السوريون في 2016..غلاء جنوني وسط انهيار الليرة وإغلاق الحدود

03 يناير 2016
سوق سلع في دمشق (Getty)
+ الخط -
تتحالف مجموعة من الأسباب لتزيد من معاناة السوريين المعيشية لتضاف إلى القصف اليومي الذي يمارسه الطيران الروسي المتحالف مع نظام بشار الأسد. ويقول خبراء إن أسعار المواد الغذائية وصلت درجة من الغلاء أصبح  من غير الممكن شراؤها مع انهيار سعر الليرة.

تحالفت المسببات على سوريي الداخل، من صقيع ضرب بعض الموسم وتصدير منتجات لروسيا الاتحادية لكسب ودها السياسي والعسكري، مع سيطرة المعارضة على المعابر الحدودية وشبه شلل للاستيراد، ليأتي تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، إلى أدنى مستوى على الإطلاق، ليكمل على قدرة السوريين الشرائية، بعد أن شاعت "الأسعار الدولارية" وبات ربط حتى المنتج السوري بالعملة الأميركية، سمة الأسواق السورية.


ويقول المهندس الزراعي يحيى تناري: أثر انخفاض درجات الحرارة بسورية إلى الناقص 4 مئوية سلباً على إنتاج الخضروات والفاكهة، فتسبب بتوقف النمو الخضري وإهلاك ما بين 60-70 % من الإنتاج، ما أثر على كمية العرض في الأسواق، الأمر الذي رفع، حتى أسعار المنتجات الموسمية الشتوية إلى مستويات غير مسبوقة.

اقرأ أيضاً: إعادة إعمار الوطن العربي

وأضاف المسؤول السابق بمديرية زراعة ادلب شمال غرب سورية: يأتي سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على محافظات شمال شرق سورية، التي تعتبر الخزان الغذائي للبلاد، سبباً إضافياً لتراجع المنتجات بالأسواق، وخاصة بعد قطع الطرق بين مناطق سيطرة "داعش" والمحافظات المحررة الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر.

وفي حديث خاص لـ"العربي الجديد" أكد المهندس تناري أن النظام السوري يحاول كسب شركاءه بالحرب عبر تصدير المنتجات الزراعية، فبعد تصدير الحمضيات والخضار، ارتفعت أسعار بعض المنتجات بمناطق سيطرة الأسد، بأكثر من 200%، فسعر كيلو الكوسا وصل نحو 800 ليرة سورية والبندورة 400 ليرة والباذنجان 450 ليرة سورية للكيلو الواحد.

وحول الإنتاج المتوقع في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لموسم وصف سابقاً بالوفير، يختم تناري: إنتاج الزيتون هذا العام، هو الأعلى منذ 5 سنوات، كما تشير تقديراتنا أن الإنتاج المتوقع لمادة البطاطا في المناطق المحررة حوالى (130- 150) ألف طن تقريياً والتي تعتبر المحصول الأساسي إضافة إلى باقي الخضار الأخرى والتي تقدر بحوالى (30- 40) ألف طن تقريبياً.

اقرأ أيضاً: التصدير إلى روسيا يرفع الأسعار في سورية

وقفزت أسعار السلع والمنتجات بالأسواق التركية بنسب فاقت الـ 50% لبعض السلع المحلية وأكثر من 30% للمواد المستوردة بحسب ما أكدت السيدة "حنان" من دمشق.

ووصفت حنان الأسعار بدمشق بـ"الكافرة والكل يتذرع بالدولار" فسعر علبة السمنة النباتية ارتفع إلى 750 ليرة وكيلو زيت الزيتون إلى 1500 ليرة والأرز إلى 400 ليرة ووصل سعر كيلو السكر لنحو 275 ليرة سورية في حين لم يزد عن 200 ليرة قبل أسابيع.

من جهته قال الصحافي صبري عيسى: لم أصدق الرقم المعلن عن سعر كيلو الكوسا اليوم في أحد ( مسالخ الخضار) في السوق التجاري في ضاحية قدسيا، وهو 850 ليرة سورية للكيلو الواحد، ومكتوب عليه (كوسا مال بانياس) وكذلك بندورة مال بانياس بـ 400 ليرة سورية، وباذنجان مال بانياس بـ 400 ليرة سورية.

اقرأ أيضاً: حدود الأردن الشمالية.. من رئة اقتصادية إلى بؤرة للقلق

ويضيف عيسى متهكماً: فكرت أن أتصوّر (سيلفي) مع الكوسا والباذنجان والبندورة، لكنني لم أجرؤ خوفاً أن يطالبني صاحب المحل بأجر لا أستطيع دفعه ونحن في الأيام الحرجة من الشهر.


