السرطان يضاعف معاناة اللاجئين السوريين في لبنان

04 فبراير 2015
مكافحة السرطان بتوفير العلاج للمرضى (GETTY)
+ الخط -
لا توجد إحصاءات رسمية لعدد اللاجئين السوريين المصابين بمرض السرطان في لبنان. وتشير تقديرات الجمعيات الإغاثية إلى "بضعة آلاف" لا تغطيهم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ولا وزارة الصحة اللبنانية، فيتلقون العلاج بشكل جزئي على نفقة الجمعيات والمتبرعين.


عادت أعراض مرض سرطان الدماغ إلى الظهور على وجه الطفل أسامة، بعد لجوء عائلته إلى لبنان عام 2012. ويشير والد أسامة، محمد، إلى أن "الظروف الصحية والنفسية السيئة التي رافقت خروجنا من داريا في ريف دمشق، أعادت المرض إلى دماغ أسامة بعد رحلة علاج طويلة في سورية". تكفل محمد بعلاج ولده في المستشفيات السورية، وهو الأمر المتعذر عليه حالياً، بعد اللجوء وترك محل الخياطة وأملاكه في داريا.


وتتكفل جمعيات أهلية محلية ومتبرعون بعلاج أسامة اليوم. ويعدد محمد مراحل رحلة العلاج الثانية لابنه التي "بدأت بعملية بلغت تكلفتها 13500 دولار أميركي، تقاسم كلفتها مستشفى السان جورج وجمعية سانت جود وجمعية بسمة. وتستمر مع 42 حبة دواء بديلة للعلاج الكيميائي، سعر الواحدة 120 دولاراً، تبرعت بثمن جزء منها جمعيات لبنانية. أما صور الأشعة التي تكلف كل منها 300 دولار، فأحاول تأمينها من خلال معارف ومتبرعين".

يحاول محمد جاهداً وصف المعاناة المضاعفة للاجئ الذي يعاني من مرض السرطان "حتى إن مديري السابق في العمل طردني؛ لأنني تحدثت على الهاتف مع أحد المتبرعين لابني خلال الدوام! إنها مهانة المريض البعيد عن منزله وبلده، والحل الوحيد هو الهجرة".

أكلاف علاج السرطان مرتفعة

وفي الوقت الذي تمكن فيه والد أسامة من جمع بدل علاج ابنه، يعاني مرضى السرطان من اللاجئين السوريين، نتيجة تشتت جهود علاج المرض الخبيث، وغياب الكشف المبكر. وتشكل الكلفة الوسطية للعلاج والبالغة 30 ألف دولار أميركي، بحسب إحصاءات "اتحاد الجمعيات الإغاثية"، عقبة كبرى بين المريض والعلاج المرجو. تتوزع هذه الكلفة بين جلسات العلاج الكيميائي والإشعاعي التي يصل عدد كل منها إلى عشر جلسات، إضافة إلى العملية الجراحية الخاصة باستئصال المرض.

وتشير المنسقة الإعلامية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، منى منذر، إلى "عدم تغطية علاج مرضى السرطان من قبل المفوضية (الجهة الأممية الرسمية المسؤولة عن رعاية اللاجئين)؛ بسبب غياب التمويل المختص بهذا النوع من الأمراض. لكن المفوضية قدمت، خلال العام الماضي، العلاج لـ350 لاجئا مصابا بأورام غير خبيثة. وقد ساهم التدخل الجراحي الذي موّلته المفوضية في إنقاذ حياة هؤلاء. كما تتم مساعدة حالات فردية من خلال بعض المبادرات الشخصية الخاصة".

الدعم محدود للاجئين المرضى بالسرطان

ومع عدم توفر العلاج لدى المفوضية، يلجأ اللاجئون إلى الجمعيات الأهلية طلباً للمساعدة. يشير الدكتور إياد هدهد من "اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية" في لبنان إلى "تقديم جمعيات أهلية كـ"كاريتاس" و"السانت جود" و"هيئة الإغاثة" التابعة لدار الفتوى، دعماً محدوداً لمرضى السرطان اللاجئين، وذلك في ظل غياب شبه تام لوزارة الصحة اللبنانية التي تكتفي بتغطية عدد قليل من الحالات، بناءً على رسائل يوجهها المرضى للوزير من دون آلية واضحة للموافقة أو الرفض.


ويؤكد هدهد أن ظروف اللجوء تضاعف معاناة آلاف اللاجئين السوريين المصابين بأنواع السرطانات المختلفة "دون وجود إحصاءات دقيقة لهؤلاء؛ لأن العمل الطبي المواكب لحالاتهم ليس مركزياً. وقد دفعت الظروف الصعبة 11 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان، والمقدر عددهم بحوالى المليوني لاجئ، إلى العودة إلى سورية لأسباب صحية. ويشكل مرضى السرطان نسبة معتبرة لدى هؤلاء".

ويعدّد هدهد جملة خطوات يمكن القيام بها بالتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية، للتخفيف من حدة المشكلة من دون القضاء عليها، ومنها: "تحويل حملات الكشف المبكر والتوعية الخاصة باللبنانيين إلى حملات مشتركة تشمل اللاجئين، وتساهم المنظمات في دفع جزء من التكاليف، إضافة إلى منح هذه المنظمات نفس الحسومات التي تحصل عليها وزارة الصحة في مراكز علاج السرطان اللبنانية"، ما يزيد من إمكانية شمول التغطية الصحية لعدد أكبر من مرضى السرطان اللاجئين.

المساهمون