14 يوليو 2021
الحرب الكونية الثالثة... شكل آخر من الاستعمار
لا يمكن لك مستقبلاً أن تستوعب كنه الحروب القادمة، وشكلها وآلياتها وأدواتها واستراتيجياتها المعتمدة، إلا متى تغلغلت في عمق التاريخ القريب، على الأقل بداية من الحروب البروسية الفرنسية، إذ عملت السكك الحديد والتعبئة السريعة للجيوش فعلها في تغيير مجريات الحرب لصالح بسمارك، ومن خلالها تعرّفنا إلى أبجديات الحرب الخاطفة، ثم كانت الحرب العالمية الأولى بين ألمانيا وحلفائها من جهة وفرنسا وبريطانيا وحلفائهما من جهة أخرى، ومن معطياتها تعرّفنا إلى حرب الخنادق والاستعمال البدائي للطائرات والدبابات..
أما الحرب العالمية الثانية، فقد كانت فرصة مواتية للتعرف من جديد إلى الحرب الهتلرية الخاطفة في شكلها الجديد، بالإضافة لدخول عنصري الدبابات والطائرات بشكل أوسع، وبصفة خاصّة الغواصات والسفن وحاملات الطائرات والصراع التكنولوجي في شكله البدائي، وأخيراً الاستعمال المقزز للقنابل الذرّية من قبل الولايات المتحدة على كل من مدينتي هيروشيما وناكازاكي، لندخل إلى طور آخر وشكل آخر من الحروب لفرض الاستسلام وإجبار الدولة "المارقة" على الخضوع..
هكذا كانت مجريات الحروب ومعطياتها في القرنين الماضيين، لكن مع التطور التكنولوجي المطّرد وازدياد العنصر الديمغرافي، إذ بلغت أعداد البشرية ما فوق سبعة مليارات، تغيّرت وسائل إخضاع الشعوب إلى إرادات الأقوياء، حتى لكأن حروب السلاح والسيطرة بالقوة النارية لم تعد لتأتي أكلها، لما تستدعيه من تحضير كبير إن على مستوى العنصر البشري أو على مستوى العنصر اللوجيستكي، ما يكلّف الدول الاستعماريّة ما لا طاقة لها به.
وعليه، فإن حروب الهيمنة قد اتخذت الشكل الاقتصادي والتجاري والصناعي، معتمدة على رؤى استراتيجيّة مختلفة، إذ إننا سنتخذ الاستعمار الفلاحي عنصراً أساسياً للدرس والبحث والتمحيص، وخاصة الهيمنة الاقتصادية باستعمال مادّة القمح لإخضاع الشعوب وسلب مقدّراتها.
وعليه، فإن مشاريع سيطرة تلك الكيانات الخفية في قادم الأيام ستكون برامجها على الشكل التالي:
• التحوير الجيني للموادّ الفلاحية: قبل أن نتطرّق إلى هذا العنصر، لا مناص من تعريف ما معنى التحوير الجيني. يشبّه العلماء تحوير الجينات بوظيفة الإيجاد والاستبدال، التي تستخدم لتصحيح الأخطاء الإملائية في الوثائق الإلكترونية المكتوبة على الكمبيوتر. وبدلاً من تحرير الكلمات، تعيد تقنيات تحرير الجين كتابة الحمض النووي، وهو الشفرة البيولوجية التي تشكل كتيبات التعليمات لجميع الكائنات الحية البشرية والحيوانية وحتى الفلاحية. ولدينا الآن طريقة دقيقة لتصحيح أو استبدال أو حتى حذف الحمض النووي المعيب.
وتقنيات التحرير الجيني، هي مجموعة من تقنيات التعديل الجيني تعيد كتابة المادّة الوراثية لأي كائن حيّ، وتعتبر هذه التقنية أكثر دقة بكثير من التقنيات السابقة للهندسة الوراثية، وتستهدف علاج العديد من الأمراض كالإيدز والتهاب الكبد الفيروسي والسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية بالنسبة للكائن البشري، كما يمكنها أيضاً تغيير سلوك بعض الموادّ الفلاحية الأساسية كالبطيخ والزيتون والقمح، وجعل بذورها تنتج فصلاً واحداً تصبح بعده البذور غير قابلة للزرع مرّة أخرى.
الغاية من ذلك دفع الفلاح أينما كان وخاصة في الدولة المستهدفة، على شراء البذور كل سنة بدلاً من استعمال البذور التي يجنيها من محصوله السنوي، وهو ما يعني السيطرة الكاملة على تجارة البذور في العالم، والتحكم في قوت الإنسان وخاصة في دول العالم المفقّر والمهمّش، وفي نفس الوقت الغنيّ بالمصادر الأولية.
