويترز"، إنها "بلغت طريقاً مسدوداً".

وقد استقال اثنان من أعضاء فريق التفاوض اللبناني مع الصندوق، خلال شهر واحد، استناداً إلى ما وصفاه بمحاولات للتخفيف من خسائر مالية هائلة في خطة الحكومة.

وقد أقرّ صندوق النقد الدولي أرقام الحكومة التي تشير إلى أن العجز يتجاوز 90 مليار دولار.

أقر ّصندوق النقد الدولي أرقام الحكومة التي تشير إلى أن العجز يتجاوز 90 مليار دولار

غير أنّ البنوك والبنك المركزي وأعضاءً في البرلمان يمثلون فصائل سياسية نافذة يقولون إنّ الرقم الحقيقي نصف هذا الرقم. ويصف معارضون ذلك بأنه حيلة محاسبية قائمة على سعر صرف مشكوك فيه.

وقال رئيس الوزراء حسان دياب، في بيان، الثلاثاء: "ملتزمون بالخطة المالية وبأرقام الخسائر الواردة فيها، وقد تجاوزنا ذلك، ونبحث الآن في كيفية توزيع الخسائر بالتواصل مع حاكم المركزي والقطاع المصرفي ووزير المال، حتى نجد السيناريو المناسب، وليس هدفنا تركيع القطاع المصرفي أو مصرف لبنان، ولن يدفع المودعون الثمن".

المساهمون