الجزائر: سقوط أباطرة الكارتل المالي يهدّد آلاف العمال

14 يونيو 2019
مخاوف من مخاطر اقتصادية بسبب تداعيات قضايا الفساد (Getty)
+ الخط -

توالى سقوط الكارتل المالي في الجزائر بوتيرة متسارعة وسط حراك شعبي متواصل، وكان آخر رجل أعمال ذهب إلى سجن الحراش هو محي الدين طاحكوت "إمبراطور الخدمات الجامعية والنقل"، ما أثار العديد من الأسئلة حول تداعيات فتح ملف الفساد ومصير استثمارات "أباطرة الاقتصاد" المقدرة بأكثر من 8 مليارات دولار، ومستقبل عشرات آلاف العمالة.

وبعد سلسلة التوقيفات التي طاولت رجال الأعمال، بداية برجل الأعمال رئيس أكبر منتدى يجمع كبار المستثمرين الجزائريين علي حداد، والإخوة كونيناف ورجل الأعمال ومالك مجمع "سيفيتال" أسعد ربراب، بالإضافة إلى محي الدين طاحكوت، سيكون الإبقاء على الشركات المملوكة لهم أكبر تحد يواجه القضاء الجزائري والحكومة على السواء، كونها من أكبر المؤسسات الاقتصادية في البلاد.

وفي تطور ملحوظ انضم إلى سجن الحراش رئيس الحكومة الجزائرية السابق، أحمد أويحيى، الذي تم إيداعه الحبس المؤقت، أول من أمس، بعد توجيه تهم فساد إليه.

وفيما يتعلق بمصير العمال الذين يشتغلون في مؤسسات أباطرة المال التي توظف أكبر فئات من العمال، أكد الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أن "العدالة سوف تأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر، فالقاضي لا يمكنه التلاعب بمصير آلاف الأسر ويأمر بغلق الشركات أو تسريح العمال".

وأضاف نور الدين لـ"العربي الجديد" أن "في مثل هذه الملفات قد يتم نقل الملكية للحكومة من خلال البيع بالمزاد، فغلق المؤسسات سيساهم في خلق ندرة في سوق الشغل ويؤدي إلى أزمة بطالة".

8 مليارات دولار هي الحجم المقدّر لثروات واستثمارات رجال الأعمال الملاحقين قضائياً ربراب، وحداد، والإخوة كونيناف، و"آل طاحكوت"، نزلاء سجن "الحراش" الواقع في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية، بتهم فساد مالي، وتكوين ثروات بطرق مشبوهة.

ربراب البالغ من العمر 75 عاما، صاحب أكبر ثروة مالية في الجزائر وسادس أغنى مليارديرات أفريقيا بـ3.7 مليارات دولار، وفق آخر تصنيف للمجلة الأميركية الشهيرة "فوربس" حول رجال المال في القارة السمراء لعام 2019، ويواجه ربراب تهما تتعلق بتضخيم الفواتير والتصريح الكاذب واستيراد عتاد مستعمل.

ثاني رجالات الأعمال الموجودين خلف قضبان سجن "الحراش" من حيث الحجم المالي، هو علي حداد زعيم الكارتل المالي سابقا في عهد بوتفليقة "منتدى رؤساء المؤسسات" أكبر تكتل لرجال الأعمال في الجزائر، وحسب تقديرات الخبراء فإن ثروته تبلغ نحو 2.5 مليار دولار.

فيما يعد آخر الوافدين إلى السجن طاحكوت الملاحق بتهم تبييض أموال محصلة من أعمال إجرامية والضغط على أعوان عموميين وتقديم رشاوى للظفر بصفقات عمومية، ثالث رؤوس الأموال القابعة في السجن من حيث الحجم بثروة تقدر بـ 1.5 مليار دولار.

وجاء الإخوة "اللغز" كونيناف، كريم ونوح، بالإضافة إلى رضا، المقربون من عائلة بوتفليقة، في آخر سلم رجال الأعمال المسجونين بـ 800 مليون دولار.

41 ألف عامل هو عدد ما يوظفه رجال الأعمال المغضوب عليهم في الجزائر بطريقة مباشرة، دون احتساب المناصب غير المباشرة المتعلقة بشركات المناولة المتعاقدة معهم، حسب بيانات أعلنتها هذه الشركات.

وأكد الخبير الاقتصادي فرحات علي، أنه "يمكن التحدث عن عقوبات معنوية على الأشخاص وليس على الشركات، فالملكية يمكن أن تحول إلى الحكومة عن طريق تعيين متصرف إداري يقوم بجرد الممتلكات وعرضها للبيع في المزاد العلني، بعد أمر من قاضي التحقيق". وأستبعد تأميم هذه المؤسسات حاليا، "لأننا في اقتصاد حر وليس اشتراكيا".

وأضاف علي لـ "العربي الجديد" أن "تجربة "فضيحة الخليقة" (قضية فساد تورط فيها رجل الأعمال عبد المؤمن خليفة) أثبت أن خيار غلق المؤسسات (الخليفة للطيران والخليفة بنك) لم يكن الحل الأمثل وأحال الآلاف من الكوادر المميزة والعمال إلى البطالة، ووجدت الحكومة صعوبة في تعويض المتضررين، رغم تصفية الممتلكات".

ومجمع "سوفيتال" المملوك لأسعد ربراب يُشغل 18 ألف عامل مقسمين على 26 فرعا، ويعتبر المجمع أكثر الشركات الجزائرية تصديرا خارج قطاع النفط بمعدل نمو سنوي بلغ 30 بالمائة السنة الماضية.

أما مجمع "أي تي ار اتش بي" لعلي حداد فيوظف 10 آلاف عامل موزعين على شركة أشغال العمومية وبعض الفنادق، بالإضافة إلى المجمع الإعلامي "وقت الجزائر" الذي يضم جريدتين وقناتين، أعلن المجمع عن غلق إحداها "دزاير نيوز" في 25 من الشهر الحالي بحجة غياب التمويل المالي. من جانبه يوظف مجمع "تي أم سي" لطاحكوت المسجون رفقة شقيقيه رشدي وحميد بالإضافة لابنه بلال، 8 آلاف عامل.

في المقابل، توظف عائلة "كونيناف" عبر شركة "كوسيجي" المختصة في مجال "الهيدروليك" لتشييد القنوات المائية والآبار والسدود والجسور، وقد أنجزت العديد من المنشآت بالجنوب الجزائري، قرابة 5 آلاف عامل.

المساهمون