العراق: قانون العنف الأسري المعطل يعود إلى الواجهة

31 مايو 2020
النساء أكثر عرضة للعنف المنزلي (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -
مجدداً، ومع تسجيل تصاعد ملحوظ في جرائم العنف المنزلي بمدن عراقية مختلفة، راح ضحيتها خلال الأشهر الماضية ما لا يقل عن 10 أشخاص غالبيتهم من الإناث، لا سيما الزوجات، بحسب تقارير صادرة عن الشرطة العراقية في بغداد ومدن مختلفة من العراق،
يعود الجدل حول قانون العنف الأسري الذي يراوح مكانه منذ سنوات في البرلمان، بسبب اعتراضات قوى سياسية دينية تعتبر أنّ القانون يشجع على التفكك الأسري ولا يمنح فرصة الصلح، وأنّه استنساخ لقوانين غربية، بسبب ما يتضمن من حق الابنة أو الزوجة بطلب حماية حكومية وتوفير مسكن ملائم لها، في حال تعرضها للعنف والأذى الجسديين أو ممارسة أيّ نوع من أنواع الانتهاك ضدها.
وسجلت الفترة الأخيرة في العراق، التي شهدت حظر التجول العام لمواجهة جائحة كورونا، أكثر من 300 واقعة عنف أسري، بحسب مسؤول بوزارة الداخلية العراقية قال لـ"العربي الجديد" إنّ ما لا يقل عن 10 أشخاص توفوا نتيجة ممارسة عنف مباشر ضدهم، منهم 6 زوجات وبنات من قبل أفراد بنفس الأسرة. واحتلت بغداد والبصرة وديالى وكركوك والنجف وبابل الصدارة في تسجيل حالات العنف الأسري التي طاولت الأطفال أيضاً.
واليوم الأحد، باشر ائتلاف من عدة منظمات محلية تحركاً نحو أعضاء في البرلمان لإعادة مسودة مشروع قانون العنف الأسري للواجهة مجدداً، بحسب الناشطة علياء علي، التي أوضحت لـ"العربي الجديد" أنّ عدة منظمات عقدت اجتماعاً في بغداد، اليوم الأحد، بغية وضع قانون العنف الأسري في جدول أعمال أولى جلسات البرلمان. وأكدت أنّ هناك كتلاً وأحزاباً دينية تعارض القانون وهي التي تعيق تمريره كونه يتضمن منح الفتاة، أو الزوجة، حق طلب المساعدة في حال تعرضها للعنف، وأيضاً بناء دار للمعنفات ومنحهن حقوقاً مالية تجعلهن مستقلات من دون أن يكنّ تحت رحمة أحد، مع مساعدتهن في إكمال الدراسة، أو التوظيف". أضافت علي، أنّ العنف الأسري الحاصل بسبب الأعراف والتقاليد" يجعل من الضحية مدانة حال الإفصاح عن مظلوميتها، ولا تستطيع الوصول إلى الجهات القانونية في بلد يعاني من انتشار التقاليد التي تجرّم المرأة في تلك الحالة، فيما مشكلة العنف الأسري توشك على التحول إلى ظاهرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد".

من جهته، قال الناشط الحقوقي عادل ياسين إنّ "العراق بات بحاجة ماسة إلى قانون يحمي الأرملة والمطلقة والمعنفة وكلّ من يوجد في بيئة عنف منزلي" مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنّ القانون منذ عام 2015 موجود في البرلمان ويرفضون تمريره.

في المقابل، قالت النائبة في البرلمان انتصار الجبوري، وهي أيضاً رئيسة لجنة الأسرة والطفل في البرلمان، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنّ هناك "رفضاً من بعض الأحزاب والكتل السياسية للقانون، تقول إنّه يؤدي إلى استقواء النساء على الرجال ويؤدي إلى تفكك الأسرة، وبصراحة لم يتم التصويت على القانون بسبب تلك الكتل".
وتابعت: "القانون لا يثبت أبداً استقواء المرأة على الرجل لأنّ الشريعة الإسلامية شريعة سمحاء وشريعة رافضة للعنف".
وقالت: "في الدورة السابقة، زرنا مراجع دينية في النجف وكربلاء، ولم يكن هناك أيّ رفض للقانون، بل على العكس كانت هناك رغبة في تشريع هذا القانون بسبب زيادة حالات العنف ضد النساء وضد الأطفال وضد الكبار". وتابعت: "المطّلع على هذا القانون يتبين له أنّه ليس لحماية المرأة إنّما لحماية الأسرة بأكملها: حماية الرجل وحماية المرأة وحماية الطفل وكبير السن والجدات وذوي الإعاقة. لا أعلم لماذا تمسّكوا بفكرة أنّ هذا القانون فقط للمرأة ويؤدي إلى استقواء المرأة على الرجل".
لكنّ النائب في البرلمان حسين العقابي قال، معترضاً على القانون، إنّ "هناك فقرة فيه أعطت السلطة القضائية حق سحب الابن من عائلته، أو البنت في حالة وجود شكوى منها".
وتساءل في حديث إلى "العربي الجديد": "هل من المعقول أن تخرج ابنتي من المنزل بسبب خلاف عائلي وتكون تحت يد الشرطة أو القضاء؟ هل سيكونون أحرص مني على ستر عائلتي؟ وبعد ذلك لا يسمح للأب بالتواصل مع أبنائه المعنفين، فيكون الباحث الاجتماعي الموظف هو الوسيط بين الأب وعائلته".
واستدرك: "هذه مواد قانونية شاذة وغريبة عن واقعنا المجتمعي العربي والعشائري والديني، وليست لها صلة بواقعنا. هذا ما هو موجود في قانون العنف الأسري مع شديد الأسف، والقانون يرتكز على هذه المواد، وسنبقى نرفضه على الإطلاق ولن نسمح بتمريره".
كذلك، اتهم العقابي بأنّ "هناك جهات تحاول أن تستثمر أيّ حالة في المجتمع، للترويج أنّها حالات عنف أسري".
المساهمون