زعموا أن غابة لم تكن تعرف فصيلة الحمير. كانت تسكنها عائلات من الأسود والنمور والثعالب والذئاب والقردة والغزلان والأرانب والخرفان.
ذات يوم، ظهر حيوان جديد. راقبته الحيوانات التي اعترضها بكثير من الحذر والحيرة. لم يكن أحد منهم يعرف هل كان لاحماً أم عاشباً.
أوصل الثعلب الخبر إلى الأسد، ملك الغابة، قائلاً: "لقد دخل اليوم غابتنا حيوان غريب، إنه أكبر مني حجماً، ذو شعر كثيف، وله أذنان طويلتان".
لم تكن المواصفات التي سمعها الأسد تنطبق على أي حيوان في ذهنه. خاف الأسد أن يعطي رأيه، ففضّل السكوت، متظاهراً بالتفكير.
بعد فترة، أشار للقرد: "أنت أخفّنا، اذهب لهذا الحيوان وألق على رأسه تفاحة لكي نعلم هل هو قوي خطير أم مسالم وضعيف؟".
قفز القرد من شجرة إلى أخرى، حتى وصل إلى حيث توقف الحمار. اقترب منه، ثم رماه بتفاحة على رأسه. فوجئ الحمار، فصرخ مصدراً صوتاً قوياً وقبيحاً ارتجفت له الغابة، حتى أنه وصل إلى مجلس الأسد.
ارتعد كل من في المجلس من حيوانات. قال النمر "إنه يصدر زمجرة قوية، لا بد وأنه وحش". همس الثعلب في أذن الذئب: "إنها زمجرة أقوى من زمجرة الأسد، لا بد وأنه أقوى منه".
حين بدأ الخوف يدبّ إلى الجميع، تقدّم النمر وقال "سوف أتثبت الأمر بنفسي، ليس هناك من يدخل غابتنا ولا يمتثل لقوانيننا". ثم أضاف: "مولاي الأسد، اسمح لي بأن آتيك به". قال له الأسد "افعل ذلك، إنك سوف تنقذ هيبة غابتنا، فنكون لك جميعاً شاكرين".
أضمر النمر أن يباغت الحمار. لذلك أخذ يراقب تحرّكاته. وحين رآه يأكل العشب، قال في نفسه: "هذا الحيوان العاشب أخاف سكان هذه الغابة الطيبة؟ لا أصدق أنه وحش، يا لسخافة وسذاجة أهل غابتنا".
أخذ النمر يتقدم بحرص وخفة من الحمار. اختار أن يظل وراءه كي لا يتفطن له الحمار. وفي لحظة انقض عليه.
حين شعر الحمار بوثبة النمر سرعان ما رفع رجله الخلفية، وصكّ النمر صكّة قوية صادفت أن وقعت على عينه، ترنح النمر ثم سقط مغشياً عليه.
كان القرد يشاهد ما دار بين الحمار والنمر. قفز بسرعة من شجرة إلى أخرى حتى وصل مجلس الأسد وأخبره بما حدث.
أصبح الأمر خطيراً للغاية، ولم يعد أحد قادراً على إخفاء خوفه. قال الأسد: "هذا ما كنا نخاف منه، لا بد أن نجتنب هذا الوحش حتى لا يفتك بنا جميعاً".
انتهز الثعلب فرصة ارتباك الملك، وقال: "لا بد وأنه يبتغي نزالك من أجل المُلك، وأخاف أن يصرع الوحش مولاي كما فعل مع النمر".
قال الأسد "هذا ما أخشاه. بماذا تشير أيها الثعلب؟" أجاب الثعلب بلا تردد: "لا بد أن تهرب يا مولاي".