الطبقة المطحونة وقود مظاهرات العراق: فقر وبطالة وفساد

بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
بغداد

سلام الجاف

avata
سلام الجاف
04 أكتوبر 2019
1BE94DB9-B67E-4F38-9FED-FD6CABA7EEB2
+ الخط -
يعزو مراقبون عراقيون تفجر الاحتجاجات في العاصمة بغداد ومدن عدة في جنوب البلاد، بشكل غير متوقع حتى للأجهزة الاستخبارية والأمنية، إلى ما اعتبروه تجاهلاً حكومياً لتحذيرات سابقة من أن تصاعد الفقر والبطالة واتساع الهوة الطبقية داخل البلاد، ستؤدي إلى انفجار الأوضاع وتفاقم السخط الشعبي.
ولليوم الثالث على التوالي واصل متظاهرون، أمس الخميس، الاحتشاد في العاصمة العراقية بغداد وذي قار وميسان وبابل والقادسية والبصرة والنجف وواسط، بشكل متفاوت بين مدينة وأخرى من حيث عدد المتظاهرين وطبيعة رد الفعل من قبل قوات الأمن عليهم، إلا أنها تحمل شعارات ومطالب متشابهة وإن اختلفت الصيغة أو التعبير.

وأكد مراقبون في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من 70 بالمائة من المتظاهرين هم من أعمار 18 إلى 30 عاماً، ومن الطبقة المطحونة بالمجتمع".
وأوضحوا أن الفقر والبطالة والفساد أبرز الأسباب التي دفعت الشباب إلى الاندماج في الاحتجاجات الشعبية الساخطة.

ويقول الخبير بالشأن العراقي علي فاضل اللامي: "إن أساس هذه التظاهرات اقتصادي خدمي، ونواة المتظاهرين وملح الاحتجاج الحالي هم الفقراء".
ويضيف اللامي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التظاهرات كانت متوقعة بعد تجريف منازل العشوائيات وتشريد الفقراء دون توفير الحكومة بديلا لهم ثم مطاردة أصحاب البسطات (أماكن لبيع السلع على الأرصفة) والباعة الجائلين، وأخيرا إهانة حملة شهادات الماجستير والدكتوراه الذين اعتصموا مطالبين بالوظائف وتم قمعهم بالماء الحار والضرب في مشاهد استفزت جميع العراقيين.

وتابع: "هذه كلها شرارات للاحتجاجات، والشارع ملّ من وعود 16 سنة بلا أي أمل، فالعراق دخل إليه أكثر من ألف مليار دولار في غضون عشر سنوات ومع ذلك لا ماء ولا كهرباء أو خدمات صحية ومدارس وبنى تحتية". وأكد أن "معدلات الفقر ارتفعت بشكل حاد والبطالة أثقلت الشارع والجامعات تخرج أفواجا سنوية بلا وظائف أو فرص عمل، وغير هذا كله قتلت الطبقية المجتمع، إذ تجد أحدهم يركب سيارة سعرها 100 ألف دولار وآخر لا يجد قوت يومه"، وفقا لتعبيره.

وحملت التظاهرات صوراً ولافتات وشعارات مختلفة، منها ما كان مميزا، مثل رفع رغيف خبز على شكل خارطة العراق، وأخرى رددها متظاهرون في بغداد، مثل "التغيير من عشوائيات الحسينية"، وهي منطقة في شمال شرقي بغداد تضج بالعشوائيات والفقراء، وأخرى مثل "فرص العمل حق للجميع".
عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة العاصمة العراقية بغداد سعد المطلبي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين غير سياسيين وغير مؤدلجين (ليس لهم أي انتماءات حزبية)، وهم عبارة عن شبان بلا عمل، يطالبون بحقوقهم"، وفقا لتعبيره. وأضاف "غير صحيح اتهام المتظاهرين بأنهم بعثيون أو مندسون ومحاولة تشويه الحقيقة، المتظاهرون خرجوا من أجل حقهم وهم في ضنك عيش".

