السودانيون في الطوابير: نقص في الوقود والخبز... وأزمة سيولة

19 ابريل 2019
نقص في العديد من السلع (فرانس برس)
+ الخط -
تشهد أسواق الخرطوم انخفاضاً طفيفاً في أسعار السلع الضرورية رغم ندرة بعض الأصناف، إلا أن ذلك لا ينعكس ارتفاعاً في الحركة التجارية، مع استفحال أزمة السيولة التي تضغط على القدرة الاستهلاكية للمواطنين. 

ويرد التاجر اسحاق عبد الرحمن تراجع الأسعار إلى ندرة توافر النقود في يد السودانيين، والركود الذي أصاب الحركة الاقتصادية خلال الفترة الماضية، نافياً لـ "العربي الجديد" أن يكون سبب ذلك وفرة المعروض، "إذ يضطر التجار إلى البيع بسعر التكلفة لتصريف البضائع".

ورغم انخفاض سعر جوال السكر زنة خمسين كيلوغراماً إلى 1400 جنيه بدلاً من 1800 جنيه، لكن حركة الشراء لا تزال ضعيفة، ويقول التاجر الزين ابراهيم إنه "إذا أرادت الحكومة للسوق أن تنتعش فعليها بتوفير النقد في الصرافات والبنوك وتشديد الرقابة على الأسواق حتى لا ترتفع الأسعار".

ومع تطمينات المجلس العسكري الانتقالي في السودان بوجود مخزون من الوقود يكفي حتى مايو/ أيار المقبل، إلا أن محطات الوقود بدأت تشهد ازدحاماً كبيراً في جميع أوقات النهار.

كما أغلق بعض المحطات أبوابه أمام الزبائن. ويقول أحد العاملين في محطة وقود في الخرطوم لـ "العربي الجديد" إن الكميات المستلمة من المصفاة بدأت تتناقص، كما أن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي من الأسباب التي جعلت بعض المحطات يغلق أمام الجمهور، ما تسبب في ازدحام أمام بقية المحطات الرئيسية في مدن ولاية الخرطوم.

وأقر المهندس حسب النبي موسى، وكيل وزارة الموارد المائية والكهرباء، في تصريح صحافي الخميس، بضعف التوليد الحراري والمائي ولم يطمئن المواطنين باستقرار التيار الكهربائي.

وقال: "سنعمل على تقليل القطوعات". وأرجع سبب التقنين إلى منسوب نهر النيل المنخفض في هذه الفترة من العام في السودان وإثيوبيا، مما أثر سلباً على مستوى التوليد المائي وأضعف الإمداد من الربط الإثيوبي.

ولكن المواطن إسماعيل بابكر يقول إن هنالك أزمة حقيقية في الوقود أفرزت هلعاً وسط المواطنين ولم يتم حلها جذرياً من قبل الحكومتين السابقة والحالية. ويلفت إلى أن حديث المجلس العسكري غير مطمئن، وإذا لم يتلق دعما ماليا من الخارج فإن الأمور سوف تسوء أكثر باعتبار أن الرؤية غير واضحة في ظل بقاء كثير من رموز النظام السابق في بعض المؤسسات.

وبدأت الطوابير تعود من جديد إلى أمام المخابز في الخرطوم. ولاحظت "العربي الجديد" الصفوف الطويلة أمام المخابز بمدينتي أم درمان وبحري، من دون تعليق من قبل الجهات الرسمية.

ويقول أحد المسؤولين عن قطاع الدقيق لـ "العربي الجديد" تعليقاً على هذا الملف: "اسألوا الحكومة عن سبب عودة الطوابير". إلا أن أحد العاملين بالمخابز يؤكد "تراجع الحصص ووقف بعض المطاحن إمداد المخابز بالدقيق بالسعر الرسمي.

ويضيف لـ "العربي الجديد" أن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ساهم أيضاً في إحجام بعض المخابز عن العمل في أوقات الانقطاع التي تستمر لسبع ساعات في اليوم وهو ما يعطل الإنتاج فوق نقص كميات الدقيق.

ويقول الاقتصادي صالح علي إن كل الذي يحدث كان متوقعاً، من النقص في الدقيق والوقود وصولاً إلى السيولة، مبرراً حديثه بأن الحكومة السابقة "كانت تعمل رزق اليوم باليوم، من دون وجود احتياطي من الوقود أو الدقيق، في حين أن عناصر النظام السابق إلى اليوم في مؤسسات هامة مثل البنك المركزي وقطاع المطاحن والدقيق ووزارتَي الري والكهرباء.

ويشرح أن هذه مؤسسات مرتبطة بحياة الناس ويجب على الحكومة الحالية أن تسرع الخطى في تغيير هذا الطاقم لمصلحة الوضع الاقتصادي. ويصف علي الانقطاع المتكرر للكهرباء بـ "المقصود"، كما أن أزمة الوقود "مفتعلة"، كون المجلس العسكري الانتقالي أكد وجود مخزون، ما يثير الاستغراب في ما يتعلق بعودة الطوابير.

ويرى الناشط السوداني محمد الدومة، أن المجلس العسكري الانتقالي يعمل ببطء دون الالتفات إلى الأوضاع المعيشية. ويتابع: "توقعنا منذ يوم الحادي عشر من إبريل/ نيسان أن يتم تكوين غرفة عمليات اقتصادية لإدارة الشأن المعيشي وتوفير السلع الأساسية".

ويضيف: "كل الشواهد تؤكد أن الفترة ستكون صعبة لتجذر موالي النظام السابق في جميع مرافق الدولة الاقتصادية، الأمر الذي يمكن أن يشكل خطراً على مصلحة المواطن، خصوصاً أن المجلس العسكري يفتقد إلى الكوادر الاقتصادية التي تستطيع إدارة الشأن المعيشي الذي يعتبر من أولويات المواطن خلال المرحلة المقبلة".
المساهمون