السياسة الصحية الإسرائيلية تحوّل بيوت المسنّين إلى مصائد موت بفيروس كورونا

10 ابريل 2020
المسنون أكثر عرضة للموت بالفيروس (Getty)
+ الخط -
تواصل دولة الاحتلال مساعيها لمكافحة جائحة كورونا مع استمرار تحكم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزارة الصحة، بسياسة مواجهة المرض في ظل ارتفاع حالات الوفاة بشكل كبير في أوساط المسنين، ولا سيما الذين يعيشون في بيوت لرعاية المسنين وأبراج السكن المحمي. 

وبيّنت الإحصائيات الرسمية، أن أكثر من خمسين بالمائة من الذين توفوا بجائحة كورونا هم من المسنين الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين عاما.

لكن إصرار وزارة الصحة الإسرائيلية، حتى أمس، على عدم التدخل فيما يحدث في بيوت المسنين وما يسمى بمراكز السكن الآمن، حيث يعيش المسن في برج سكني مقابل رسوم شهرية تؤخذ من راتبه التقاعدي، ومبالغ باهظة تدفعها العائلة، أثار موجة غضب لدى عائلات المسنين، بعد أن تحولت مراكز الرعاية وبيوت المسنين ومجمعات السكن الآمن إلى مصائد موت وبؤر للإصابة بفيروس كورونا.

وأعلنت وزارة الصحة أن 26 من بين 92 من الأموات في إسرائيل هم من بيوت السكن الآمن للمسنين، وقد تبين أن مركز الإصابات في أربع مؤسسات من هذا النوع، أكبرها شبكة مراكز للمسنين تدعى مشعان، والتي لها فرعين في بئر السبع، إذ سجلت أعلى حالات وفاة (13 حالة) في حولون حيث يعيش نحو 500 مسن، ويفنيئيل ونوفيم في القدس المحتلة ومركز مشابه في ريشون لتسيون.

وعلى مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، منذ تسجيل أول وفاة في هذه المراكز، رفضت وزارة الصحة الإسرائيلية أي تدخل فيما يحدث، ومنعت، حتى مساء أمس، أن يتم إجراء فحوصات للكشف عن الأمراض في صفوف آلاف المسنين، الذين تركوا شققهم وانتقلوا للسكن في مثل هذه الأبراج، التي لقيت في السنوات الأخيرة رواجا، خاصة في صفوف اليهود الأشكناز الميسورين، بالرغم من نداءات واحتجاجات عائلاتهم على ترك هؤلاء لمصيرهم.

وشكل يوم الأربعاء نقطة تحول بعد أن توفي بالمرض أحد سكان بيت المسنين الخاص "مشعان" في بئر السبع، وتبين أنه كان من أوائل المستوطنين اليهود الذين أسسوا مدينة بئر السبع بعد النكبة وبعد طرد سكانها العرب الفلسطينيين، ويدعى شمعون ريزلبير، 97 عاماً، بعد أن رفضت وزارة الصحة إجراء فحوصات طبية له للكشف عن المرض، على غرار عشرات آخرين في هذه المساكن وبيوت الرعاية.

واتهم حفيد ريزلبير ويدعى أورن، بحسب ما أورد موقع "يديعوت أحرونوت"، أمس الأول، دولة الاحتلال بأنها لم تقف عند منع الفحوصات عن المسنين، بل اتهمها صراحة بأنها حولت هذه المراكز إلى "معسكرات موت" برعاية الدولة على غرار معسكرات الإبادة النازية.

وسبقت هذه الاتهامات احتجاجات لعائلات المئات من هؤلاء المسنين في المراكز المذكورة، ما دفع وزارة الصحة الإسرائيلية إلى الإعلان مساء أمس عن قرارها ببدء إجراء الفحوصات للكشف عن الإصابة بمرض كورونا في صفوف المسنين، وأطقم العمل المرافقة في هذه المراكز، من ممرضين وعاملين اجتماعيين وعمال صيانة ونظافة، ممن تتجاوز أعدادهم الألف شخص على الأقل، معرضين لخطر الإصابة بالمرض.

وتشكل هذه المراكز، التي تحولت إلى حل مأمول عند آلاف المسنين في إسرائيل، ولا سيما من الأشكناز الغربيين، بفعل نمط حياتهم وعدم معيشتهم عادة مع أبنائهم أو على مقربة منهم، اليوم، إحدى بؤر انتشار فيروس كورونا، خاصة لكونها مؤسسات تابعة للقطاع الخاص، وتقوم على مبدأ الربح، وهو ما فسر تلكؤ أصحاب الشركات المشغلة لهذه المؤسسات في ضمان أدوات واحتياجات الوقاية الصحية الأساسية، مثل الكفوف الواقية والكمامات، ناهيك عن إلزام الممرضين والعاملين فيها، بحسب ما أفاد ممرض عربي يعمل في برج سكني "آمن" للمسنين في منطقة تل أبيب لـ"العربي الجديد"، بأن يراجعوا ويقدموا الخدمات لأكثر من شخص والتنقل بين سكان هذه الأبراج، حتى ممن فرض على بعضهم الحجر الصحي.

ونقل تقرير لـ"هآرتس"، أيضاً، عن ابنة أحد المتوفين في الجائحة، أن إدارة المسكن الآمن الذي انتقل إليه والدها، منعتها وباقي أقرباء المسنين في المركز من الزيارة، أو حتى نقل والدها للمستشفى قبل أن تتدهور صحته بشكل كبير ويلقى حتفه بعد أيام قليلة.

وعلى الرغم من مطالبة عائلات هؤلاء المسنين بإجراء الفحوصات الطبية لهم، وإخراجهم من المراكز التي باتت موبؤة بالمرض، إلا أن وزارة الصحة الإسرائيلية منعت ذلك، وفقط بعد أن تبين أن 30 في المائة من الموتى بفيروس كورونا جاءوا من هذه المراكز، وفي ظل تهديدات برفع شكاوى والتوجه للمحكمة الإسرائيلية لإلزام الوزارة بإجراء الفحوصات، أُعلن الخميس عن بدء إجراء هذه الفحوصات، فيما قالت الإذاعة الإسرائيلية، الجمعة، إن مئات الجنود سيقومون بمهام إجراء الفحوصات، وتنظيم الجوانب اللوجيستية لهذه العمليات، وإن رئيس حكومة الاحتلال يدرس إلقاء مسؤولية إجراء الفحوصات في هذه المساكن على جنود قيادة الجبهة الداخلية. 

المساهمون