الجزائر تراهن على ثروة الغاز لتعويض خسائر النفط

02 مارس 2016
يرفض سكان الجنوب الجزائري استخراج الغاز الصخري (فرانس برس)
+ الخط -

 

كشفت الجزائر أخيراً عن نيتها في التوجه نحو استغلال الثروة الغازية والطاقات المتجددة إلى أبعد حد ممكن، كبديل لتجاوز تراجع إيرادات النفط في الأسواق العالمية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي الجزائري، ما دفع بالحكومة إلى تبني سياسة ترشيد الإنفاق العام وتجميد عدد من المشاريع الكبرى.

وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد أعطى في 22 فبراير/شباط الماضي تعليمات لمواصلة وتكثيف التنقيب عن الموارد من الغاز الطبيعي، مطالباً بضرورة جعل برنامج الطاقات المتجددة كأولوية وطنية بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الوطني من أجل ضمان استقلال الطاقة للجزائر والتحرر من سياسة الاعتماد على النفط.

وتمتلك الجزائر احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، حيث تشير البيانات الرسمية إلى بلوغ الاحتياطيات المؤكدة 4.7 ترليون متر مكعب من الغاز، بما يعادل 3% من إجمالي الاحتياطي العالمي للغاز.

إلا أن ارتفاع الاستهلاك الداخلي للغاز الطبيعي جعل الخبراء يدقون ناقوس الخطر من رهن مستقبل البلاد على طاقة موجهة للاستهلاك الداخلي أكثر منها للتصدير.

وفي السياق، يقول المستشار السابق لشركة "سونطراك" النفطية الجزائرية، مراد برور، لـ"العربي الجديد": "استهلاك الغاز الطبيعي على المستوى الداخلي مرتفع جداً، وهذا الإفراط في الاستهلاك غير مبرر مقارنة بالنمو الاقتصادي في الجزائر ولا مقارنة مع الثروة التي يخلقها الاقتصاد الجزائري".

وحذر برور، وهو ومدير مكتب الخبرة الجزائري الفرنسي "إيميرجي" المتخصص في الطاقة، من الإفراط في الاستهلاك المتزايد للغاز الطبيعي، "فالجزائر تحوز فعلاً على احتياطيات كبيرة من هذه الثروة الباطنية، لكن إذا استمر الاستهلاك كما هو عليه الحال الآن فإن هذه الاحتياطات ستنضب قبل الآجال المتوقعة".

ويمكن حسب برور، أن يسد الغاز الطبيعي الثغرة التي خلفها تراجع أسعار النفط في البورصات العالمية، على إيرادات البلاد، من خلال اتباع استراتيجية مبنية على التنقيب في حقول أخرى مع الاتجاه نحو أسواق أخرى إضافة للسوق الأوروبية، مع ترشيد الاستهلاك الداخلي للغاز الطبيعي وتعويضه بالطاقات المتجددة.

من جهة أخرى، اعتبر الخبير النفطي والمدير الأسبق لشركة "سونطراك" النفطية عبد المجيد عطار، أن الصناعة الغازية في الجزائر قطعت علاقتها مع أساسيات السوق تماماً مثل العرض والطلب.

اقرأ أيضاً: بوتفليقة: اكتشفنا 450 بئرا للنفط والغاز في 45 عاما

وقال عطار لـ "العربي الجديد": "من الآن فصاعداً فإن التكنولوجيا هي من يحدد ربح المستثمرين، والجزائر تمتلك مؤهلات بشرية وتكنولوجية للحفاظ على حصصها في السوق لاسيما في المنطقة المتوسطية ولهذا على الجزائر أن تستثمر أكثر في إنتاج ونقل الغاز الطبيعي المميع كونها طاقة المستقبل".

أولوية الطاقات المتجددة

تسعى الحكومة الجزائرية إلى تحقيق اقتصاد في استهلاك الغاز والمواد النفطية بحدود 42 مليار دولار بغضون 2030 مع خفض استهلاكهما بنحو 9%.

ولتحقيق ذلك أعادت الحكومة إطلاق البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة الذي تم اعتماده في مجلس الوزراء المنعقد في مايو/أيار 2015، والهادف إلى إنتاج كهرباء من مصادر متجددة لاسيما الطاقة الشمسية والرياح، بمعدل سنوي قدره 22ألف ميغاوات بغضون عام 2030، منها 10 آلاف ميغاوات موجهة للتصدير. ويمثل ذلك ما يقارب 27% من حجم الإنتاج الإجمالي للكهرباء المتوقع في 2030 .

وبموجب البرنامج، فخلال العقد ونصف المقبل، يستفيد 100 ألف مسكن سنوياً من ألواح شمسية وكذا تحويل مليون سيارة و20 ألف حافلة إلى استهلاك الغاز الطبيعي المسال عوض الوقود، وهو ما يسمح بخلق 180 ألف فرصة عمل، حسب المؤشرات التي وضعتها الحكومة الجزائرية.

وفي هذا السياق أوصى مدير مركز تطوير الطاقات المتجددة في الجزائر نورالدين يسع، بدمج المستثمرين في القطاع الخاص المحلي والأجنبي للمساهمة في تجسيد أهداف البرنامج، داعياً الحكومة الجزائرية إلى تشجيع هذا الدمج من خلال إجراءات تحفيزية تمنح مزيداً من التسهيلات لنشاطات إنتاج وتوزيع الطاقات المتجددة.

ومن المفارقات في هذا المجال، هو أن الجزائر رفضت السنة الماضية البدء في مشروع "ديزيرتيك" الأوروبي الذي يهدف إلى إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية في المناطق الصحراوية، لتعود بعد عام وتجعل من الطاقات المتجددة أولية وطنية.

الغاز الصخري

حال ارتفاع تكاليف استغلال الغاز الصخري وافتقار الجزائر لتقنيات استخراجه، دون التوجه لبداية استغلال هذه الطاقة المتوفرة بكميات ضخمة في البلاد، رغم الإعلان المتكرر للحكومة عن سعيها للتنقيب على الغاز الصخري، ما أدخلها في صدامات مع المعارضة ومع سكان الجنوب الجزائري الرافضين لاستخراجه.

وتتوفر الجزائر على 4940 ترليون قدم مكعب من احتياطات الغاز الصخري، ما يجعلها الثالثة عالمياً، منها 740 ترليون قدم مكعب قابلة للاستخراج حسب تقديرات أنجزتها الشركة الجزائرية للمحروقات "سونطراك"، على خمسة أحواض في الجنوب الجزائري.

ويرجح أستاذ البيئة في جامعة ورقلة وعضو اللجنة الشعبية لمناهضة الغاز الصخري سقني لعجال، أن تكون عوائد استخراج الغاز الصخري غير مضمونة للجزائر.

وقال لعجال لـ"العربي الجديد": "مشروع الغاز الصخري كارثة على الجزائر، ليس لمخاطره البيئية والصحية الناجمة عن تقنيات التنقيب فقط للخسائر التي ستتكبدها الجزائر في سعيها لاستغلاله لأنها ستستورد كل شيء متعلق باستخراج الغاز الصخري".

 

 

 
اقرأ أيضاً:
الجزائر على أعتاب الاستدانة الخارجية
تهاوي إيرادات الجزائر من النفط والغاز 41%

المساهمون