• التحكّم في أسعار الموادّ الفلاحيّة: إن السيطرة على تجارة البذور والتلاعب بجيناتها الوراثية، سيؤدّي بالأساس ودون أي شك في ذلك إلى هيمنة حقيقية لنفس الغرف السوداء، على أسعار تلك البذور؛ إمّا بإغراق السوق بها متى شاءت لتسجّل نفس أسعار تلك الموادّ الانخفاض، وتصبح بذلك مضرّة الفلاح البسيط ثابتة وأكيدة، وإما عن طريق إفراغ السوق منها وجعلها مادّة نادرة صعبة المنال، فتصبح أسعارها بعد ذلك شبه خيالية، ما يعني أيضاً تخلّي الفلاح الصغير عن إنتاجها لصالح الوحوش الكبرى، المسيطرة على القطاع الفلاحي، التي تملك أراضي شاسعة تمكّنها من تغطية تكلفة الشراء وتحصيل أرباح معتبرة.
• السيطرة الكاملة على أساطيل النقل البحري: من المعلوم جيداً أن النقل البحري يعتبر الأقل كلفة بالنسبة للدول المصدّرة لمنتجاتها الفلاحية.. تلك الدول الكبرى التي عادة ما يكون منتجها السنوي أضعاف أضعاف ما يمكن أن تحتاج إليه لمواطنيها، ما يجعلها تضطرّ إلى تصديره إلى دول أخرى في حاجة أكيدة له، إذ يتمّ تصريفه عن طريق البيع مباشرة أو مبادلته بموادّ أساسية أو أولية أخرى تحتاج إليها تلك الدول.. وأيضاً لتبقى تلك الدول مستعبدة أصلاً وفي حاجة دائمة لمنتجاتها.. ثم إن تلك المهيمنة عادة ما تعتمد على أساطيلها البحرية، المكوّنة من مئات أو آلاف السفن العملاقة، وذلك ليس الهدف منه فقط ضمان تصدير منتجها في الزمان والمكان، بقدر ما كانت تبحث عن جعل تلك التجارة البحرية بين يديها، كورقة ضغط مستمرة على الدول المستوردة، تتعلّل متى شاءت بغلاء أسعار النقل أو حتى ما يمكّنها أصلاً من قطع إمداد نفس تلك المواد الأساسية التي لا غنى عنها، وأي فقدان لها يعني تفشي المجاعات وما يصاحبها من أمراض.
• السيطرة على المسارات البحرية: لتكتمل منظومة الهيمنة والسيطرة على الموارد أينما كانت على وجه البسيطة، تسعى تلك الغرف السوداء إلى السيطرة كلياً على المسارات البحرية ومجاريها وحتى الموانئ والمراسي، ولا شكّ بأن دولة الإمارات العربية تسعى منذ السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين، إلى السيطرة على أغلب الموانئ البحرية المهمة في العالم من خلال عمليات توسيع طويلة المدى، وأساساً في نطاق المسارات البحرية الحساسة والمهمة، مثل ميناء الصومال وجيبوتي والجزائر وأماكن أخرى عديدة.
ثمّ إن عمليات القرصنة التي تعرّضت لها العديد من السفن التجارية الكبرى، في خلجان جيبوتي والصومال واليمن وفي المحيط الهندي عموماً، لا يمكن بأي حال أن تكون قد جاءت صدفة بقدر ما كان مبرمجاً لها وربّما مموّلة من دولة بعينها، حتى تصبح التجارة البحرية مستحيلة لطرف بعينه لصالح طرف آخر يمثل خطراً داهماً لهم.
• تسليم الحكم إلى الموالي: يوماً ما قالت فرنسا وهي تغادر بلداً استعمرته لقرون بأنّها تركت فيها حاكماً يواليها فرنسيّاً أكثر من الفرنسيين، وذلك دلالة على العملاء الذين زرعتهم داخل الدول الوطنية الحديثة الاستقلال، من خلال معاهدات واتفاقيات استقلال مذلّة ومهينة، تجعل تلك الدول في تبعيّة اقتصادية كاملة لعشرات العقود للدول التي كانت تستعمرها عسكريّاً، حتى لكأنّ الاستعمار قد غادر تلك الدول الحديثة العهد، ليملأ فراغه موال أشدّ وفاءً للمستعمر حتى من جنودهم.
