تبلغ السودانية زينب الكنزي من العمر 79 عاماً. مع ذلك، تخرّجت من كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الرباط الوطني السودانية للتو. هي مسيرة دراسية انقطعت عنها منذ فبراير/ شباط 1952 واستأنفتها عام 1991، لتحظى بشهادتها الجامعية عام 2015.
تعتبر الحاجة زينب أكبر خريجة على مستوى السودان. لم تفقدها مشاغل الحياة وتربية أبنائها وأحفادها شغف الدراسة وتحقيق حلمها وحلم أشقائها في إكمال تعليمها الذي حرمت منه بوفاة والدها، وقرار والدتها وقتها العودة إلى مسقط رأسها مدينة أسوان المصرية. وكان ذلك قبل استقلال السودان عام 1956.
تقول الكنزي لـ"العربي الجديد": "بالرغم من كلّ تلك السنوات لم يفارقني حلم التعلّم يوماً. وعندما جاءتني الفرصة مجدداً انتهزتها، خصوصاً أنّ طالب العلم لا يشبع رغبته هذه إطلاقاً".
تذكر أنّ ما أعاق تعليمها في أسوان كانت صعوبة الوصول إلى المدرسة التي تتطلب قطع نهر النيل. وهو أمر أخاف والدتها التي فضّلت حرمانها من التعليم على السماح لها بالمخاطرة بحياتها يومياً للوصول إلى المدرسة.
استعاضت عن المدرسة بالكتّاب، حيث تعلمت الكتابة والقراءة والتحقت بزوايا القرآن. تزوجت وعادت إلى السودان وعاشت طويلاً بعيدة عن فكرة الالتحاق مجدداً بحلم الدراسة. وعام 1991 عادت بالفعل إلى الدراسة الابتدائية. وخاضت بعد ذلك امتحانات الشهادة العامة السودانية ثلاث مرات من دون أن تفوز بها. لكنّها في المرة الرابعة نجحت عام 2011، وحققت 53 في المائة.
العقبة الأساسية في سبيل نجاحها كانت دائماً مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، علماً أنّها كانت تحرز العلامة كاملة في التربية الإسلامية. تؤكد أنّ إصرارها على الدراسة ينبع من داخلها، وتشير إلى أنّ ذلك منحها حافزاً في تشجيع أبنائها وأحفادها على الدراسة. تقول: "إذا تقدم أحدهم لزواج بنت من بناتي دائماً ما كان شرطي عليه السماح لها باستكمال تعليمها، وهو ما حدث بالفعل".
في الجامعة، تمرّست الكنزي في الدراسة. باتت طالبة مواظبة تلتزم بجميع المحاضرات وبالزي الموحد للجامعة. تقول: "كنت أؤدي جميع واجباتي الدراسية من أبحاث وتقارير، وأجتهد في القراءة وأحقق درجات جيدة". كما تلفت إلى أنّها تلقت دعماً وتشجيعاً غير محدودين من أسرتها الكبيرة، فضلاً عن الأساتذة والطلاب الزملاء في الكلية. وتؤكد أنّها لم تواجه يوماً في الجامعة أي سخرية أو تمييز أو انتقاص من خطوتها، وإنْ لمحت نظرات الدهشة في وجوه البعض: "لم أجد حرجاً في الدراسة بمثل هذا السن. الحمد لله تخرّجت بتقدير جيد جداً. أقدمت على الدراسة بكلّ شجاعة ومن دون حرج، وكنت مرتاحة جداً، والكلّ كان يعاملني كأم وأكثر". تتابع ممازحة: "عانيت كثيراً منذ مات زوجي قبل الامتحانات بفترة. لم أكن أتوقع النجاح في الجامعة. ولا أدري هل جاملوني أم هي نتيجتي الحقيقية في الامتحانات".
