الفساد آفة التنمية

24 يونيو 2015
تحول الفساد من سلوك فردي إلى ظاهرة اجتماعية (Getty)
+ الخط -
تكاد لا تخلو دراسة أو تقرير حول التنمية من الإشارة إلى الآثار السلبية لظاهرة الفساد على مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع اعتماد مؤشرات الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة كمؤشرات أساسية لقياس فاعلية الدول في الإدارة العامة والحكم الرشيد، ينتقل الفساد من سلوك فردي إلى ظاهرة مجتمعية مؤثرة في تشكيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

يعد الفساد من بين أقدم سلوكيات البشر وأكثرها تعقيداً، وربما كان الفساد السلوك الأكثر حضوراً في معظم مراحل تطور البشرية. وقد شَكل انتقال البشر من أنظمة المشاع إلى أنظمة الملكية الفردية مرحلة مفصلية في تطور الفساد. ومع نشوء السلطة بوصفها المؤسسة المخولة (طوعاً أو قصراً) بالتحكم في قرارات الأفراد وضبط سلوكياتهم في الفضاء العام، انتقل الفساد من شكله الفردي إلى شكل أكثر تعقيداً تطور في ظلال علاقة مشبوهة بين الإدارة العامة للبلاد، بما تملكه من قدرة على توزيع المنافع، وبين المقربين من الأفراد الذين يدورون في فلك السلطة.

اقرأ أيضا: النمو أو التنمية؟ تلك هي المسألة

يفيد تاريخ البشرية بصعوبة القضاء على الفساد لتشعب جذور الظاهرة وتداخلها على عدة مستويات. وبالتالي فأي محاولة للبحث عن حلول للحد من الفساد يقتضي بالضرورة البحث في أصل الفساد. إذا اتفقنا على أن أصل الفساد مرده إلى تشوه أخلاقي حدث في بيئة اقتصادية موائمة في غياب الرادع القانوني والاجتماعي، نتبين أهمية مراعاة هذه الأبعاد الثلاثة: الأخلاقي، الاقتصادي والقانوني عند التفكير بأي علاج لهذه الظاهرة؛ والذي لا بد أن يكون قانونياً ذا أبعاد اقتصادية مرتدياً رداء الأخلاق.

في منطقتنا العربية، تشير التقارير الدولية إلى تخلف معظم الدول العربية في ما يتعلق بالشفافية ومكافحة الفساد والرشوة مقارنة ببقية دول العالم. والسؤال، هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه مجتمعاتنا العربية خالية أو تكاد من الفساد؟ متى نجد جواباً لتساؤل أحد المتخصص في شؤون الفساد "أنه كيف لا يثور هؤلاء المتضررون من الفساد، بل وكيف يقبلون التعامل معه؟"

اقرأ أيضا: في مهب العاصفة

إننا بعيدون كل البعد عن الأوهام والأفكار الطوباوية الحالمة بعالم خال من الفساد، ولكننا نؤمن بإمكانية القضاء على الفساد كظاهرة، وحصره على مستوى السلوك الفردي المنبوذ من قبل المجتمع. كما نؤمن بقوة بأن الشعوب العربية التي فجرت ربيعها، إنما خرجت ثائرة على الفساد وقوانينه ومنظومة الأخلاق والقوانين التي تكرسه، وتجعل منه الوسيلة الوحيدة لإعادة توزيع الدخل والثروة.
باحث اقتصادي
دلالات
المساهمون