تسعى مليشيا "الحشد الشعبي" للحفاظ على دورها في العراق من خلال إدارة أحد ملفاته الأمنيّة الحساسّة، ما يعني اعتبارها مؤسّسة رسميّة تحظى بدعم حكومي وحصانة كاملة من المساءلة القانونيّة.
وبعد قرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي، الأخيرة، والتي قيّدت تحركات "الحشد" في دخول المعارك، وحل نسبة 30% من أعداده، بدأ التشكيل يخشى من التهميش المستقبلي وحله بالكامل، ما يعني خسارة كبيرة له ولقادته الكبار الذين سعوا في يوم ما لأن يكون "الحشد" القوة الرئيسيّة في العراق، متقدّماً حتى على الجيش العراقي.
وبعد تلك القرارات، رضخ قادة "الحشد" وسلّموا بالأمر الواقع، بأنّهم قوّة ثانويّة في البلاد، ما دفعهم إلى التفكير في الحصول على دور خاص بهم من خلال الاستحواذ على أحد الملفّات الحساسة في الدولة، يتولون مهمّة إدارته، لذا بدأوا في السعي إلى السيطرة على ملف بغداد الأمني محاولين إسقاط قيادة عمليات بغداد.
ويحذّر مراقبون من خطورة تلك التوجهات، مؤكّدين أنّ ذلك يعني عودة العراق من جديد إلى مربع العنف الطائفي كما حدث في عامي 2006 و2007، الأمر الذي يتطلّب تكاتفاً من الكتل السياسيّة لمنع تلك الجهود من الحصول على مبتغاها.
في السياق ذاته، قال عضو في لجنة الأمن البرلمانيّة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نواب دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) قدّموا عدّة طلبات رسميّة إلى اللجنة لسحب الملف الأمني من قيادة عمليّات بغداد"، مبيّناً أنّ "تلك الطلبات تكرّرت عدّة مرّات وتضمّنت إدانات قيادة العمليّات واتهاماً بالضعف وعدم الاهتمام وعدم القدرة على إدارة الملف".
وأضاف، النائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "نواب دولة القانون دوّنوا كافة الانتهاكات والاختراقات الأمنيّة واستغلّوا دخول (داعش) إلى بغداد خلال هجوم أبو غريب لسحب الثقة من قيادة العمليّات"، مؤكّداً أنّهم "اتهموا قيادة العمليّات بأنها مخترقة من الإرهاب، الأمر الذي يحُول دون إمكانيّة سيطرتها على الملف الأمني".
اقرأ أيضاً: انفلات أمني بديالى العراقية: انتشار للمليشيا وإغلاق الدوائر الحكومية
وأشار إلى أنّ "النواب يعملون حاليّاً على جمع كل ما يدين قيادة العمليّات ويطالبون باستجواب قادتها في البرلمان"، مؤكّداً أنّهم "طالبوا رسميّاً بتحويل الملف الأمني في العاصمة إلى وزارة الداخليّة".
من جهته، أكّد النائب عن التحالف الكردستاني حسن جهاد، "وجود جهود تبذل ومحاولات حثيثة لسحب الملف الأمني من عمليّات بغداد وإناطته بوزارة الداخليّة".
وقال جهاد، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخلل الأمني لا تتحمّل مسؤوليّته عمليّات بغداد، إذ إنّ الوضع السياسي والاجتماعي والمصالحة والتنافر السياسي والطائفيّة، كلّها ملفّات تؤثّر على الملف الأمني"، مبيناً أنّ "تلك الملفات إذا لم يتم حلّها فإنّ الملف الأمني لا حلّ له".
وأبدى المتحدث ذاته، استغرابه من "الانتقادت والمحاولات لسحب الملف من عمليّات بغداد"، مرجّحاً أنّ "تكون تلك التحرّكات سياسيّة لتحقيق مكاسب معيّنة من نقل الملف إلى وزارة الداخليّة".
بدوره، رأى الخبير السياسي فالح العبيدي، أنّ "كتلة المالكي هي الكتلة التي تتبنى هذا المشروع، كونها تعلم أنّ عمليّات بغداد تشكيل غير دستوري شكّله المالكي خلال فترة حكومته، وهي تحاول الاستفادة من هذه الثغرة بسحب الثقة عنها".
وقال العبيدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحويل الملف من عمليّات بغداد إلى وزارة الداخليّة، يعني تسليمه إلى (الحشد الشعبي)، وكما هو معروف، فإنّ وزير الداخليّة ينتمي إلى مليشيا (بدر) التي يتزعمها القيادي في (الحشد) هادي العامري"، مؤكّداً أنّ "الموضوع حساس وغاية في الخطورة ويجب منعه من قبل الجهات المسؤولة".
وأشار إلى أنّ "تسليم الملف إلى (الحشد) يعني عودة البلاد إلى الأحداث الطائفية التي وقعت خلال عامي 2006 و2007، والتي راح ضحيّتها الآلاف من المواطنين الأبرياء"، مبيناً أنّ "الحشد يحاول جاهداً الحصول على أحد الملفات الحساسة بكل الأحوال حتى ينفّذ أجندته الخاصّة ويحصل على تمويل رسمي وحصانة من القانون".
يشار الى أنّ رئيس الحكومة، حيدر العبادي، اتخذ أخيراً قرارات تحجيم دور "الحشد الشعبي" وتسريح 30% من عناصره، فيما يسعى قادته لرفع قرارات التحجيم محاولين الحصول على مكاسب وملفات حساسة.
اقرأ أيضاً: العراق: قلق من خروقات أمنية في المحافظات الجنوبية