وسط انتشار مكثف لقوات الشرطة في محيط مقبرة باب الاسباط التي حوصرت من جميع الجهات، شيعت عائلة الشهيد ابراهيم العكاري من مخيم شعفاط نجلها إلى مثواه الاخير في مقبرة باب الاسباط في القدس المحتلة، عند منتصف ليل الأربعاء _ الخميس.
في مقابل ذلك، لم يمنع انتشار جنود الاحتلال أعداداً كبيرة من الاحتشاد على أرصفة الطريق بالقرب من المقبرة، وما إن وصل موكب التشييع من أبناء عائلته حتى هتفوا "بالروح بالدم نفديك يا شهيد"، ويا شهيد ويا مجروح.. دمك هدر ما بروح".. و"لبيك يا أقصى"، فيما كان أصدقاء للشهيد يذرفون الدموع، وهم يلوحون للجثمان بأيديهم من بعيد.
ويقول محمد علقم، وهو أحد أصدقاء العكاري، إنه "بالأمس القريب كان مرابطاً معنا في الأقصى، وتشرفنا فجر أمس الأربعاء، بإمامته للمصلين في مسجد أبو عبيدة في مخيم شعفاط".
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت في وقت سابق مقبرة باب الاسباط في القدس المحتلة مطلقة الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز، فيما رد عليها الشبان بإطلاق الألعاب النارية، والتي يعتبر إطلاقها تهمة قد تكلف المقدسي الحبس لمدة عشر سنوات، حسب ما يتم تدارسه في أروقة الكنيست الإسرائيلي، لردع الفلسطينيين في القدس عن مواجهة الاحتلال.
وأفاد ناشطون، أن أعداداً كبيرة من جنود الاحتلال اقتحمت المقبرة، وطاردت مجموعات من الشبان كانوا تسللوا إلى المقبرة للمشاركة في تشييع جثمان الشهيد العكاري. وأضاف هؤلاء أن الجنود رشوا غاز الفلفل على وجوه الشبان، واعتدوا على عدد منهم بالضرب قبل أن يخرجوا بعضهم من داخل المقبرة.
يذكر أن قاضي محكمة الصلح الاسرائيلية في القدس الغربية قرر في وقت سابق، من مساء أمس الاربعاء، تسليم جثمان الشهيد العكاري، لعائلته عند مقبرة باب الأسباط بين الساعة 11:30-12:30 بعد منتصف الليل بتوقيت القدس، بمشاركة 35 شخصاً.
وأوضح محامي "مؤسسة الضمير" محمد محمود، أن قاضي محكمة الصلح رفض طلب الشرطة الإسرائيلية بدفن الشهيد في مقبرة عناتا، وقرر تسليمه في مدينة القدس ليوارى في الثرى في مقبرة باب الأسباط.
وتزامن تشييع الشهيد مع اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في عدة أحياء منها حي المكبر، والشيخ جراح في القدس المحتلة. وأعلنت مجموعات شبابية في المدينة المقدسة أن اليوم الخميس، هو يوم إضراب شامل.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد وجّه، بعد ظهر أمس الأربعاء، أصابع الاتهام للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عندما قال في مراسم إحياء ذكرى رئيس الوزراء السابق، إسحاق رابين، إن "عملية القدس هي نتيجة مباشرة لتحريض عباس ضد الوجود الإسرائيلي في القدس"، مضيفاً أن حكومته ستبذل جهدها لاستعادة "الأمن والهدوء".
وكانت المدينة المقدسة قد شهدت، منذ ساعات الصباح الأولى، محاولات من المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى، ومنع جنود الاحتلال الفلسطينيين من الوصول للمسجد الأقصى، وحاولوا الاعتداء على وفد للجنة المتابعة العليا للفلسطينيين في الداخل الذين قاموا بزيارة للحرم القدسي الشريف.
كما اعتدت قوات الاحتلال على وزير القدس، المهندس عدنان الحسيني، ومسؤول ملف القدس وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، حاتم عبد القادر، والنائب في الكنيست، حنين زعبي.
واقتحمت قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى ووصلت حتى بوابات الجامع القبلي، حيث أطلقت بداخله العيارات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع. وأسفرت المواجهات داخل الأقصى عن إصابة أكثر من أربعين فلسطينياً بجروح، نقلوا إلى مستشفى المقاصد في القدس المحتلة لتلقي العلاج.