العراق: أجهزة أمنية في أثر المدوّنين

12 مايو 2016
(اختراق حساب أحد المسؤولين العراقيين، تصوير: صباح عرار)
+ الخط -

رغم وجود عشرات القنوات الفضائية العراقية ومئات الصحف، إلا أن المدوّنين والناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، أصبحوا المصدر المحلي الأول لمتابعي الشأن العراقي المحلي. سمح هذا الفضاء للمدونين بالحديث من دون التقيّد بسياسات أو أطر تحدّدها صحيفة أو قناة، لكن ثمن الحقيقة باهظ في بلد يغصّ بالأزمات.

في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد"، يقول المدون مهند الغزي: "منذ مدة عرّف لي رجل نفسه كخبير اتصالات، يعمل مع أحد الفصائل المسلحة في تتبُّع حسابات "داعش"، وأكد لي أن بعض المهمات تكمن في تتبُّع المدونين".

يذهب الغزي إلى الحديث عن دور الجهات المتنفذة في ذلك: "بعض المسؤولين رفعوا قضايا ضد المدونين. كما حدث معي مثلاً؛ إذ حاول الناطق باسم "كتلة المواطن"، بليغ أبو كلل، رفع دعوى قضائية ضدي بسبب فيديو نشرته".

ويشير إلى أن "مصادر التهديدات التي يتعرّض لها المدونون متعددة، فهناك الكثير من حالات الخطف والاعتداء حصلت لمدونين أثناء التظاهرات مثلاً، بعض المعتدين ينتمون إلى جهات مؤيدة للحكومة، وبعضهم يعارضها".

من جهته، يروي الصحافي والمدون عليّ كيتو في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد": "بعد تظاهرات 25 شباط/ فبراير 2011، تعرّض كل من كان في ساحة التحرير إلى المراقبة والملاحقة من قبل جهات الحكومية، وهُدّدوا عبر حسابات وهمية في شبكات التواصل الاجتماعي". يضيف: "أما في عام 2014، تعرّضتُ إلى تهديد على قناة "العراق الآن". لكن الآن تغيرت اللغة، وأصبحت التهديدات تأتي بشكل مبطّن حين نكتب انتقادات بحق قادة تلك الأحزاب".

ويؤكد كيتو أن "القضايا التي تُقدَّم ضد شخصيات حزبية هي خاسرة بالتأكيد، أما القضايا التي تُقدَّم ضد جهات حكومية فلا سبيل لها إطلاقاً؛ ذلك لعدم امتلاك العراق لادّعاء عام مستقل، فلا توجد أية إجراءات ممكنة لإيقاف الملاحقة الحزبية والحكومية للمدونين لأنها تمتلك سلطة لا يحظى بها أي من المدونين المستقلين".

العلاقة بين الصحافة والتدوين قوية؛ فالكثير من المدونين امتهنوا العمل الصحافي والإعلامي، وأصبحت شبكات التواصل لهم تشكّل مساحة حرة يكتبون فيها ما لا يستطيعون كتابته في صحفهم وقنواتهم.

في هذا السياق، كان لـ "جيل العربي الجديد" حديث مع مدير "مرصد الحريات الصحافية"، زياد العجيلي. يقول: "أهمية التدوين على وسائل التواصل الاجتماعي كبيرة، فرغم عفويته أصبح من أكبر مصادر صناعة الرأي العام. ومخاطر التدوين في بلد غير مستقر مثل العراق، دفعت المدونين إلى استخدام أسماء حركية، أو مُختصرة، تخلو من المعلومات التعريفية، بهدف حماية أنفسهم".

يضيف العجيلي: "خاطبنا عدداً من الجهات المتهمة في مراقبة وتهديد المدونين، لكنهم دائماً ما يؤكدون أن هذه المضايقات أو التهديدات تأتي نتيجة اجتهادات وسلوكيات فردية".

"الصوت الواحد أقوى من الأصوات المنفردة" يتابع العجيلي، مؤكداً أهمية تأسيس نقابة أو مؤسسة للمدونين، يكونون هم القائمون عليها، بهدف متابع نشاطاتهم واحتياجاتهم ونقل أصواتهم وقت المخاطر والأزمات.

في ضوء ما جاء به مدير مرصد الحريات، يوضّح عضو "الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي" (انسم) عماد الشرع، طبيعة عمل الشبكة: "تمارس المؤسسة الضغوط على الجهات الحكومية في تشريع أو إلغاء قوانين تحدّ من حرية التعبير، أو نشر وتدوين الحقائق والفساد؛ وكذلك نثبت من خلال التقارير السنوية أو الشهرية، إلى جانب قيامنا بنشاطات تثقيفية حول مفهوم التدوين والمحتوى الرقمي".

المساهمون