وتوضح التالولي (73 عاماً) أن أجواء قطف وتنظيف وفرز الزيتون تذكرها بكرم العنب وكرم التفاح والزيتون، وأرض أجدادها المُحتلة منذ عام 1948، مشيرة إلى أنّ والدها كان يصطحبها في مواسم الحصاد، وكانت الأجواء شبيهة بهذه. وتشير التلولي لـ "العربي الجديد"، خلال مشاركتها في فعالية قطف الزيتون في إطار مشروع حاضنة المرأة القيادية، الذي ينفذه المرصد الأورومتوسطي في قطاع غزة، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية الذي يصادف اليوم، إلى ضرورة القيام بالمزيد من الفعاليات لإحياء التراث الفلسطيني، وتأكيد أهميته.
وتوزع المشاركون في يوم قطف الزيتون بين الأشجار لقطف المثمر منها، وشكلوا حلقات كبيرة لفرز الزيتون على وقع دندنة وغناء الأناشيد والأهازيج التراثية الفلسطينية، بينما انشغلت بعض النساء في تحضير "خبز الصاج".
من جهتها، تقول أم محمود التلولي، التي شاركت في القطف والفرز: "حديث النساء في مثل هذه اللحظات كان عن أيام الحصاد والأرض والمحاصيل والأجواء التراثية والوطنية التي كانت تزينها". تضيف: "عشت هذا الشعور للحظات".
واصطحبت ولاء الحايك طفلها يوسف الجرو للمشاركة في قطاف الزيتون، وتوضح أهمية غرس حب الأرض والتراث والعادات في نفوس الأطفال منذ الصغر، مضيفة: "في موسم الزيتون يتكاتف الناس جنباً إلى جنب، في لوحة اجتماعية إيجابية".
وتشير الحايك، وهي منسقة مشاريع في جمعية الخريجات الجامعيات، إلى أهمية مشاركة مؤسسات المجتمعات المدني في القطاعات المجتمعية كافة، وعلى وجه التحديد في المناطق الحدودية. تضيف: "تساعد مثل هذه المشاركات على الاندماج".
من جهتها، تقول لينا صبح إنها تشارك للمرة الأولى في نشاط قطف الزيتون، وتختبر لحظات الحصاد، مبيّنة أن مثل هذه الفعاليات تعزز انتماء المواطن للأرض والوطن، وتساهم في مساندة المزارعين. وتتحدّث لـ "عربي الجديد" عن إيجابية مثل هذه المشاركات المجتمعية، داعية فئة الشباب إلى تكثيف مشاركتهم التطوعية، التي تعد هامّة وداعمة أساسية في مختلف القطاعات المجتمعية، مضيفة أن "التطوع يرفع الاقتصاد والثقافة والحضارة".
بدوره، يقول المزارع أحمد محمدين، وهو صاحب الأرض الواقعة في منطقة النزازة شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، إن موسم قطاف الزيتون يعد الأهم بالنسبة له، مبيناً أن مشاركة المجموعات الشبابية تساعد أصحاب الأرض في قطفها، وتشعرهم بالمساندة النفسية والوجدانية. وفي ما يتعلق باختيار الزيتون على وجه التحديد لزراعته، يقول لـ "العربي الجديد" إنها "شجرة مباركة وتراثية تدلّ على الحضارة الفلسطينية، وتتحمل تقلبات الطقس".
أما ندى أبو عيطة، المنسقة الإعلامية لمشروع حاضنة المرأة القيادية، المنفذ من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فتقول إن تنفيذ النشاط يتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الريفية، بهدف مشاركتهن ومساندتهن في نشاطهن، تقديراً لدورهن الهام في القطاع الزراعي. وتبين لـ "العربي الجديد" أهمية مثل هذه الفعاليات في التركيز على معاناة المرأة الريفية، التي تشكل "ربع سكان العالم"، ومحاولة إثارة الرأي العام من أجل تسليط الضوء على المشاكل والأزمات والصعوبات التي تعانيها تلك المرأة.