العراق: الأحزاب الدينية تُقلّص حضور المرأة السياسي

01 ديسمبر 2014
يقدّر عدد النساء المطلقات والأرامل والقاصرات بـ3 ملايين(Getty)
+ الخط -
مشاكل كثيرة تنتظر المرأة العراقية في ظل تراجع حضورها السياسي أخيراً. تراجع تحدث عنه مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية في تقرير أصدره قبل فترة، قائلاً إن "دور المرأة السياسي في البلاد تراجع بشكل مقلق، وباتت مجرّد رقم في البرلمان مسلوبة الإرادة"، في إشارة إلى نظام الكوتا الذي يلزم مجلس النواب بتمثيل النساء بنسبة 25 في المائة. وأوضح التقرير أن "الصفقات السياسية التي رعتها الولايات المتحدة وأطراف إقليمية لتكوين حكومة شراكة وطنية، ركزت فقط على إرضاء الأحزاب الإسلامية من دون الالتفات إلى تلك الليبرالية والعلمانية والمدنية الناشئة، التي تم تهميشها بشكل ملحوظ". أضاف أن "الأحزاب الإسلامية أوصلت نساء لا صوت لهن إلى المجلس".

في السياق، يقول مدير المركز فلاح عبد الله العبيدي لـ "العربي الجديد" إن "تمثيل المرأة في الحياة السياسية انحسر بشكل واضح، حتى إنه تم استبدال بعض الشخصيات النسوية القوية بأخريات، لن يتمكنّ من المطالبة بحقوق النساء في البلاد". يضيف: "يلاحظ في العراق اليوم غياب الصوت النسائي القوي، واستمرار سيطرة الأحزاب والشخصيات الإسلامية التي ترى في صوت المرأة عورة، عدا عن جلبها الحظ السيء".

وتقدّر منظمة قوارير العراقية عدد النساء المطلقات والأرامل والقاصرات بأكثر من ثلاثة ملايين، يتركزن في الغالب بمناطق جنوب وشمال ووسط البلاد، وهن بحاجة ماسة إلى مساعدة مالية واجتماعية. في هذا الإطار، تقول رئيسة المنظمة أمينة أحمد عمر لـ"العربي الجديد" إن "النساء هن الحلقة الأضعف في الصراع الدائر في العراق اليوم، وقد ازداد الأمر سوءاً بعد تغييب صوتهن في الحكومة الحالية الجديدة".

تضيف: "الخطورة تكمن في القوانين التي يستعد البرلمان لإقرارها، مثل قانون الزواج والأحوال المدنية، الذي يسمح بتزويج الطفلة دون العشر سنوات، وقانون حقوق الميراث الذي لا ينصف المرأة، بالإضافة إلى قوانين أخرى مثل العمل والدراسة". وتلفت إلى أن "غياب النساء أمر خطير للغاية. صحيح أنهن ممثلات في البرلمان، لكنهن مسلوبات القوة والإرادة. وجودهن مرتبط فقط بنظام الكوتا الانتخابي".

في الآونة الأخيرة، ارتفعت نسب الانتحار بين النساء في مناطق جنوب وشمال البلاد، وفقاً لوزارة الصحة التي عزت الأمر إلى "قيود اجتماعية وقبلية وإسلامية متطرفة". في السياق، تقول النائب في البرلمان عالية نصيف لـ "العربي الجديد" إن "دور المرأة في الأحزاب والكتل السياسية لا يتناسب وإمكانياتها، ويقتصر على تمثيلها في الأمانات العامة للأحزاب والكتل. بالتالي، ليس لها دور في صناعة القرار، ما يعني أنها تقوم بعملها السياسي بجهود ذاتية من دون دعم حزبي. كل ذلك أدى إلى تحجيم عملها بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية".
وتوضح نصيف أنّ "النزعة الذكورية السائدة والعرف العشائري المهيمن، فضلاً عن سيطرة الأحزاب الإسلامية على المشهد السياسي بشكل عام، ساهمت في تراجع دور المرأة في صناعة القرار".

من جهته، يعترف نائب رئيس الوزراء صالح المطلك بتراجع بل وتحجيم دور المرأة في الحياة السياسية. يقول لــ "العربي الجديد": "لا يقتصر الأمر على الناحية السياسية فقط، بل الاجتماعية والاقتصادية والعلمية أيضاً، بسبب العنف والحرب الدائرة". يضيف: "يضم البرلمان الحالي 85 سيدة من أصل 328 نائباً. لكن يجب الاعتراف أننا ما زلنا متأخرين بل متخلفين بفعل الإرهاب والعنف وارتباك السياسات السابقة للدولة. هذا ليس تبريراً بل اعترافاً ومحاولة للإصلاح".

في المقابل، تقول الناشطة زينب حامد إن "المرأة نجحت في خرق المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أكثر من السياسية، بسبب النزعة الذكورية والعشائرية، فضلاً عن التدهور الأمني الذي لا يسمح للمرأة بالتنقل بحرية كما هو الحال بالنسبة للرجل، بالإضافة إلى سيطرة النزعة العشائرية على المجتمع، وظهور تيارات دينية متطرفة تعتبر المشاركة النسوية في العمل السياسي مخالفاً للتعاليم الدينية". تضيف "لولا نظام الكوتا الذي ضمنه الدستور العراقي لتمثيل النساء في البرلمان بنسبة 25 في المائة، لكان دور المرأة أكثر هامشية وأقل فاعلية مما هو عليه اليوم"، لافتة إلى أن "الكوتا كان بمثابة فرصة كبيرة لتغيير نظرة المجتمع إلى المرأة، ومحاولة إقناع شرائحه المختلفة بقدرتها على العمل في المجال السياسي".
المساهمون