وأخيراً، واعتباراً لما سبق ذكره، فإن تجميع تلك النقاط المبرمجة آنفاً ربّما منذ عقود خلت، سيمثّل بالضرورة استراتيجية واضحة المعالم انتهجتها تلك المنظومات الاستعمارية لمزيد الهيمنة والسيطرة وتفقير الدول، التي في طريقها نحو النموّ بتؤدة وببطء شديد، من جراء العديد من العوامل الداخلية أو الخارجية التي ساهمت ربما حتى في تفتيتها واختفائها عن وجه البسيطة.
أما الحرب العالمية الثانية، فقد كانت فرصة مواتية للتعرف من جديد إلى الحرب الهتلرية الخاطفة في شكلها الجديد، بالإضافة لدخول عنصري الدبابات والطائرات بشكل أوسع، وبصفة خاصّة الغواصات والسفن وحاملات الطائرات والصراع التكنولوجي في شكله البدائي، وأخيراً الاستعمال المقزز للقنابل الذرّية من قبل الولايات المتحدة على كل من مدينتي هيروشيما وناكازاكي، لندخل إلى طور آخر وشكل آخر من الحروب لفرض الاستسلام وإجبار الدولة "المارقة" على الخضوع..
هكذا كانت مجريات الحروب ومعطياتها في القرنين الماضيين، لكن مع التطور التكنولوجي المطّرد وازدياد العنصر الديمغرافي، إذ بلغت أعداد البشرية ما فوق سبعة مليارات، تغيّرت وسائل إخضاع الشعوب إلى إرادات الأقوياء، حتى لكأن حروب السلاح والسيطرة بالقوة النارية لم تعد لتأتي أكلها، لما تستدعيه من تحضير كبير إن على مستوى العنصر البشري أو على مستوى العنصر اللوجيستكي، ما يكلّف الدول الاستعماريّة ما لا طاقة لها به.
وعليه، فإن حروب الهيمنة قد اتخذت الشكل الاقتصادي والتجاري والصناعي، معتمدة على رؤى استراتيجيّة مختلفة، إذ إننا سنتخذ الاستعمار الفلاحي عنصراً أساسياً للدرس والبحث والتمحيص، وخاصة الهيمنة الاقتصادية باستعمال مادّة القمح لإخضاع الشعوب وسلب مقدّراتها.
وعليه، فإن مشاريع سيطرة تلك الكيانات الخفية في قادم الأيام ستكون برامجها على الشكل التالي:
• التحوير الجيني للموادّ الفلاحية: قبل أن نتطرّق إلى هذا العنصر، لا مناص من تعريف ما معنى التحوير الجيني. يشبّه العلماء تحوير الجينات بوظيفة الإيجاد والاستبدال، التي تستخدم لتصحيح الأخطاء الإملائية في الوثائق الإلكترونية المكتوبة على الكمبيوتر. وبدلاً من تحرير الكلمات، تعيد تقنيات تحرير الجين كتابة الحمض النووي، وهو الشفرة البيولوجية التي تشكل كتيبات التعليمات لجميع الكائنات الحية البشرية والحيوانية وحتى الفلاحية. ولدينا الآن طريقة دقيقة لتصحيح أو استبدال أو حتى حذف الحمض النووي المعيب.
وتقنيات التحرير الجيني، هي مجموعة من تقنيات التعديل الجيني تعيد كتابة المادّة الوراثية لأي كائن حيّ، وتعتبر هذه التقنية أكثر دقة بكثير من التقنيات السابقة للهندسة الوراثية، وتستهدف علاج العديد من الأمراض كالإيدز والتهاب الكبد الفيروسي والسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية بالنسبة للكائن البشري، كما يمكنها أيضاً تغيير سلوك بعض الموادّ الفلاحية الأساسية كالبطيخ والزيتون والقمح، وجعل بذورها تنتج فصلاً واحداً تصبح بعده البذور غير قابلة للزرع مرّة أخرى.
الغاية من ذلك دفع الفلاح أينما كان وخاصة في الدولة المستهدفة، على شراء البذور كل سنة بدلاً من استعمال البذور التي يجنيها من محصوله السنوي، وهو ما يعني السيطرة الكاملة على تجارة البذور في العالم، والتحكم في قوت الإنسان وخاصة في دول العالم المفقّر والمهمّش، وفي نفس الوقت الغنيّ بالمصادر الأولية.
