الدنمارك: فزّاعة "الأجانب" وفلسطيني مرشّح للبرلمان الأوروبي

21 مايو 2014
يعارض اليسار الاتحاد لأنه "نادٍ منغلق" (العربي الجديد)
+ الخط -

ينتخب الدنماركيون، يوم الأحد، ممثليهم في البرلمان الأوروبي. ويتنافس 100 مرشح دنماركي على 13 مقعداً مخصصاً لبلدهم، من أصل 766 موزعة بين الدول الأعضاء. ولن تكون النسخة الحالية من الانتخابات كسابقتها التي جرت في العام 2009، إذ إن الأحزاب المتنافسة على تلك المقاعد يبلغ عددها سبعة، مضافا إليها "الحركة الشعبية" المعادية للاتحاد الأوروبي، في ظل ارتفاع نسبة غير المتحمسين للمشروع الأوروبي. ويتوقع عدد من المراقبين أن تكون الانتخابات في الدنمارك مؤشراً على مسار الانتخابات البرلمانية الوطنية، وتوجهات الناخب الأوروبي مستقبلاً.

تشدد يميني... ويسار ضدّ الاتحاد

وكبقية بلدان الاتحاد الأوروبي الـ 28، أرخت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بظلالها على برامج وشعارات المرشحين، فبعض هؤلاء يتوجه بخطاب يميني متشدد على خلفية أزمات يُتهم الأجانب بالتسبب بها، وخصوصاً أن الحالة الدنماركية شهدت نقاشات حامية حول اليد العاملة الآتية من أوروبا الشرقية، وما تتلقاه من إعانات وحقوق تفرضها قوانين الاتحاد. آخر تلك النقاشات الساخنة، الممتدة منذ ثلاثة أشهر، تمحورت حول حق هؤلاء العمال بتلقي إعانة اقتصادية لأطفالهم، الذين يعيشون في بلدانهم وليس في الدنمارك.

وقد استخدمت أحزاب اليمين هذه القضية لتؤجج الرأي العام، ولكن ليس إلى حد المطالبة بالانسحاب من الاتحاد. أما اليمين المتشدد، فيرفع بوجه الناخب فزاعة المسلمين الدنماركيين وبناء المساجد، مطالباً باستعادة الدنمارك "حرية اتخاذ قراراتها الوطنية" في الشؤون التي يشرعها برلمانيو الاتحاد في ستراسبورغ.

في المقابل، يناشد الاشتراكيون الديمقراطيون، والليبراليون مع يمين الوسط التقليدي، الناخبين للتصويت لمرشحيهم دفاعاً عن استمرار فكرة الاتحاد. ففي المناظرة التلفزيونية الوطنية التي جرت، مساء الإثنين، راحت رئيسة الوزراء هيلي تورنينغ شميت، ومعها الحزب الليبرالي، الذي يعاني من أزمة قيادة، يذكّرون بالمزايا الاقتصادية العائدة على المواطن الدنماركي من خلال الاتحاد. وحين سألت مديرة المناظرة التلفزيونية، أن يرفع يده كل من يطالب بانسحاب الدنمارك من الاتحاد الأوروبي، لم ترفعها سوى مسؤولة حزب "اللائحة الموحدة" اليسارية، يوهنا شميت. وفي نهاية اللقاء، بدا أن 66 في المئة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون بقاء بلدهم ضمن الاتحاد، بينما يطالب 22 في المئة بالانسحاب.

قلق الأحزاب الدنماركية، المشابه لذلك المنتشر عند بقية الأحزاب الأوروبية، يتعزز مع اقتراب موعد الاقتراع، وإظهار استطلاعات الرأي بأن 33 في المئة من الدنماركيين باتوا أكثر توجساً وأقل حماسة للاتحاد.

والملاحظة الجديرة بالاهتمام، ترجمها نشر الصحف الدنماركية، يوم الثلاثاء، نتائج استطلاع رأي، أجرته مؤسسة youGov لاستطلاعات الرأي، يُظهر بأن الدنماركيين وبنسبة كبيرة تصل إلى 44 في المئة، يريدون إعادة الحدود بين بلدهم وباقي دول الاتحاد، بينما أظهر 44 في المئة رفضهم لذلك. ولم يدلِ 12 في المئة بآرائهم. ويعزز هذا الاستطلاع مواقع اليمين المتشدد، ويشير إلى تنامي شعبية خطابه المتطرف في معاداة المهاجرين، على غرار بقية أحزاب اليمين المتطرف في كافة أنحاء أوروبا.

في المقابل، تبدو "الحركة الشعبية ضد الاتحاد الأوروبي"، التي تضم في صفوفها يساريين وناشطين بيئيين، الأكثر جرأة على طرح شعارات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. فهؤلاء يرون أن "السيادة الوطنية في خطر"، وأن "البيروقراطية باتت تحل مكان الديمقراطية".

