وأيضاً، هناك 3.2 ملايين لاجئ فنزويلي، وجدوا طريقهم إلى كولومبيا المجاورة، والبيرو والإكوادور. الارتباط اللغوي والتداخل الاجتماعي، طغيا على إمكانية هروب الفنزويليين إلى غويانا أو البرازيل المجاورتين، لأسباب لغوية واقتصادية واجتماعية. بوغوتا، وكيتو، وليما أقرب إلى الفنزويليين.
هجرة هؤلاء دفعت سلطات الهجرة الكولومبية والإكوادورية والبيروفية، للاجتماع أمس الثلاثاء، في بوغوتا، لمناقشة أزمة اللاجئين الفنزويليين. من الطبيعي أن مادورو هو الأساس في المناقشات. لا يُمكن ترك الأمور على غاربها في فنزويلا، ما يفسح المجال أمام لجوء أعداد أكبر من الفنزويليين، البالغ عددهم 31.6 مليون نسمة. وهو أمر لا يمكن أن تتحمّله كولومبيا تحديداً، التي تعاني أصلاً من وجود عشرات الآلاف من الفنزويليين على الحدود، وبينهن نساء بات الجنس عملهن الوحيد لإطعام أولادهن. ففي تقرير لـ"سكاي نيوز البريطانية"، روايات عن نساء فنزويليات يعملن في الجنس. وذكر التقرير أن "شوارع مدينة كوكوتا الحدودية مليئة بالفنزويليات على جانبي الطرق كجزء من تجارة الجنس التي ازدهرت في المدينة بعد الأزمة الاقتصادية في فنزويلا. وفي إحدى النوادي الليلية، كانت الغالبية الساحقة من النساء اللائي يعملن كبغايا من الفنزويليات". وأضاف التقرير أن "60 امرأة تعمل في بيت للدعارة في كولومبيا، من بينهن سيدتان فقط من كولومبيا، بينما البقية من فنزويلا". وفي شهادة لسيدة فنزويلية قالت إنها "كانت تعمل في السابق راقصة باليه في فنزويلا قبل الانهيار الاقتصادي للبلاد، قبل امتهان الجنس، وأضافت: هذا عمل مخجل لكن ما الخيار الذي أملكه؟ لا بد لي من كسب المال لرعاية أطفالي وإطعامهم. لا يوجد شيء في فنزويلا".
كولومبيا، التي تمتلك أساساً علاقة متردية مع فنزويلا، استقبلت أخيراً 800 ألف فنزويلي ومنحتهم حق الإقامة المؤقت، لكنها غير قادرة على الاستمرار في ذلك. كما أن بوغوتا لم تلقَ تضامناً أميركياً جنوبياً معها، وعليه أعلنت كولومبيا يوم الإثنين، أنها "ستنسحب من (اتحاد دول أميركا الجنوبية) في الأشهر الستة المقبلة"، متهمة المنظمة بـ"التواطؤ" مع "ديكتاتورية" نيكولاس مادورو في فنزويلا. وقال الرئيس الكولومبي إيفان دوك الذي تسلم مهام منصبه في بداية أغسطس/آب الحالي: "طوال سنوات، أكدت علناً أن على كولومبيا ألا تبقى عضواً في الاتحاد"، موضحًا أنها "مؤسسة أدى صمتها وتواطؤها في أغلب الأحيان، إلى التغافل عن استنكار المعاملة الوحشية للديكتاتورية (للمواطنين) في فنزويلا".
وأضاف الرئيس الكولومبي أن "الكتلة الإقليمية التي أُنشئت في 2008 بمبادرة من الرئيسين البرازيلي والفنزويلي في تلك الفترة، ايناسيو لويس لولا دا سيلفا وهوغو تشافيز، لم تندد يوماً بأي من هذه التجاوزات ولم تضمن حريات الفنزويليين". وأوضح أن "الحكومة الكولومبية بدأت الإجراءات الرسمية لإلغاء المعاهدة التي تربطها بالمنظمة".
وكان وزير الخارجية كارلوس هولمس تروخيلو، أعلن انسحاب كولومبيا من المنظمة في 10 أغسطس الحالي، أي بعد ثلاثة أيام من وصول إيفان دوك إلى سدة الحكم. ويضم اتحاد دول أميركا الجنوبية (أوناسور) الذي يتخذ من كيتو مقراً، 14 بلداً. وفي أبريل/نيسان الماضي، قررت ست من هذه الدول، البرازيل والأرجنتين وكولومبيا وتشيلي والبيرو والباراغواي، تعليق مشاركتها حتى تعيين أمين عام جديد بدلاً من الكولومبي إرنستو سامبر الذي استقال في يناير/كانون الثاني 2017.
لكولومبيا حسابات أخرى أيضاً، متعلقة بعلاقاتها السيئة مع مادورو، فخلال تنصيبه، وجّه دوك تحذيراً إلى سلطة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو التي كان وصفها مراراً بأنها "ديكتاتورية"، مؤكداً أنه "يرفض هذا النوع من الحكم". وهو ما كان دافعاً لمادورو، لاتهام بوغوتا بـ"محاولة اغتياله" في 5 أغسطس الحالي، أثناء عرضٍ عسكري في كاراكاس. ومن شأن أزمة اللجوء الفنزويلي أن تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار بين دول أميركا الجنوبية، غير المستقرة أساساً، خصوصاً في البرازيل وأزماتها السياسية، والأرجنتين ومشاكلها الاقتصادية.