• التحكّم في أسعار الموادّ الفلاحيّة: إن السيطرة على تجارة البذور والتلاعب بجيناتها الوراثية، سيؤدّي بالأساس ودون أي شك في ذلك إلى هيمنة حقيقية لنفس الغرف السوداء، على أسعار تلك البذور؛ إمّا بإغراق السوق بها متى شاءت لتسجّل نفس أسعار تلك الموادّ الانخفاض، وتصبح بذلك مضرّة الفلاح البسيط ثابتة وأكيدة، وإما عن طريق إفراغ السوق منها وجعلها مادّة نادرة صعبة المنال، فتصبح أسعارها بعد ذلك شبه خيالية، ما يعني أيضاً تخلّي الفلاح الصغير عن إنتاجها لصالح الوحوش الكبرى، المسيطرة على القطاع الفلاحي، التي تملك أراضي شاسعة تمكّنها من تغطية تكلفة الشراء وتحصيل أرباح معتبرة.
• السيطرة الكاملة على أساطيل النقل البحري: من المعلوم جيداً أن النقل البحري يعتبر الأقل كلفة بالنسبة للدول المصدّرة لمنتجاتها الفلاحية.. تلك الدول الكبرى التي عادة ما يكون منتجها السنوي أضعاف أضعاف ما يمكن أن تحتاج إليه لمواطنيها، ما يجعلها تضطرّ إلى تصديره إلى دول أخرى في حاجة أكيدة له، إذ يتمّ تصريفه عن طريق البيع مباشرة أو مبادلته بموادّ أساسية أو أولية أخرى تحتاج إليها تلك الدول.. وأيضاً لتبقى تلك الدول مستعبدة أصلاً وفي حاجة دائمة لمنتجاتها.. ثم إن تلك المهيمنة عادة ما تعتمد على أساطيلها البحرية، المكوّنة من مئات أو آلاف السفن العملاقة، وذلك ليس الهدف منه فقط ضمان تصدير منتجها في الزمان والمكان، بقدر ما كانت تبحث عن جعل تلك التجارة البحرية بين يديها، كورقة ضغط مستمرة على الدول المستوردة، تتعلّل متى شاءت بغلاء أسعار النقل أو حتى ما يمكّنها أصلاً من قطع إمداد نفس تلك المواد الأساسية التي لا غنى عنها، وأي فقدان لها يعني تفشي المجاعات وما يصاحبها من أمراض.
• السيطرة على المسارات البحرية: لتكتمل منظومة الهيمنة والسيطرة على الموارد أينما كانت على وجه البسيطة، تسعى تلك الغرف السوداء إلى السيطرة كلياً على المسارات البحرية ومجاريها وحتى الموانئ والمراسي، ولا شكّ بأن دولة الإمارات العربية تسعى منذ السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين، إلى السيطرة على أغلب الموانئ البحرية المهمة في العالم من خلال عمليات توسيع طويلة المدى، وأساساً في نطاق المسارات البحرية الحساسة والمهمة، مثل ميناء الصومال وجيبوتي والجزائر وأماكن أخرى عديدة.
ثمّ إن عمليات القرصنة التي تعرّضت لها العديد من السفن التجارية الكبرى، في خلجان جيبوتي والصومال واليمن وفي المحيط الهندي عموماً، لا يمكن بأي حال أن تكون قد جاءت صدفة بقدر ما كان مبرمجاً لها وربّما مموّلة من دولة بعينها، حتى تصبح التجارة البحرية مستحيلة لطرف بعينه لصالح طرف آخر يمثل خطراً داهماً لهم.
• تسليم الحكم إلى الموالي: يوماً ما قالت فرنسا وهي تغادر بلداً استعمرته لقرون بأنّها تركت فيها حاكماً يواليها فرنسيّاً أكثر من الفرنسيين، وذلك دلالة على العملاء الذين زرعتهم داخل الدول الوطنية الحديثة الاستقلال، من خلال معاهدات واتفاقيات استقلال مذلّة ومهينة، تجعل تلك الدول في تبعيّة اقتصادية كاملة لعشرات العقود للدول التي كانت تستعمرها عسكريّاً، حتى لكأنّ الاستعمار قد غادر تلك الدول الحديثة العهد، ليملأ فراغه موال أشدّ وفاءً للمستعمر حتى من جنودهم.
وأخيراً، واعتباراً لما سبق ذكره، فإن تجميع تلك النقاط المبرمجة آنفاً ربّما منذ عقود خلت، سيمثّل بالضرورة استراتيجية واضحة المعالم انتهجتها تلك المنظومات الاستعمارية لمزيد الهيمنة والسيطرة وتفقير الدول، التي في طريقها نحو النموّ بتؤدة وببطء شديد، من جراء العديد من العوامل الداخلية أو الخارجية التي ساهمت ربما حتى في تفتيتها واختفائها عن وجه البسيطة.