أبو علي لافي (40 عاماً) كان لاجئاً فلسطينياً في سورية ويعيش في مخيّم سبينة (جنوب دمشق). هناك، احترف مهنة الرسم على الزجاج. هذا العمل كان يدرّ عليه دخلاً جيّداً، يضاف إلى راتبه الذي يتقاضاه من عمله في مجال السكريتاريا، هو الذي كان قد تخرج من جامعة دمشق. قبل أربع سنوات، انتقل إلى مخيّم برج الراجنة في بيروت. يقول لـ "العربي الجديد" إن مردوده من الوظيفة لم يكن يكفيه وعائلته. ولأنه يملك موهبة الرسم، أراد احتراف الرسم على الزجاج. في سورية، كان يملك محلاً. لكن بسبب الحرب، اضطر إلى ترك منزله ومحله والانتقال إلى لبنان. أصرّ على أن يكون إيجابياً، ورفض أن يؤثّر التهجير سلباً عليه.
في لبنان، قرر الاستمرار في مهنته، علماً أنه ليس هناك طلب على ما ينتجه بشكل كبير، كما هو الحال في سورية. لكن أكثر ما يضايقه هو عدم قدرة ابنه على مواصلة تعليمه. إلا أن الابن أصر على فعل شيء ما. لم يكن يرغب في البقاء في المنزل طوال الوقت، أو النزول إلى الشارع. لم ييأس إذاً، والتحق بفرقة الدبكة في منظمة الشبيبة الفلسطينية. أكثر من ذلك، صار مدرّباً في الفرقة، ويرقص معها في حفلات الزفاف التي تنظم في بيروت أو خارجها. وكان هذا العمل تعويضاً معنوياً بالنسبة إليه وعائلته، هو الذي كان يرغب في اكمال تعليمه والحصول على شهادة جامعية.
يقول والده: "لا بأس. ابني صار مبدعاً في الدبكة والفولكلور الفلسطيني"، مضيفاً أن "الدبكة الفلسطينيّة جزء من تراثنا الذي يجب علينا المحافظة عليه، رغم قساوة اللجوء مرّتين". ويرى أنّ احتراف ابنه الدبكة يبعده وغيره من الشباب عن الانحراف.
يعود إلى الحديث عن موهبته التي يعمل على تطويرها بنفسه، حتى بات قادراً على تعليمها للآخرين. يقول لـ "العربي الجديد": "بدأت العمل في هذا المجال حين شعرت أنني في حاجة إلى زيادة دخلي المادي. ولأنني أملك موهبة الرسم، طُلب مني العمل كأستاذ، فوافقت". يضيف أنه كان يريد التعرف على كل ما يتعلق بالرسم على الزجاج، وقد استطاع ذلك بفعل مثابرته. وفي وقت لاحق، عمل في متحف دمشق نحو عشرين عاماً، في أحياء دمشق القديمة. هذه التجربة فتحت له أبواباً كثيرة، وبات رسّاماً معروفاً، ويعمل في الورش. يشير إلى أنه كان هناك إقبال في سورية على هذا الفن. لكن الحرب غيرت كل شيء. وبطبيعة الحال، لن يهتم الناس بالفنون بقدر اهتمامهم بتأمين قوتهم اليومي. وخشية أن يصيب عائلته أي سوء، غادر بيته وفضّل العيش في لبنان.
يضيف أبو علي أن "شغلي الشاغل وهمي الأكبر كان دائماً القضية الفلسطينية. وبالإضافة إلى الأعمال التي كانت تطلب مني في الورش، أو من قبل بعض الزبائن، كنت أسعى دائماً إلى وضع بصمات وطنية على معظم أعمالي. مثلاً، أنقش علم بلادي فلسطين، وغيرها من التفاصيل التي تدل على القضية الفلسطينية".
يتابع: "بعد لجوئي إلى لبنان، تغير كل شيء. في سورية، اعتدت تنظيم المعارض في المخيّمات من حين إلى آخر. لكن هنا، بالكاد أكون قادراً على إتمام عمل واحد". يوضح أن تجربة لبنان كانت مريرة وقاسية. "منذ أن وصلت إلى هنا، أبحث عن عمل أحصل من خلاله على راتب شهري. فالرسم على الزجاج في لبنان ليس مطلوباً كما كان الحال في سورية. هو مجرّد هواية لدى البعض". في سورية مثلاً، يهتم الناس بالرسم على زجاج النراجيل، إلا أن هذا الأمر ليس أولوية في لبنان. في ظل هذا الواقع الصعب، اضطر إلى البحث عن بديل، وصار يرسم على الأقمشة والخشب. وإذا ما طلب أحدهم رسما على الزجاج، يسارع إلى تنفيذه له. ويسعى من خلال هذا العمل إلى تأمين احتياجات أسرته الأساسية، وإن كان الأمر صعباً. المهم بالنسبة إليه أن يكون قادراً على دفع بدل إيجار البيت والطعام لأسرته.