تعتبر أنّ رسالتها تتمثل في تشجيع الشباب على الدراسة، وكذلك تشجيع من يظنون أنّهم فوّتوا سن التعليم. تقول: "لا حياء في العلم. على الأم أن تتعلّم حتى من أطفالها. على كل من فاته التعليم أن يلحق به، فلا يضيع وقته في ترديد لازمة السنّ الذي ذهب". تشدد أنّها ستواصل دراساتها العليا "ما دام في العمر بقية".
من يراقب الحاجة زينب الكنزي ينتبه إلى تفاصيل دقيقة حملها التعليم إلى شخصيتها. عند سريرها تضع مصحفاً ومجلداً خاصاً بدراساتها الإسلامية وقربهما مصباحاً يدوياً صغيراً تستعين به للقراءة في حال انقطاع الكهرباء. تؤكد أنّ هذه المجموعة من الأغراض زادها الذي لا يفارقها. كذلك، تردّد الحاجة زينب بعد كلّ حديث تتحدث به بيت شعرٍ يناسب المقام. توضح في ذلك إمكاناتها الدراسية خصوصاً أنّها تحفظ الكثير من الشعر، لا سيّما الجاهلي منه.
وفاة زوجها حرمتها من حضور مراسم التخرّج. لكنّها تلقت تكريماً بديلاً من إدارة الجامعة التي أكدت أنّ الحاجة زينب لم تحصل على أيّ امتيازات أو تسهيلات لنيل الشهادة الجامعية كونها كبيرة في السن.
في هذا الإطار، يقول رئيس جامعة الرباط الوطني عبد اللطيف عميق، لـ"العربي الجديد": "الجامعة لم تقدم للكنزي أيّ تنازلات خاصة باللوائح المنظمة. فقد درست وفق المنهاج المجاز مثل غيرها من الطلاب، وخضعت للامتحانات وقدمت الأبحاث، إلى أن تمكنت من التخرج بنجاح. كلّ ما فعلته الجامعة تشجيعها على الحضور والمثابرة". يضيف: "أعتبر تخرجها في هذا السن رسالة قوية لتشجيع الشباب ومتوسطي العمر على الدراسة".
اقرأ أيضاً: ميمونة.. أول طبيبة تحصل على الدكتوراه في موريتانيا
تعتبر الحاجة زينب أكبر خريجة على مستوى السودان. لم تفقدها مشاغل الحياة وتربية أبنائها وأحفادها شغف الدراسة وتحقيق حلمها وحلم أشقائها في إكمال تعليمها الذي حرمت منه بوفاة والدها، وقرار والدتها وقتها العودة إلى مسقط رأسها مدينة أسوان المصرية. وكان ذلك قبل استقلال السودان عام 1956.
تقول الكنزي لـ"العربي الجديد": "بالرغم من كلّ تلك السنوات لم يفارقني حلم التعلّم يوماً. وعندما جاءتني الفرصة مجدداً انتهزتها، خصوصاً أنّ طالب العلم لا يشبع رغبته هذه إطلاقاً".
تذكر أنّ ما أعاق تعليمها في أسوان كانت صعوبة الوصول إلى المدرسة التي تتطلب قطع نهر النيل. وهو أمر أخاف والدتها التي فضّلت حرمانها من التعليم على السماح لها بالمخاطرة بحياتها يومياً للوصول إلى المدرسة.
استعاضت عن المدرسة بالكتّاب، حيث تعلمت الكتابة والقراءة والتحقت بزوايا القرآن. تزوجت وعادت إلى السودان وعاشت طويلاً بعيدة عن فكرة الالتحاق مجدداً بحلم الدراسة. وعام 1991 عادت بالفعل إلى الدراسة الابتدائية. وخاضت بعد ذلك امتحانات الشهادة العامة السودانية ثلاث مرات من دون أن تفوز بها. لكنّها في المرة الرابعة نجحت عام 2011، وحققت 53 في المائة.
