الصحة السعوديّة غير قلقة من النقص في بنوك الدم

02 نوفمبر 2015
تطالب المستشفيات ذوي المريض البحث عن متبرّعين (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن وزارة الصحة السعودية هي الجهة الوحيدة التي لا تعترف بوجود نقص في فئات الدم في البنوك، وإن كان عدد من الأطباء يحذّرون من خطورة الأمر على المرضى، في ظل الاضطرار إلى إرجاء بعض العمليات.

في السعودية، تصل المواطنين يومياً رسائل نصية كثيرة تدعو إلى التبرع بالدم، بسبب النقص في معظم بنوك الدم في مختلف المناطق. وعلى الرغم من تطور هذه البنوك في المستشفيات السعودية، واحتوائها على معدات وآلات متطورة في مجال سحب الدم وفصله وفحصه وحفظه، إلا أنها تعاني من نقص حاد في عدد من الفئات، ما يؤدي إلى تأخير في إجراء العديد من العمليات الجراحية، حتى الضرورية منها، حتى في أكبر المستشفيات في البلاد. وتؤكد المسؤولة في بنك الدم في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، أن هناك نقصاً كبيراً، "وخصوصاً في تلك النادرة، مثل فصيلتي أو سلبي وإيجابي". تضيف أن البنك يحتاج إلى كمية كبيرة من هاتين الفصيلتين، لكنها غير متوفرة على الرغم من عشرات حملات التبرع في مختلف المناطق.

وفي ظل هذا النقص، تلجأ المستشفيات إلى الطلب من ذوي المريض البحث عن متبرعين وتأمين الدم قبل دخول غرفة العمليات. وتجد نفسها عاجزة عن إتمام هذه المهمة، علماً أنها تجري عشرات العمليات يومياً، ما يدفع أهالي المرضى للجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

على تويتر، تغريدات كثيرة تحث مواطنين على التبرع بالدم. في هذا السياق، اعترف مدير المركز الوطني لإنتاج الأمصال واللقاحات محمد الإحيدب بوجود أزمة، إلا أن وزارة الصحة المعنية بهذا الأمر ما زالت ترفض الاعتراف بالمشكلة لعدم رغبتها في "إحداث شوشرة حول الموضوع". ويؤكد أن كثيراً من المرضى تأثروا بشكل فعلي بهذا النقص، بينهم أطفال مصابون بأمراض مستعصية وغيرهم.

إلى ذلك، زاد استهلاك الدم في السعودية بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، نتيجة ارتفاع نسبة أمراض السرطان والنزيف أثناء الولادات، وأمراض الدم، وتنامي عدد السكان والإصابات، وارتفاع نسبة الحوادث. ويؤكد متخصصون أن وزارة الصحة لم تخطط جيداً للتعامل مع نقص الدم في السنوات المقبلة.

إلى ذلك، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن مدير عام بنوك الدم في السعودية قد استقال بسبب عدم قدرته على حل المشكلة ورفض الوزارة الاعتراف بها، على الرغم من خطورتها على حياة الآلاف من المرضى. فعلى الرغم من اعتراف عدد من المتخصصين بوجود نقص حاد، تصر وزارة الصحة على القول إنه ليس هناك مشكلة في توفير الدماء، من دون أن تقدم أي دليل أو تفسير لآلاف التغريدات التي تطلب من المتبرعين التوجه إلى المستشفيات من أجل التبرع بالدم لمريض قبل دخول غرفة العمليات.

اقرأ أيضاً: السعودية بين مواجهة الطائفية وحرية التعبير

من جهته، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة خالد مرغلاني، أن لدى الوزارة ما يكفي، ولا تشتري الدم من الخارج، وتعتمد على تبرع المواطنين والمقيمين في الداخل "تماشياً مع المرسوم الملكي الذي نص على وقف استيراد الدم من الخارج منذ عام 1985". يضيف أن هناك خطتين تعتمدهما الوزارة عاماً بعد عام لتوفير كميات الدم للمخزون الاحتياطي وللطوارئ. "وهذا ما تفعله الوزارة من خلال توفير الدم عن طريق خطة تشارك فيها جميع القطاعات الصحية".

إلى ذلك، يتهم الطبيب المتخصص في الفيروسات ماجد العسيري، وزارة الصحة بأنها لا تريد الاعتراف بوجود أزمة في بنوك الدم، علماً أن الواقع يشير إلى وجود نقص حقيقي في كميات الدم المتوفرة لدى البنوك في عموم السعودية. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن مشكلة نقص الدم في السعودية تعد قضية خطيرة وصعبة الحل على المدى القصير. وإذا لم تحل بشكل جذري، ستؤدي لاحقاً إلى كارثة صحية. يضيف أن فئات الدم المتوفرة في البنوك بالكاد تكفي للاستخدام اليومي. "لذلك، باتت المستشفيات تلزم المرضى بالتعويض، وترفض إجراء أي عملية إلا بعد توفير عدد من أكياس الدم في مقابل الدماء التي يتوقع استهلاكها في العملية، وهذا أمر خطير جداً".

وبحسب العسيري، لا يوجد في السعودية بنك دم مركزي أو وطني يمكن أن تلجأ إليه المستشفيات والمراكز الصحية عند الحاجة، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تفتقد لمثل هذا البنك، ما يضطر المستشفيات إلى الاعتماد على بنوكها الخاصة، والتي لا تكفي في الغالب.
وتجدر الإشارة إلى أن في السعودية 152 بنك دم، منها 15 بنك دم مركزي، و17 بنك دم رئيسي، بالإضافة إلى 120 بنك دم فرعي، تغطي جميع مناطق ومحافظات السعودية، وتسعى إلى توفر جميع احتياجات المرضى من الدم. وتؤكد الوزارة أن لديها نحو 9 آلاف وحدة دم، بيد أن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن تخزينها لمدة طويلة. فبحسب المعايير الطبية، يمكن تخزين الدم لمدة 40 يوماً فقط، إلا إذا أُريد فرز الصفائح أو تخزين البلازما.

اقرأ أيضاً: مشروع لتغطية صحيّة شاملة في الخليج
دلالات
المساهمون