الصيد في غزّة.. صديق الموت

14 مايو 2015
+ الخط -
ليس بالشيء الجديد أن تمارس إسرائيل انتهاكاتها بحقّ الفلسطينيّين في قطاع غزّة، ولكن ما يعدّ استخفافاً بشروط التهدئة الأخيرة هو قيامها بالاعتداء على الصيّادين في عرض البحر واعتقال عدد منهم بالإضافة إلى مصادرة مراكبهم. 

هذا على الرغم من أنّ اتفاق القاهرة الذي وُقّع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصريّة إبان الحرب الأخيرة على القطاع، في السّادس والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، يقضي بالسماح للصيادين بالصيد لمسافة 6 أميال بحريّة، إلا أن إسرائيل أبت أن تلتزم بشروطه، واستمرت في ملاحقة صيادي غزة.

وتحدّث صيّادون لـ"جيل العربي الجديد"، عن معاناتهم في رحلة الصيد وكيف تقوم اسرائيل باستهداف مصدر رزقهم الأوحد كون معظمهم لا يستطيع العمل بأي مجال آخر، فعلاقتهم مع البحر لا تقتصر على الصيد فحسب، فهناك ارتباط روحي في ما بينهم، وفق تعبيرهم.

لفت الشاب زيدان النّحال (22 عاماً)، إلى أن انتهاكات اسرائيل بحقّ الصيادين وتقليص المسافة البحرية المسموح الصيد بها أدّت إلى تراجع مستواهم المعيشي صيادين وعدد وأنواع السمك، قائلاً: "هناك أنواع لا نستطيع الآن اصطيادها خوفاً من إطلاق النّار علينا أو اعتقالنا في حال وصلنا إلى مسافات أكبر من تلك المتّفق عليها".

ويذكر النّحال أن والده كان قد استشهد خلال حرب 2014 على قطاع غزّة أثناء عودته من رحلة صيد، إلى جانب أن منزلهم قد تعرّض لتدمير جزئي بفعل قصف الطائرات الإسرائيليّة على مخيّم الشاطئ، شمال غرب غزّة. لافتاً إلى أنه "حالياً أعمل أنا وأخي التوأم بالصيد بدلاً من والدنا الذي كنّا نساعده لنصرف على عائلتنا المكوّنة من 9 أفراد، حيث لا يتجاوز قوت يومي أنا وأخي الـ40 شيكلاً".

فيما يعبّر الطفل عبّاس خواجة (13 عاماً)، عن سعادته في العمل كصيّاد منذ أن كان عمره 7 سنوات حين بدأ بمساعدة أحد الصيّادين إلى أن احترف المهنة معلّقاً: "البحر ليس للعمل فقط، بل للتنزّه والمغامرة، وخاصّة أنّني أتحدّى ممارسات الاحتلال بحقّنا وأرفض أن أرضخ لهم وتحذيراتهم. فالعمل بالصيد مقاومة حقاً".
ويُضيف خواجة: "أكره المدرسة ولا أريد أن أعود إليها، فلا معلّم يرحم ولا أرى للشهادة فائدة. الفائدة هنا أكبر وأوسع، كما إخراج المصروف اليومي وإعالة العائلة واجب، وإن كان التعب لا يوصف إلا أن المتعة تغلب عليه".

بينما يقول ناهض الهبيل (56 عاماً)، إنه يعمل في مهنة الصيد منذ أربعة عقود ويكاد يكون إطلاق النار من قبل جنود الاحتلال في عرض البحر عادة يوميّة. مضيفاً: "يُقال إن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير قضى بالسماح لنا بالإبحار مسافة الـ6 أميال بحريّة، لكن هذا حبر على ورق. فقوّات الاحتلال وضعت منطقة عازلة حدودها 5 أميال وعلى الرغم من هذا ما زالوا يلاحقوننا ويعتقلون البعض منّا للتحقيق معه ومصادرة شباكه وبعض قوارب الصيد الخاصّة به".

ويشير الهبيل إلى أنّ حوالي عشرة من الصيّادين يعملون على مركبه، إلا أن المركب بحاجة إلى سولار/ ديزل بقيمة 5000 شيكل (1200 دولار)، لليوم الواحد، ما لم يفِ باحتياجات العاملين به وتوفير القوت اليومي المطلوب لعائلاتهم.

وتزداد معاناة الصيادين مع استمرار الخروقات الإسرائيلية، حيث ارتكبت إسرائيل بعد توقف الهجوم الأخير على القطاع، 50 انتهاكاً بحقهم، كان آخرها قتل الصيّاد توفيق سعيد أبو ريالة بعد أن أطلقت قوّات الاحتلال النّار عليه أثناء عمله في عرض البحر يوم السّابع من نيسان عام 2015.

ويشير مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أن إسرائيل اعتقلت نحو 50 صياداً، وأصابت 17 آخرين، فيما استولت على 12 قارباً للصيد، وأتلفت معدّات الصيد في 9 مراكب أخرى، منذ انتهاء الهجوم الأخير.


(فلسطين)
المساهمون