الحكومة الكويتية تخسر 16% من استثماراتها في البورصة

31 أكتوبر 2016
خروج عشرات الشركات من البورصة يثير قلق المتعاملين (Getty)
+ الخط -

 

أظهرت بيانات رسمية في الكويت، أن الاستثمارات الحكومية في سوق الأوراق المالية (البورصة)، لم تكن بمنأى عن تداعيات هبوط أسعار النفط والخسائر التي تكبدتها الشركات جراء تراجع إيرادات الدولة، وسط قلق من تنامي هذه الخسائر، التي دفعت عشرات الكيانات إلى الخروج من السوق.

وتراجعت القيمة السوقية للاستثمارات الحكومية في البورصة، منذ بداية العام وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الذي ينقضي اليوم، إلى 2.68 مليار دينار (8.84 مليارات دولار)، مقابل مستواها في 2015 البالغ 3.2 مليارات دينار (10.6 مليارات دولار)، خلال نفس الفترة من العام الماضي، بخسائر بلغت نسبتها 16.2%.

وتنشط الاستثمارات الحكومية في نحو 33 شركة مدرجة في البورصة، وفق هيئة أسواق المال، وتشكل هذه الاستثمارات نحو 11% من القيمة السوقية للبورصة البالغة نحو 24.4 مليار دينار (80.5 مليار دولار).

وتُعلن الملكيات المباشرة للشركات والمؤسسات الحكومية على الموقع الإلكتروني لسوق الكويت للأوراق المالية، شريطة تجاوز نسبة ملكيتها في أسهم الشركة المدرجة 5%.

وتتركز 63% من الاستثمارات الحكومية في أسهم البنوك، التي تستحوذ بمفردها على قيمة سوقية تبلغ نحو 1.7 مليار دينار (5.6 مليارات دولار)، والتي تراجعت بنسبة 21.3% عن نفس الفترة من العام الماضي التي بلغت خلالها 2.16 مليار دينار (7.1 مليارات دولار).

ويقول ميثم الشخص، المحلل المالي، إن القلق والحذر الذي سيطر على المتداولين، بسبب تراجع أسعار النفط والتأثيرات الجيوسياسية في المنطقة، كان سبباً قوياً لتراجع قيمة الاستثمارات عامة والحكومية بشكل خاص.

ويضيف الشخص، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الظواهر السلبية التي شهدها السوق منذ بداية العام، جعلته سوقاً ضعيفاً غير جاذب، الأمر الذي يتطلب تدخلاً من هيئة أسواق المال ومن الإدارة الاقتصادية للبلاد بشكل عام، وعلى وجه الخصوص الهيئة العامة للاستثمار والبنك المركزي.

وتراجعت مؤشرات البورصة منذ بداية العام بنحو 4%، متكبدة خسائر سوقية بقيمة ملياري دينار (6.6 مليارات دولار)، رغم انتعاش صفقات الاستحواذات والاندماجات.

ويقول عدنان الدليمي، الخبير في أسواق المال، إن الاستثمارات الحكومية، تأثرت بارتفاع وتيرة الشركات المنسحبة من سوق الأوراق المالية في الآونة الأخيرة.

ويضيف الدليمي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن من أهم أسباب انسحاب الشركات بلوغ أسعار أسهمها إلى ما دون قيمها العادلة وحتى الدفترية، بالإضافة إلى ضعف التداولات وزيادة تكاليف الإدراج.

وتراجعت العوائد السنوية للاستثمارات الحكومية المباشرة في الأسهم المحلية، إلى 3.5%، مقابل 4% للعام الماضي، إلا أنها تظل وفق خبراء في أسواق المال معدلات جيدة في ظل خسائر مؤشرات السوق.

ويبرز دور الهيئة العامة للاستثمار، الذراع الاستثمارية والصندوق السيادي للبلاد، كإحدى أهم الأدوات التي تستثمر بها الحكومة الكويتية في البورصة من خلال ملكيات مباشرة في 9 شركات، بقيمة سوقية تتخطى 1.4 مليار دينار (4.6 مليارات دولار).