ويقول المرشح للانتخابات البرلمانية الأوروبية، مالتا بانغ، لـ"العربي الجديد"، إن اليمين "ليس  من يعارض فكرة الاتحاد الأوروبي، بل يحمل مشاعر متشددة وتفاهمات يمينية مع أحزاب وقوى تشبهه، والحركة الشعبية ترفع شعار نعم للعالم ولا للاتحاد الأوروبي، لأننا نراه نادياً منغلقاً". وتابع المرشح نفسه قائلاً "هم يصادرون ديمقراطيتنا كلما صار لديهم مركزية قرار، وهم يغلقون الحدود الأوروبية، ونحن نريدها مفتوحة على العالم، وبإمكاننا أن نكون أكثر تنسيقاً مع دول العالم مما عليه حالة الاتحاد الأوروبي اليوم".

وبينما تذهب الأحزاب والقوى اليسارية نحو الدفاع عن التعددية الثقافية للدنمرك، واعتبار مجتمعها متعدد الثقافات والأعراق، تصر برامج وشعارات اليمين المتشدد على دغدغة المشاعر القومية، معتبرة الاتحاد الأوروبي "خطراً على الدولة الوطنية"، وهو ما عبر عنه الناشط في حزب الشعب اليميني توماس سوناغوورد لـ "العربي الجديد"، مؤكداً أن "تدفق اليد العاملة واللاجئين المسلمين، تسهله قوانين الاتحاد الأوروبي، المفروضة على الدنمارك، وهو ما يهدد ثقافتنا وهويتنا ودولتنا الوطنية". وبرأي سوناغوورد، "يجب على دول الاتحاد إغلاق حدودها وبناء معسكرات للاجئين على أطرافها لوقف أسلمة أوروبا"، على حد تعبيره.

فلسطيني ــ دنماركي على قائمة اليسار

المشهد الممهد لانتخابات البرلمان الأوروبي، وسخونة النقاشات حول الهوية الوطنية، لم تمنع اختيار حزب الشعب الاشتراكي الدنماركي، اليساري، ترشيح الناشط ورئيس جمعية الصداقة الفلسطينية - الدنماركية فتحي العبد، ليكون على قائمة المرشحين الأوفر حظاً هذه المرة. فلو قُدر للعبد الحصول على الأصوات المطلوبة سيكون، الفلسطيني الأول الذي يحتل مقعداً في البرلمان الأوروبي. والعبد هو اليوم عضو احتياطي عن مقعد الحزب في البرلمان لانتخابات 2009.

ويقول فتحي العبد، لـ"العربي الجديد"، إن "حزب الشعب الاشتراكي في انتخاباته الداخلية في سبتمبر/ أيلول 2013، صوّت لاختياري على القائمة ضمن أوائل المرشحين، وبطبيعة الحال أخذت العملية الديمقراطية مجالها، وليس لدي وهم بأن موقع اليسار في 2009 كان أفضل مما هو عليه اليوم، ولكن، رغم ذلك، فإن نظام الدائرة الواحدة سيرفع من حظوظي بوجود حملة انتخابية بين صفوف الفلسطينيين والعرب، وليس الدنماركيين فحسب، وحتى لو لم أتمكن من الفوز، فالمهم هو أن نكون مؤثرين ونعبد الطريق للجيل الجديد ليكون فاعلاً ومرشحاً في المستقبل على لوائح الأحزاب الدنماركية".

وعما تشكله خطوة ترشيحه من حزبه كفلسطيني، يشير فتحي العبد إلى أن "هذه خطوة محفزة للشباب الدنماركي من أصول فلسطينية وعربية، وهي رسالة بوجودي كنائب عن الحزب تعبر عن التطور الإيجابي الكبير في السنوات الخمس الأخيرة بمواقف الدنماركيين".



ويرى العبد أن التحول في أوروبا تجاه القضية الفلسطينية بات ملموساً، "وهو عملية تراكم للجهود، وترشح فلسطيني بالتأكيد يعتبر مؤشراً على ذلك، وقد يغيظ بعض اللوبيات الصهيونية التي تريد تقديمنا من زاوية محددة". ويكشف المرشح الفلسطيني ــ الدنماركي أن حملة شعواء شنها اللوبي الصهيوني ضده، "لأنهم يعرفون ما تمثله هذه الخطوة".

ويضيف العبد "نحن نعتبر البرلمان الأوروبي منبراً مهماً، فلو كان لنا مقعد فيه، فسيكون مردوده كبيرا على القضية الفلسطينية ضمن التحولات التي ذكرتها، وأؤكد لك بأن حزب الشعب الاشتراكي والأصدقاء الدنماركيين، يريدون فعلاً أن يكون هناك مقعد برلماني لشخص فلسطيني".

المساهمون