إلى ذلك، يشير إلى أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا) كانت تقدم له بعض المساعدات، إلا أنها لم تكن كافية لسدّ احتياجات عائلته.
اقــرأ أيضاً
في لبنان، قرر الاستمرار في مهنته، علماً أنه ليس هناك طلب على ما ينتجه بشكل كبير، كما هو الحال في سورية. لكن أكثر ما يضايقه هو عدم قدرة ابنه على مواصلة تعليمه. إلا أن الابن أصر على فعل شيء ما. لم يكن يرغب في البقاء في المنزل طوال الوقت، أو النزول إلى الشارع. لم ييأس إذاً، والتحق بفرقة الدبكة في منظمة الشبيبة الفلسطينية. أكثر من ذلك، صار مدرّباً في الفرقة، ويرقص معها في حفلات الزفاف التي تنظم في بيروت أو خارجها. وكان هذا العمل تعويضاً معنوياً بالنسبة إليه وعائلته، هو الذي كان يرغب في اكمال تعليمه والحصول على شهادة جامعية.
يقول والده: "لا بأس. ابني صار مبدعاً في الدبكة والفولكلور الفلسطيني"، مضيفاً أن "الدبكة الفلسطينيّة جزء من تراثنا الذي يجب علينا المحافظة عليه، رغم قساوة اللجوء مرّتين". ويرى أنّ احتراف ابنه الدبكة يبعده وغيره من الشباب عن الانحراف.
يعود إلى الحديث عن موهبته التي يعمل على تطويرها بنفسه، حتى بات قادراً على تعليمها للآخرين. يقول لـ "العربي الجديد": "بدأت العمل في هذا المجال حين شعرت أنني في حاجة إلى زيادة دخلي المادي. ولأنني أملك موهبة الرسم، طُلب مني العمل كأستاذ، فوافقت". يضيف أنه كان يريد التعرف على كل ما يتعلق بالرسم على الزجاج، وقد استطاع ذلك بفعل مثابرته. وفي وقت لاحق، عمل في متحف دمشق نحو عشرين عاماً، في أحياء دمشق القديمة. هذه التجربة فتحت له أبواباً كثيرة، وبات رسّاماً معروفاً، ويعمل في الورش. يشير إلى أنه كان هناك إقبال في سورية على هذا الفن. لكن الحرب غيرت كل شيء. وبطبيعة الحال، لن يهتم الناس بالفنون بقدر اهتمامهم بتأمين قوتهم اليومي. وخشية أن يصيب عائلته أي سوء، غادر بيته وفضّل العيش في لبنان.
يضيف أبو علي أن "شغلي الشاغل وهمي الأكبر كان دائماً القضية الفلسطينية. وبالإضافة إلى الأعمال التي كانت تطلب مني في الورش، أو من قبل بعض الزبائن، كنت أسعى دائماً إلى وضع بصمات وطنية على معظم أعمالي. مثلاً، أنقش علم بلادي فلسطين، وغيرها من التفاصيل التي تدل على القضية الفلسطينية".
يتابع: "بعد لجوئي إلى لبنان، تغير كل شيء. في سورية، اعتدت تنظيم المعارض في المخيّمات من حين إلى آخر. لكن هنا، بالكاد أكون قادراً على إتمام عمل واحد". يوضح أن تجربة لبنان كانت مريرة وقاسية. "منذ أن وصلت إلى هنا، أبحث عن عمل أحصل من خلاله على راتب شهري. فالرسم على الزجاج في لبنان ليس مطلوباً كما كان الحال في سورية. هو مجرّد هواية لدى البعض". في سورية مثلاً، يهتم الناس بالرسم على زجاج النراجيل، إلا أن هذا الأمر ليس أولوية في لبنان. في ظل هذا الواقع الصعب، اضطر إلى البحث عن بديل، وصار يرسم على الأقمشة والخشب. وإذا ما طلب أحدهم رسما على الزجاج، يسارع إلى تنفيذه له. ويسعى من خلال هذا العمل إلى تأمين احتياجات أسرته الأساسية، وإن كان الأمر صعباً. المهم بالنسبة إليه أن يكون قادراً على دفع بدل إيجار البيت والطعام لأسرته.
إلى ذلك، يشير إلى أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا) كانت تقدم له بعض المساعدات، إلا أنها لم تكن كافية لسدّ احتياجات عائلته.