القهوة التركية... تاريخ ودراسات ومهرجانات

إسطنبول
26 سبتمبر 2017
1DC5B860-297A-4152-83F2-799DF1B9AB28
+ الخط -
على الرغم من أن مرجعاً واحداً لم يأت على ذكر أن تركيا هي موطن القهوة فإن القهوة وصفت بالتركية، وباتت مدينة إسطنبول مركزاً لثقافة القهوة، على الرغم من أنها لم تعرفها إلا في عهد الدولة العثمانية من قبل والي اليمن أوزديمير باشا.

ومع انتشار عادة شرب القهوة أصبحت طقوسها شيئاً ضرورياً لا غنى عنها عند العثمانيين، ولأجلها أُسِّسَت المقاهي، وحُدِّدَت أوقات معينة لشُربها وظهرت الحاجة إلى استخدام الفنجان، ولذلك صُنِعت فناجين خاصة للقهوة في إزنيق وكوتاهيا، وصُنعت الفناجين للعثمانيين في أوروبا والصين.

وتحتضن تركيا مهرجاناً سنوياً عنوانه "دورة حياة القهوة"، اختتم نسخته الرابعة في منطقة ماتشكا في إسطنبول، الأحد الماضي، وضم مئات أصناف القهوة العالمية وعروض تحضيرها القهوة وندوات ومعارض وفنوناً لم يغب عنها عبق رائحة القهوة والتنافس بين أكثر من 140 شركة تركية وعالمية.

وتعتمد تركيا على حب الناس للقهوة في الترويج للمطالعة، إذ أرفقت قبل أشهر مهرجان الكتب بالقهوة والشوكولا "كتاب، قهوة، شوكولا" للعام الثاني في تركيا.

وقدم المهرجان المقام في المتحف العسكري في إسطنبول لزواره الكتب باللغات الثلاث؛ العربية والتركية والإنكليزية، مرفقاً بإمكانية الجلوس وقراءة الكتب مع تذوق الشوكولا وشرب القهوة، بالإضافة إلى شراء الكتب وآلات تحضير القهوة والأكواب المميزة.

ولشدة هوس الأتراك بهذا المشروب اليومي، طورت شركة تركية أخيراً طابعة ثلاثية الأبعاد تتيح طباعة أي شكل على رغوة القهوة، من دون استخدام القوالب أو الرسم اليدوي، ولاقت إقبالاً كبيراً من المقاهي والفنادق والشركات السياحية، إذ توفر إمكانية طباعة أي شكل على رغوة القهوة خلال ثوانٍ.

ولا تتوقف حالات الابتكار والترويج لهذا المشروب الذي يتربع على عرش المشروبات المنبهة الساخنة في العالم، استهلاكاً وتبادلاً وأرباحاً، إذ يحتل المرتبة الثانية بين المشروبات بعد الماء، بمعدل 400 مليار فنجان سنوياً.

وانتشرت "موضة" صناعة القهوة التركية داخل قشر البرتقال، عوضاً عن استخدام "الركوة"، أو كما يسميها الأتراك "جزوة"، والتي تكون غالباً من النحاس أو الألمنيوم، ولاقت رواجاً كاسحاً بين مختلف الأوساط التركية، وذلك بعد تداول صوراً وفيديوهات لأشخاص جربوا هذه الطريقة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأفاد الأتراك بأن أول مقهى قدّم القهوة في إسطنبول تم افتتاحه في خمسينيات القرن السادس عشر، من قبل "قهوجيين" من العرب، وهما حكم الحلبي وشمس الدمشقي في منطقة تاهتا قلعة في إسطنبول، لتنتشر بعد المقهى العربي المقاهي في الدولة العثمانية.

وتختلف القهوة التركية، في طريقة الطحن والتحضير، عن مثيلاتها العربية واليونانية. اليونان رفضت تسمية القهوة بالتركية لاعتبارات سياسية وتطلق على قهوتها القهوة اليونانية، ومن أهم ميزاتها وجود الرغوة عليها ورائحتها وطعمها وطريقة تقديمها الخاصة، إذ يوضع الفنجان الزجاجي ضمن آخر معدني، وتقدم إلى جانبه قطعة حلوة، راحة في الغالب، وفي طبق خاص متناقل منذ العثمانيين.

 وتقول المراجع التركية الغنية عن القهوة إن تاريخها قديم يعود إلى القرن السادس عشر، حين بدأ الأتراك بطحن وتحميص حبات البن. وفي القرن السابع عشر أصبحوا أكبر موزعي القهوة في العالم، رغم أنهم ليسوا من زراعها ومنتجيها.
وضمن ما يؤرخه الأتراك لهذا المشروب وأصالته لديهم، ما قاله الرحالة الفرنسي، جين دي تيفينوت، حين زار الدولة العثمانية في القرن السابع عشر: "كل تركي غنياً كان أم فقيراً يشرب في اليوم فنجانين من القهوة"، من دون إهمال ما قاله الرحالة الإيطالي، إدموندو إمنيجيس، والذي زار إسطنبول في القرن التاسع عشر "القهوة موجودة في أعالي برج غلطة وفي أعالي برج بايزيد... في السفن... في الأسواق... في الدوائر الرسمية".

ولعل اهتمام الأتراك بالقهوة دفعهم لتأسيس "جمعية ثقافة القهوة" عام 2008، والتي تهدف إلى صون هذا التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال، وإلى مهرجان للقهوة عام 2014، كما أدرجت القهوة التركية في قائمة الميراث الثقافي "غير الملموس" التي أعدّتها منظمة يونسكو، لتصبح الميراث الحادي عشر في الترتيب، وذلك بعد الحكواتي وكراكوز ورقصة السماح ومصارعة كرك بنار ومعجون المسير وغيرها.

كما أن ولع الأتراك بالقهوة دفعهم، الشهر الماضي، إلى إحصاء وتصنيف الطعم والرائحة، إذ حددت دراسة أُجريت في جامعة إيجة نحو 65 مذاقاً ورائحة مختلفة من القهوة التركية، أجراها البروفسور في قسم الأغذية، يشيم إلمجي، والطالب جوليد كوانش.

وأوضحت الجامعة أنها قامت من خلال هذه الدراسة بإدخال القهوة التركية التي يعود تاريخها لأكثر من خمسة قرون إلى الأدب الأكاديمي.

وقال إلمجي في تصريحات صحافية: "لقد كشفت دراستنا أن القهوة التركية المحمصة بشكل خفيف، تأتي بنحو 50 نكهة، ورائحة مختلفة، في حين تأتي القهوة التركية متوسطة التحميص بنحو 59 نكهة ورائحة، أما تلك المحمّصة بشكل قوي (الداكنة)، فتأتي بـ 65 نكهة ورائحة مختلفة".

وفيما يشبه التوصية بعدم وضع سكر في القهوة، رأى إلمجي أن الأشخاص الذين يفضلون إضافة السُكّر إلى القهوة التركية لا يتمتعون بالحصول على مذاق القهوة الكامل، مقارنةً بأولئك الذين يُفضلونها من دون سكر.

دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي
الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
المساهمون