ويبلغ إجمالي نسبة البطالة في العراق نحو 22%، وفقاً لوزارة التخطيط العراقية، في حين أكد نواب في البرلمان أنها تصل إلى نحو 40% في بعض المدن المحررة في شمال البلاد وغربها. وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن في شهر مايو/ أيار 2018، أن معدل بطالة الشباب في العراق يبلغ أكثر من 40%. 
واتهم رئيس لجنة الهجرة بالبرلمان العراقي، رعد الدهلكي، في تصريحات سابقة، الحكومات المتعاقبة بأنها لم تقدم مشروعات اقتصادية أو تجارية تخفف من حدة البطالة. ويضيف رئيس لجنة الهجرة أن "الحكومة أصبحت عاجزة عن تقديم الخدمات وتوفير الفرص للشباب. هناك عدة أعذار جاهزة لديها، منها الوضع الأمني، لكن دخول المنظمات وإطلاقها المشاريع دحض هذه الذرائع، في حين أن نشاطية هذه المنظمات تبين مدى معرفتها بخطورة البطالة وتفاقمها.

من جانبه، قال عضو التيار المدني العراقي، نافع الكيلاني، لـ"العربي الجديد"، إنه بإمكان الجميع الحكم على صور المتظاهرين من أي طبقة هم، مستدركا "ملابسهم وطبيعتهم وهيئاتهم تؤكد أنهم الطبقة الفقيرة ولا تريد غير حقوقها، وأتوقع أن مدخول أحدهم لا يتجاوز ثلاثة دولارات في اليوم".
وتابع "الكرة بيد الحكومة الآن، لكن للأسف الشارع لم يعد يثق بوعود اعتاد عليها منذ 16 عاماً ولم يحصد سوى الريح"، معتبرا أن الحل الوحيد في إخماد التظاهرات هو تغييرات حكومية سريعة وإطلاق حزمة مشاريع وإصلاحات تستهدف الطبقة الفقيرة التي تجاوز عددها أكثر من 30 بالمائة".

وذكر تقرير سابق نشره موقع "نومبيو"، المعني بمستويات المعيشة في دول العالم، أن ما ينفقه العراقي على الخدمات الحياتية الأساسية يصل إلى 107 دولارات في الشهر.
لكن مراقبين قالوا إن ما تضمنه التقرير حول معدل إنفاق الموطن العراقي شهرياً غير دقيق، لأن معدلات الإنفاق أعلى بكثير.

ويواجه العراق الغني بالنفط أزمات اقتصادية ومالية خانقة، أدت إلى زيادة العجز بالموازنة. وشهدت العديد من المحافظات في فترات سابقة مظاهرات شعبية ساخطة احتجاجاً على تدهور الخدمات وغلاء المعيشة وتفاقم البطالة، وقابلتها الحكومة بمسكنات وقتية، إلا أن الأزمات المعيشية تواصلت، ما دفع العراقيين إلى الخروج للشارع مرة أخرى.


ذات صلة

الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.
الصورة
عراقي يتحدى إعاقته (العربي الجديد)

مجتمع

لم يستسلم الشاب العراقي مصطفى إسماعيل (30 عاماً) المصاب بالشلل الرباعي لإعاقته، ولا للظروف المعيشية الصعبة المحيطة به، وتمكّن متسلحاً بالإرادة الصلبة من تحقيق حلمه في افتتاح مكتبته الخاصة، أخيراً، في شارع النجفي بمدينة الموصل.
الصورة
المهجر السوري سطام (عامر السيد علي)

مجتمع

تزداد مصاعب السوريين في شمال غربي البلاد، وكأن حرب النظام لا تكفيهم، بل تزيد الكوارث الطبيعية معاناتهم بعد رحلة التهجير القاسية، حتى باتت عائلات بكاملها مجبرة على العمل لأجل تأمين لقمة العيش، في ظل تدني الأجور وقلة فرص العمل، وتفشي الفقر.
الصورة
مخيم شاتيلا (العربي الجديد)

مجتمع

يشهد مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين حركية لا تخطئها العين خلال شهر رمضان، تزيد وتيرتها قبل موعد الإفطار، على الرغم من ضيق الحال ومظاهر الفقر والعوز.
المساهمون