ولم يقتصر ارتفاع السلع والمواد الغذائية على مناطق سيطرة النظام السوري، بل طاول المناطق المحررة، وإن بنسب أقل بحسب ما يؤكد لـ "العربي الجديد" الناشط الإغاثي محمود عبد الرحمن من إدلب.

ويقول عبد الرحمن: منذ ارتفاع أسعار الوقود، الشهر الفائت، وبعد موجة الصقيع التي ضربت المنطقة، تضاعفت الأسعار بما فيها المنتجة محلياً، فسعر برميل المازوت ارتفع من 20 ألف ليرة إلى نحو 35 ألف "نحو ألف دولار" وارتفع سعر اسطوانة الغاز من 5500 ليرة لنحو 6200 ليرة، لترتفع بالمقابل أسعار الخضار والفواكه.

اقرأ أيضاً: مصر: تجديد حبس رجل الأعمال حسن مالك للمرة الخامسة

وفيما اعتبره مراقبون، هروباً من تحمل مسؤولية حكومة بشار الأسد من توفير السلع والمنتجات وضبط أسعارها، تراجع دخل السوريين الذي أكله التضخم إلى ما دون 100 دولار. وقال مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق، عدي الشبلي، إن البضائع المستوردة تقوم بتحديد سعرها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أما المواد الأخرى فيتم تسعيرها وفق بيان الكلفة المقدم من المنتج "المواطن على حق لجهة الغلاء وارتفاع الأسعار وتأثير هذا الأمر بشكل مباشر في حياته المعيشية لكننا نعيش أزمة وظروفاً استثنائية".

ووصلت مطالبات السوريين، بعد جنون الأسعار لإغلاق جمعية حماية المستهلك ووقف التصدير للخارج وهو ما عدّه معاون وزير التجارة الداخلية لشؤون حماية المستهلك جمال شعيب "مطالبات بإغلاق مديريات حماية المستهلك ليست في مكانها" بل تحمل الكثير من الظلم لعمل وأداء هذه المديريات التي تقوم بواجباتها المطلوبة منها ضمن الإمكانات المتاحة وفي ظل ظروف استثنائية.

وأضاف المسؤول السوري عبر تصريحات إعلامية، أن العمل الرقابي لا يقتصر فقط على مراقبة الأسعار وتغيراتها بل يشمل أيضا مراقبة الأسواق لجهة الغش والتزوير من خلال سحب العينات ولعل العدد الكبير في أرقام الضبوط المسجلة لدى مديريات حماية المستهلك في المحافظات خير دليل على العمل المتميز الذي تقوم به هذه المديريات والذي يصب أخيراً في مصلحة المواطن.

اقرأ أيضاً: إرجاء محاكمة 13 مسؤولاً بوزارة الزراعة المصرية متهمين بالرشوة

وأشار شعيب إلى وجود الكثير من الأسباب والعوامل التي تلعب دوراً هاماً ومحورياً في ارتفاع الأسعار منها على سبيل المثال سياسات الاستيراد وارتفاع أجور النقل والشحن والرسوم مشدداً في الوقت ذاته على أن العمل الرئيس للوزارة هو ضبط الأسعار وليس تخفيضها وهذا ما تقوم به مديريات التجارة الداخلية.


ويرى مراقبون أن الأسعار في سورية لم ترتفع قياساً للسنوات السابقة، إذا ما قسنا الأسعار على أي عملة عدا السورية "وكل ما في الأمر شبه انهيار تعيشه الليرة السورية".

ويقول المحلل المالي علي الشامي: لم تفلح السلطات النقدية في سورية باستعادة قيمة الليرة السورية، رغم المحاولات النفسية والسياسية والاقتصادية "والتي كان آخرها الأسبوع الفائت عبر ضخ خمسين مليون دولار بالسوق عبر شركات الصرافة، ولكن سرعان ما امتص السوق العطش الدولارات وعاد سعر الصرف لعتبة 400 ليرة للدولار".

وتوقع الشامي خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، مزيداً من تراجع سعر صرف الليرة بالفترة المقبلة "ستصل فيما لو تراجعت عنها القبضة الأمنية وملاحقة شركات الصرافة لنحو 500 ليرة للدولار" ما يعني تراجع القدرة الشرائية للسوريين الثابتة دخولهم، وزيادة نسبة الفقر التي نافت 70% من السوريين؟

اقرأ أيضاً: "معاً للحريات النقابية" ترفض التضييق على النقابات المستقلة
المساهمون