العقبة الأساسية في سبيل نجاحها كانت دائماً مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، علماً أنّها كانت تحرز العلامة كاملة في التربية الإسلامية. تؤكد أنّ إصرارها على الدراسة ينبع من داخلها، وتشير إلى أنّ ذلك منحها حافزاً في تشجيع أبنائها وأحفادها على الدراسة. تقول: "إذا تقدم أحدهم لزواج بنت من بناتي دائماً ما كان شرطي عليه السماح لها باستكمال تعليمها، وهو ما حدث بالفعل".
في الجامعة، تمرّست الكنزي في الدراسة. باتت طالبة مواظبة تلتزم بجميع المحاضرات وبالزي الموحد للجامعة. تقول: "كنت أؤدي جميع واجباتي الدراسية من أبحاث وتقارير، وأجتهد في القراءة وأحقق درجات جيدة". كما تلفت إلى أنّها تلقت دعماً وتشجيعاً غير محدودين من أسرتها الكبيرة، فضلاً عن الأساتذة والطلاب الزملاء في الكلية. وتؤكد أنّها لم تواجه يوماً في الجامعة أي سخرية أو تمييز أو انتقاص من خطوتها، وإنْ لمحت نظرات الدهشة في وجوه البعض: "لم أجد حرجاً في الدراسة بمثل هذا السن. الحمد لله تخرّجت بتقدير جيد جداً. أقدمت على الدراسة بكلّ شجاعة ومن دون حرج، وكنت مرتاحة جداً، والكلّ كان يعاملني كأم وأكثر". تتابع ممازحة: "عانيت كثيراً منذ مات زوجي قبل الامتحانات بفترة. لم أكن أتوقع النجاح في الجامعة. ولا أدري هل جاملوني أم هي نتيجتي الحقيقية في الامتحانات".
تعتبر أنّ رسالتها تتمثل في تشجيع الشباب على الدراسة، وكذلك تشجيع من يظنون أنّهم فوّتوا سن التعليم. تقول: "لا حياء في العلم. على الأم أن تتعلّم حتى من أطفالها. على كل من فاته التعليم أن يلحق به، فلا يضيع وقته في ترديد لازمة السنّ الذي ذهب". تشدد أنّها ستواصل دراساتها العليا "ما دام في العمر بقية".
من يراقب الحاجة زينب الكنزي ينتبه إلى تفاصيل دقيقة حملها التعليم إلى شخصيتها. عند سريرها تضع مصحفاً ومجلداً خاصاً بدراساتها الإسلامية وقربهما مصباحاً يدوياً صغيراً تستعين به للقراءة في حال انقطاع الكهرباء. تؤكد أنّ هذه المجموعة من الأغراض زادها الذي لا يفارقها. كذلك، تردّد الحاجة زينب بعد كلّ حديث تتحدث به بيت شعرٍ يناسب المقام. توضح في ذلك إمكاناتها الدراسية خصوصاً أنّها تحفظ الكثير من الشعر، لا سيّما الجاهلي منه.
وفاة زوجها حرمتها من حضور مراسم التخرّج. لكنّها تلقت تكريماً بديلاً من إدارة الجامعة التي أكدت أنّ الحاجة زينب لم تحصل على أيّ امتيازات أو تسهيلات لنيل الشهادة الجامعية كونها كبيرة في السن.
في هذا الإطار، يقول رئيس جامعة الرباط الوطني عبد اللطيف عميق، لـ"العربي الجديد": "الجامعة لم تقدم للكنزي أيّ تنازلات خاصة باللوائح المنظمة. فقد درست وفق المنهاج المجاز مثل غيرها من الطلاب، وخضعت للامتحانات وقدمت الأبحاث، إلى أن تمكنت من التخرج بنجاح. كلّ ما فعلته الجامعة تشجيعها على الحضور والمثابرة". يضيف: "أعتبر تخرجها في هذا السن رسالة قوية لتشجيع الشباب ومتوسطي العمر على الدراسة".
اقرأ أيضاً: ميمونة.. أول طبيبة تحصل على الدكتوراه في موريتانيا