قال الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، خلال زيارته إلى العاصمة القطرية، الدوحة، اليوم الخميس، إن بلاده تسير في مسارها الديمقراطي إلى الأمام، ولا ترجع إلى الوراء، ونوّه إلى أن دستورها ينص على أن تونس دولة مدنية الإسلام دينها والجمهورية نظامها.
وشدد السبسي على رفضه "الإسلام السياسي" الذي يدعو إلى غير ذلك، وقال إنه لا مستقبل للإسلام السياسي في تونس. ورداً على استيضاح "العربي الجديد" منه، في مؤتمر صحافي في الدوحة اليوم الخميس، بشأن حركة "النهضة" التي تشارك في الحكومة وتنتسب إلى الإسلام السياسي، قال السبسي إن هذا التوصيف للحركة غير صحيح. وأكّد على أنه فيما الشعب التونسي مسلم، فإنه لا مرجعية دينية للدولة التونسية التي تنشد الاستقرار وتحقيق الأمن والأمان لمواطنيها، في مواجهتها الإرهاب، وهي المهمة التي أفاد السبسي إنها أولوية أعمال الحكومة.
وردّاً على سؤال لـ"العربي الجديد" بشأن الأزمة الحادثة في حزب "نداء تونس" والذي كان تزعمه السبسي قبل توليه الرئاسة، وما إذا كان يعمل من أجل مساعدة الحزب على مواجهة مشكلاته، أوضح الرئيس التونسي إنه كان قد أسس هذا الحزب، في ظروف معلومة، لإحداث نوع من التوازن السياسي في البلاد، غير أنه التزاماً منه بالدستور، استقال منه، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي انتظمت في نوفمبر/ تشرين ثاني 2014. إلا أنه رأى أن "نداء تونس" ليس وحده الذي يعاني من مشكلات، وصفها بالمراهقة، ذلك أن أحزاباً تونسية كثيرة تعرضت لأزمات وانشقاقات، غير أن الصحافة والتي أكد الرئيس احترامه حريتها تركّز بشكل خاص على ما يدور في هذا الحزب أكثر من غيره، بالنظر إلى موقعه في الحكومة التي هي حكومة كل التوانسة.
وبشأن دور يمكن أن تضطلع به تونس في دعم الاستقرار في ليبيا، في المرحلة المقبلة، بعدما كانت قد ساهمت في ترتيب جولات حوار بين فرقاء الخلاف الليبي، قال الرئيس التونسي لـ"العربي الجديد" إن بلاده تشجع حكومة التوافق الجديدة، والتي تعزّز نفوذها شيئاً فشيئاً. وشدّد على مساندة تونس الحل السياسي، وليس العسكري، في ليبيا. واعتبر أن من شأن أي تدخل عسكري أن يؤثر سلباً ليس فقط على ليبيا، بل على الدول المجاورة أيضاً، ومنها تونس التي تحاذيها حدود مفتوحة طويلة نحو خمسمئة ألف كيلو متر مع ليبيا. وأكد السبسي أن العلاقات بين شعبي البلدين أكثر من حميمية، إلى حد أنه أصبح يُقال إن ليبيا وتونس شعب واحد في دولتين.
وأفاد الرئيس التونسي الذي يختتم اليوم زيارته التي استمرت ثلاثة أيام في الدوحة بأن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اقترح مشروعاً لدعم تونس اقتصادياً، بالمبادرة إلى عقد مؤتمر دولي في هذا الخصوص. وقال إن تونس تبقى في حاجة إلى دعمٍ من أشقائها، ومن أصدقائها، وقطر هي ثاني دولة في العالم تستثمر في تونس، والعلاقات الثنائية معها متطورة وقديمة، كما أن التعاون بين البلدين متميز.
ووصف السبسي فترة الانتقال الديمقراطي التي تمر بها تونس بأنها صعبة، موضحاً أن بلاده تخطو في مسارها الديمقراطي، وهي تقاوم الإرهاب الذي لم يعد موضوعاً تونسياً، وإنما له أبعاد دولية، وقال إن الأجهزة الحكومية التونسية المختصة تقدمت جيداً في هذا الملف، وإن كان لذلك كلفته المالية التي تم توفير بعضها من مخصصات للمشروع الإنمائي في البلاد، ذلك أنه لا يمكن حدوث التطور الديمقراطي، فيما الأمن غير مستتب، وبالتوازي مع تحسن اقتصادي، والذي قال السبسي إنه يمضي إيجابياً. وأضاف "لا ندّعي أننا نجحنا تماماً في الانتقال الديمقراطي التام، ذلك أن هذا الانتقال يبقى هشاً، طالما لم تتوفر أسباب تقدمه، حيث لا بد من التغلب على الإرهاب، وانطلاق الاقتصاد، وهما أمران يسيران في تونس جيداً". ونوه إلى أن النتائج الطيبة في هذا كله تحسب لشعب تونس الذي يمضي في هذا المسار الديمقراطي، وفي الدفاع عن أمنه ضد الإرهاب، بمساندة دول شقيقة وصديقة.
وانتقد السبسي تصريحات للرئيس السابق، المنصف المرزوقي، عن تهديدٍ تتعرّض له الديمقراطية في تونس، وقال إن "المسؤولية الدبلوماسية تتطلب من السلف أن لا يتحدث عن الخلف".