السودان يسعى للحد من أضرار العمالة العائدة من السعودية

26 يوليو 2017
عودة المغتربين يزيد معاناة الاقتصاد السوداني (الأناضول)
+ الخط -
أصبحت العمالة السودانية حائرة بين المعاناة من الغلاء وزيادة الأعباء المعيشية، بعد فرض السعودية رسوما على الوافدين من جانب، وبين شبح البطالة الذي ينتظرهم حال عودتهم إلى وطنهم من جانب آخر.
وحسب محللين اقتصاديين لـ"العربي الجديد"، سيؤدي إجراء عودة نحو 47 ألف سوداني عامل من السعودية إلى تداعيات سلبية على اقتصاد البلاد المتأزم، بالإضافة إلى آثار مجتمعية خطيرة.
وتوقّع مصدر مسؤول في وزارة تنمية الموارد البشرية استكمال عودة العائدين من السعودية نهاية الأسبوع الجاري، مرجحاً مزيداً من عودة العمالة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه الوافدين في السعودية، بعد زيادة الرسوم وفرض ضرائب عليهم.

وأرجع المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عودة السودانيين من السعودية إلى السودان، لسببين: الأول هو عودة المخالفين الذين دخلوا إلى المملكة بدون إجراءات رسمية، مقدّراً عددهم بأكثر من 10 آلاف سوداني استجابوا للمهلة التي منحتها لهم الرياض لتسجيل أسمائهم والعودة الطوعية من دون شروط مسبقة أو أية إجراءات ضدهم، عاد منهم حوالى 5 آلاف حتى الآن. وأضاف أن السبب الثاني هو قرار السعودية الخاص بفرض ضرائب ورسوم على الراتب، والتي قد تؤثر على بعض الأجانب المقيمين بطريقة رسمية، مما يشكل عبئا على المغترب.

ورسمياً، أعلنت السعودية عن البدء بتطبيق فرض رسوم على العمالة الأجنبية ومرافقيها، اعتبارا من يوليو/تموز الجاري، بواقع 100 ريال سعودي (26.6 دولارا) عن كل مرافق. ويرتفع الرسم الشهري عن كل مرافق إلى 200 ريال (53.3 دولارا) العام المقبل، و300 ريال (80 دولارا) في العام اللاحق له، و400 ريال (106.6 دولارات) بحلول 2020.
ورأى المسؤول أن تلك الإجراءات ستؤثر سلبا على قطاعات كبيرة من السودانيين وتفرّق شمل عائلات كثيرة، بالإضافة إلى أنها ستلقي أيضا بظلال سالبة على سوق العمل السوداني، في وقت يشهد فيه الاقتصاد السوداني تدهورا كبيرا، ارتفعت خلاله أسعار السلع والمنتجات، وتدهورت فيه العملة المحلية.
وحسب تقديرات غير رسمية، يبلغ عدد السودانيين العاملين في السعودية وأسرهم نحو 3 ملايين شخص، وتقدّر تحويلاتهم السنوية ما بين 4 و5 مليارات دولار.

وقال المحلل الاستراتيجي المقداد خالد لـ"العربي الجديد"، إن أكبر السلبيات لعودة السودانيين هو تفاقم البطالة، مشيراً إلى أن الحكومة أقرت بأنها تواجه صعوبات في التوظيف، وأن آخر إحصائية لوزارة تنمية الموارد البشرية كشفت عن وجود 800 ألف خريج جامعي عاطل عن العمل، وبالتالي سيواجه العائدون صعوبات في عملية التشغيل. وتبلغ نسبة البطالة في السودان، وفق أرقام رسمية، نحو 19 % حتى نهاية العام الماضي 2016.
وطالب خالد الحكومة بعمل مسح لسوق العمل، لمعرفة الوظائف المتاحة لإدماج العائدين في سوق العمل، ولا سيما في المجالات التي لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة.

ويرى خالد أن السلبيات ستتحول إلى إيجابيات في حالة استغلال الحكومة للعائدين بصورة جيدة، حيث سيرفدون سوق العمل بتخصصات حرفية وفنية وخبرات عالية من خلال عملهم في السعودية، كما يمكن زيادة المشاريع الصغيرة في هذا الإطار.
الخبيرة الاقتصادية إنصاف العوض قالت لـ"العربي الجديد" إن عودة السودانيين من السعودية ستفرز آثارا اجتماعية لدى الأسر التي ستفترق عن عائلها، موضحة أن 90% من العائدين هم أسر وليسوا موظفين. وأضافت العوض أن السودان سيستفيد من العمالة العائدة على المدى البعيد في العديد من المجالات، مشيرة إلى أن بعض المغتربين أصيبوا بمرض التكتيف المجتمعي، حيث انقطعت علاقتهم بأهلهم في السودان وأرهقتهم الحياة الصعبة في السعودية، فتقلّصت إيرادات العمالة الوافدة خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي حدثت ضغوط على اقتصاد البلاد. وأكدت العوض أن الحكومة عليها رصد التداعيات الاقتصادية والمجتمعية المترتبة على عودة العاملين من السعودية بدقة، وطرح حلول واقعية لعلاجها من خلال خطط ببرامج زمنية محدّدة.

وكان الأمين العام لجهاز شؤون السودانيين العاملين في الخارج، كرار التهامي، كشف بداية الأسبوع الجاري عن عودة 47 ألف سوداني يعملون في السعودية. وأكد كرار أن 33 ألف سوداني من إجمالي العائدين من مدينة الرياض و14 ألفاً من جدة، يمثل العمال والحرفيون 60% منهم، سيرجعون مع الاحتفاظ بحق العودة لأعمالهم في السعودية حال توفيق الأوضاع.




المساهمون