التلويح بتعديل وزاري مصري: مناورة لتمرير الموازنة أم ضرورة؟

18 يونيو 2016
تصاعد الاحتجاجات الشعبية رفضاً لأداء الحكومة المصرية (محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -
يروّج النظام المصري، عبر منابره الإعلامية والسياسية، لإمكانية إجراء تعديل وزاري خلال الفترة القصيرة المقبلة، على خلفية رفض بعض الكتل البرلمانية للموازنة العامة للدولة.
وناقشت اللجان النوعية في مجلس النواب المصري، أخيراً، مشروع الموازنة المقدم من قبل الحكومة التي يرأسها شريف إسماعيل. ومن المقرر عرض مشروع الموازنة بعد استكمال دراسته ومناقشته داخل لجان البرلمان، على الجلسات العامة في 26 يونيو/حزيران الجاري، على أن يتم الانتهاء منها قبل 1 يوليو/تموز المقبل، بحسب ما ينص عليه الدستور.
وسادت حالة من الغضب والاستياء بين الكتل البرلمانية للأحزاب والنواب المستقلين بسبب مشروع الموازنة، الذي يتضمن عجزاً كبيراً، فضلاً عن وجود شكوك بعدم دستوريته لمخالفته بعض النصوص الدستورية.

وأمام ضعف وفشل الأداء الحكومي، والذي ينعكس على غلاء الأسعار وتردي المستوى المعيشي، بحسب ما يراه مواطنون ونواب في البرلمان، ظهرت مطالبات بضرورة إدخال تعديل على الحكومة بشكل عاجل. وبعد انتشار هذه الدعوات، بدأ الحديث في صحف مقربة من النظام الحالي، عن عزمه دراسة وتقييم أداء الوزارات الخدمية تمهيداً لإجراء تعديل وزاري خلال الفترة المقبلة. وسبق ذلك كلام صدر قبل بضعة أيام حول إجراء تعديل وزاري محدود، وكانت الأنظار تتجه إلى وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني، ولا سيما بعد واقعة تسريب امتحانات الثانوية العامة.

ويرى مراقبون أن تسريب هذه المعلومات من قبل أوساط النظام المصري، حول فكرة إدخال تعديل وزاري غير محدود، يندرج في إطار مناورة تهدف لتمرير الموازنة العامة للدولة، مستبعدين حصول أي تعديل خلال الفترة القريبة المقبلة. ويضيف مراقبون أن النظام الحالي يريد الإيحاء للنواب بأنه يدرس إدخال تعديل وزاري وشيك، في محاولة لاحتواء غضبهم من مشروع الموازنة العامة، لكن أيضاً لا بد من تمرير الموازنة قبل الأول من الشهر المقبل، وإلا فسيكون هناك مشكلة كبيرة.

ويشير هؤلاء إلى أن الحكومة لم يمر عليها ثلاثة أشهر عقب منح البرلمان الثقة لها، فليس من الممكن إدخال تعديل على تشكيلها باستثاء وزير التعليم بعد فضيحة تسريب الامتحانات، ولا سيما أن ائتلاف "دعم مصر" الموالي للرئيس عبدالفتاح السيسي، دعا إلى تعديل وزاري. فقد طالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "المصريين الأحرار"، علاء عابد، بإدخال تعديل وزاري لسبعة وزراء بالحكومة، منهم وزراء التموين والتربية والتعليم والصحة والإدارة المحلية والاستثمار والإسكان. كذلك دعا النائب عن حزب "مستقبل وطن"، عمرو كمال الدين، إلى إقالة وزيري التعليم والصحة، لأدائهما الضعيف والبطيء في التعامل مع الأزمات.

في هذا الإطار، يعتبر الخبير السياسي، محمد عز، أن الحديث عن تعديل وزاري وشيك ليس إلا مناورة سياسية فقط، ولا سيما مع رغبة النظام في تمرير الموازنة. ويقول عز لـ"العربي الجديد"، إن النظام الحالي يريد تمرير الموازنة كما هي، حتى ولو تضمنت مخالفات دستورية جسيمة وعجزاً كبيراً. ويضيف أن موازنة العام الجديد لا تلتزم بنسبة الـ 10 في المائة من الناتج القومي التي يجب تخصيصها للتعليم والصحة والبحث العلمي، الأمر الذي يهدد بعدم دستورية كامل بنود الموازنة.


انطلاقاً من ذلك، يرى عز أنه كان يتوجب على الحكومة ترشيد الإنفاق الحكومي وتخفيض مرتبات كبار المسؤولين، فضلاً عن تخفيض ميزانية الداخلية والقضاء، لافتاً إلى أن النظام يضغط لتمرير الموازنة، من خلال إطلاق تصريحات تتحدث عن ضرورة الموافقة عليها قبل الأول من شهر يوليو/تموز، وإلا فسيكون هناك مشكلة كبيرة. ويحذر عز من أن النظام قد يتبع سياسة التضحية بالوزراء، وهي عادة كل الأنظمة المتعاقبة، ذلك أنه عندما يشعر رئيس الدولة بملاحقة الفشل له والاحتقان من قبل الشعب، يلجأ إلى تحميل الفشل للوزراء ويقرر عزلهم.

من جهته، يستبعد الخبير السياسي، مختار غباشي، فكرة اللجوء إلى تعديل وزاري على حكومة إسماعيل خلال الفترة المقبلة. ويقول لـ"العربي الجديد" إن السيسي لا يميل إلى التعديلات الوزارية الكثيرة حتى مع وجود أزمات، نظراً لانعكاس هذا على اهتزاز صورة النظام والدولة ككل. ويلفت إلى أنّ المطالبات بتعديل وزاري أمر طبيعي، نظراً لفشل الحكومة في إحراز أي تقدم ملحوظ في القضايا الاقتصادية والاجتماعية الجوهرية، فضلاً عن عدم انعكاس المشاريع الكبرى، التي تتحدث عنها، على المواطن البسيط.
ويشير غباشي إلى أن السيسي قد يلجأ إلى إقالة وزير التعليم على خلفية تسريب امتحانات الثانوية العامة، ولكن ليس في ظل تنظيم دورة الامتحانات، وقد يقْدِم على استبدال وزير التموين بسبب أزمة الأرز ونقص المواد الغذائية. وبالتالي إن التعديلات قد تقتصر على هاتين الوزارتين فقط، وقد لا يرى السيسي وجود ضرورة لتعديل وزاري أوسع خلال الفترة المقبلة. ويؤكد الغباشي على أن المطالبات بالتعديل هي نتيجة طبيعية لضعف الحكومة وسياسات الترقيع واختيار الأشخاص غير الأكفياء لتولي الوزارات.

المساهمون