وكانت الهيئة العامة للاستثمار قد قالت، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، إنها حصلت على موافقة هيئة أسواق المال على بيع مساهماتها في الشركة الكويتية للاستثمار وبنك "بيتك" وشركة زين للاتصالات، لكنها أرجأت ذلك.

وتملك الهيئة نحو 24.07% من أسهم بنك "بيتك"، بحصة سوقية تبلغ 605 ملايين دينار، ونحو 76.19% من أسهم الشركة الكويتية للاستثمار، وحوالي 24.85% من أسهم "زين" بقيمة سوقية 440 مليون دينار.

وتأتي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، خلف الهيئة العامة للاستثمار من حيث القيمة السوقية لاستثماراتها في البورصة الكويتية بنحو تخطى 752 مليون دينار (2.48 مليار دولار) بامتلاكها حصصا في أسهم 24 شركة موزعة على العديد من القطاعات.

كما تستثمر جهات حكومية أخرى في سوق الأوراق المالية تتمثل في الهيئة العامة لشؤون القصر والأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة ومؤسسة التقدم العلمي، التي يبلغ إجمالي استثماراتها نحو 546 مليون دينار (1.8 مليار دولار).

ويقول فهد الشريعان، الخبير في أسواق المال، إن الاستثمارات الحكومية في البورصة، ليس لديها تغطية كافية لحمايتها من أي تداعيات قد تطرأ على الساحة الاقتصادية أو السياسية، مضيفا "مع ظهور أي أزمة سواء محلية أو خارجية نلاحظ تهاوي مؤشرات السوق بعكس باقي أسواق المنطقة".

ويشير الشريعان، في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، إلى أن تراجع أسعار النفط يبقي المتهم الأول في تهاوي مؤشرات البورصة وتراجع قيم الاستثمارات الحكومية إلى مستويات متدنية، على اعتبار أن الكويت تعتمد بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية.

ويضيف أنه على الرغم من قدم البورصة الكويتية، مقارنة بأسواق المنطقة، إلا أنها ما تزال بحاجة إلى تطوير آلية عملها وكيفية التعامل مع الأزمات.

ويحذر الخبير في أسواق المال من عدم وضع خطة حكومية لمعالجة خسائر الاستثمارات الحكومية في السوق، قائلا "يجب على الحكومة زيادة حجم الإنفاق أو طرح العديد من المشاريع الكبرى التي يمكن أن تنعكس إيجابا على الأسواق والشركات المدرجة".

ويشير إلى أن إحجام شريحة كبيرة من المتداولين عن التعامل بالسوق مثير للقلق، خاصة بعد انسحاب العديد من الشركات المهمة في السوق.

وغادرت أكثر من 42 شركة بورصة الكويت خلال الـ18 شهرا الأخيرة، قسراً أو طوعاً، لتتواصل هجرة الشركات لسوق الأوراق المالية، في ظل ضعف مستوى التداول وتعثر الشركات في الوفاء بمتطلبات الجهات الرقابية.

وكانت شركة الموازي للاستشارات المالية والاقتصادية الكويتية، قد توقعت، في تقرير لها مؤخرا، ارتفاع وتيرة انسحاب الشركات من البورصة بنهاية العام الجاري، في وقت تعاني فيه السوق بالفعل من تراجع كبير في معدلات الإدراج.

وترى الشركة أن عدد الشركات الجديدة التي ستخرج من السوق خلال 2016 سيتراوح بين 16 و20 شركة من بين إجمالي 191 شركة مدرجة.

ويرى خبراء أن الوضع الحالي لسوق المال لا يسمح للحكومة بطرح بعض الشركات في البورصة، من أجل جذب سيولة مالية لتقليص عجز الموازنة الناجم عن تراجع إيرادات النفط.

وكان نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، أنس الصالح، قال في يوليو/تموز الماضي، إن الحكومة تدرس طرح أربع شركات تابعة لمؤسسة البترول الكويتية للاكتتاب العام، هي "البترول الكويتية العالمية" و"ناقلات النفط" و"الكويت للاستكشافات الخارجية" و"الصناعات البتروكيماوية".

المساهمون