ووفقا لآخر الأرقام الرسمية للشرطة قبل نهاية 2018، فإن السلطات استطاعت ضبط أكثر من 800 سلاح ناري واعتقلت حوالي 299 شخصاً من المشتبه بهم في جرائم خطيرة، وهي زيادة كبيرة مقارنة باعتقالات 2017، حيث لم يجر توقيف سوى 58 شخصا.
وحملت سنة 2018 حصيلة ثقيلة من حيث أعداد ضحايا إطلاق النار، في سياق حرب عصابات على أسواق المخدرات والممنوعات. وبحسب ما يذكر خبير العصابات في شرطة استوكهولم لتلفزيون بلده، غونار أبلغرين، فإن من قتلوا في هذه السنة هم 44 شخصا "وهي زيادة كبيرة تفوق كل الأعوام السابقة، رغم كل الإجراءات والجهود المبذولة وتشديد قوانين السلاح لمحاربة جرائم العصابات". ويذكر أبلغرين أن "ما يحدث أمر يذكر بحالة حرب".
ولم تسلم العاصمة استوكهولم من هذا العنف، رغم الجهود والصرامة التي بدأت تظهرها شرطة جرى التهكم عليها كثيرا في أوساط الشبان المهاجرين على أنها "شرطة قطط"، لمساعدتها في إنزال قطط صغيرة من أعالي الشجر أو انتشالها من حفر عميقة أو فتح الطريق أمام البط العابر للطرقات. وفي منطقة استوكهولم، شهد عام 2018 مقتل 11 شخصا بالأسلحة النارية.
وبالرغم من تلك الحصيلة، تقول الشرطة السويدية إنها استطاعت في ضواحٍ شمالية من العاصمة، التخفيف من حرب العصابات بين مجموعات محلية، وتحديدا في منطقة رنكبي.
أحد المهاجرين القدماء، والعامل في الحقل الاجتماعي بين مهاجري الضواحي يذكر لـ"العربي الجديد" أن "جهود الشرطة أدت لتكشيرها عن أنيابها بعد أن وصلتها ترجمة لما يقال عنها إنها (شرطة قطط)، وصارت تفهم تلك الإشارات، فأظهرت لأفراد العصابات وجها مختلفا".
وفي حصيلة رسمية لنتائج عمل الشرطة في رينكبي، استطاعت الشرطة وقف حرب عصابتين محليتين "شوتز" و"دورية الموت"، بتوقيف أعضاء فيهما وتلقيهم أحكاما قاسية بالسجن لسنوات بتهم حيازة السلاح والاتجار بالمخدرات.
من جهة ثانية، يؤكد خبير العصابات في شرطة استوكهولم، غونار أبلغرين، أنه "من السابق لأوانه استخلاص النجاحات، فهذا سيحتاج لنحو 3 إلى 5 سنوات".
أساليب دنماركية لمواجهة الجريمة
وانتهجت الشرطة السويدية في عاصمتها، استوكهولم، أساليب دنماركية للسيطرة على قوة وانتشار عصابات شبان مهاجرين. فانتشار دوريات الشرطة أكثر وضوحا، بالإضافة إلى فرض مناطق تفتيش للأشخاص والمركبات واستهداف أشخاص محوريين في عالم الجريمة وجمع أدلة ومعلومات استخبارية من المناطق، ونصب كاميرات مراقبة وتنصت على الهواتف في بقع بيع المخدرات، ما ضيق الخناق على العصابات.
دوريات الشرطة تستوقف المارة وتفتشهم (ناصر السهلي) |
وفي تبنٍ لأساليب الجارة الدنمارك لمكافحة الجريمة المنظمة، وخصوصا إثر استهداف الأخيرة، منذ صيف العام الماضي، مجموعات عصابات روعت ساكني ضاحية نوربرو في كوبنهاغن، بتفكيك أكبر مجموعاتها "لويال تو فاميلي"، واعتقال وسجن قادتها والتمهيد لإبعادهم عن البلد، حتى لو ولدوا فيه، كما الحال مع زعيم تلك العصابة، الباكستاني الأصل، صهيب خان، فإن السلطات السويدية تتجه لخلق تعاون بين مختلف أجهزتها وسلطاتها لمواجهة الجرائم.
ويتوقع أن تشرع استوكهولم في بداية العام الجديد 2019 بإنشاء شبكة تعاون تشمل الشرطة والبلديات ووكالات الضرائب والجرائم الاقتصادية "لملاحقة استثمار أعمال وأموال الجريمة في تبييض الأرباح من خلال تأسيس شركات واجهة، وسيتطلب أيضا تعاونا بين مستوى العمل الاجتماعي المحلي ومساندة الأسر وأطفالها حيث تنتشر مخاطر الجريمة"، وفقا لما يشدد عليه الخبير الشرطي أبلغرين.
وحتى 27 ديسمبر/كانون الأول الحالي قتل 44 شخصا، وبينهم شبان صغار في ضواح يعيش فيها أفراد من جنسيات مختلفة، بمن فيهم العرب، امتدادا من أحد ضواحي أوبسالا شمالي استوكهولم إلى مناطق وضواحي مالمو وغوتيبورغ في الجنوب، وتعد حصيلة ثقيلة في بلد اسكندينافي إذا ما أضيفت إلى حصيلة العام كما شهدت العاصمة السويدية، نحو 100 حادث إطلاق نار، أي حادثة إطلاق نار كل ثلاثة أيام على مدار العام 2018، وبحصيلة 11 قتيلا وجرح نحو 50.
ثقافة الصمت
وعانت الشرطة السويدية خلال الأعوام الثلاثة الماضية مما تسميه "ثقافة الصمت" المنتشرة في بيئة المهاجرين، إذ لم تكن تحصل على شهود ومعلومات، حتى في قضايا أفضت إلى قتل مراهقين لا علاقة لهم بما يجري، وبينهم شبان يتابعون دراستهم ولا علاقة لهم باحتراب العصابات وجرى تصنيف مقتلهم بـ"الخطأ"، وفقا للتقارير الشرطية التي تعرف خلفيات الضحايا عادة.
ورغم أن عدد القتلى في محافظة استوكهولم انخفض عن عامي 2016 و2017، إلا أن مدير البحث الجنائي في استوكهولم، كريستوفر فيديلين يحذر من التطورات السلبية؛ "حيث بتنا نرى شبانا أصغر سنا يحملون السلاح الناري".
واستحدثت الشرطة السويدية وحدة شرطية خاصة لمكافحة انتشار السلاح والجريمة المنظمة باسم "ماكس". وتهدف هذه الوحدة، وفقا لفيدلين، إلى تخفيض حوادث إطلاق النار ومصادرة السلاح؛ "فنحن نعرف طبيعة الصراعات بين المجموعات (العصابات) في منطقة استوكهولم، ونجتهد لوقف تطورها نحو الأسوأ".
وتشير الشرطة السويدية إلى أن حرب العصابات في مجملها تدور حول مناطق نفوذ بيع المخدرات والأعمال الجنائية، والاختلاف على الجرائم التي ترتكبها مختلف المجموعات بانتهاج سياسة انتقام من بعضها باستخدام السلاح الناري، وأحيانا المتفجرات كما يحدث في مناطق جنوبي البلد.