26 سبتمبر 2018
التحالف الدولي والتدخل العسكري الروسي في سورية
اعترف الجنرال الأميركي، فرينك غورينتس، قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا، بأنّ القوات الجوية الروسية، تمكنت بشكل ملحوظ من تجاوز التخلّف التقني الذي تعرّضت له في سباق التسلّح مع أميركا في المرحلة الانتقالية. وجاءت تصريحاته في اجتماع رابطة سلاح الجو في أوروبا. وأوضح الجنرال أنّ التفوّق العسكري الذي تمتعت به القوات الجوية الأميركية مقابل القوات الروسية تراجع. يبدو هذا واضحًا من التحديّات التي تبديها القوات الجوية الروسية في أقاليم عديدة، والقدرات التي أظهرتها في المعارك التي شهدتها شرقي أوكرانيا، وتوجّهاتها الأخيرة للتدخل في الملف السوري لصالح بشار الأسد.
روسيا ترأس مجلس الأمن:
وضعت روسيا أولويات عديدة في أثناء توليها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، وفي مقدمتها دعم ترشّح الهند والبرازيل لتصبحا عضوين دائمين في المجلس. وطالبت كذلك بانضمام دول إفريقية للعضوية الدائمة للمجلس، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي قال إنّ مجلس الأمن يحافظ على حيويته وعلى كل المتطلبات للعب دور أساسيّ في المستقبل لحلّ الأزمات الدولية. وأضاف، في حديثه لوكالة الأنباء الروسية "تاس"، إنّ المجلس تعرّض لعملية إصلاحية رُفِعَ على إثرها عدد أعضائه من 11 إلى 15 عضوًا، ويجري الحديث حاليًا عن موجة جديدة، بهدف توسيع المجلس وزيادة أعضائه الدائمين. وأكد لافروف على دعم هذه التوجهات، وأوضح أنّ الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية محرومة من التمثيل، وهناك ضرورة لحصولها على عضوية دائمة، وأفاد بأنّ روسيا بصدد عقد اجتماعات وزارية لتحليل ودراسة المخاطر الإرهابية القادمة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وهناك إمكانية لعقد اجتماع رفيع المستوى بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في نيويورك، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لمناقشة الأوضاع في سورية، كما قال ديميتري لسكوف المتحدث باسم الكرملين، لكن الحديث ما زال مبكرًا لنشر تفاصيل اللقاء، لانعدام أيّة إشارات أو اتفاقيات من الطرف الأميركي. ولا تستبعد إدارة الرئيس أوباما انعقاد لقاء خاص مع الرئيس بوتين في أثناء الدورة 70 للهيئة الأممية في سبتمبر/أيلول الجاري. ويُذكر أنّ السلطات العراقية لم تجب، حتى اللحظة، على مطالب واشنطن، بشأن إغلاق أجوائها أمام الطيران العسكري الروسي المتوجه إلى سورية، وتأمل أميركا أن تحذو العراق حذو الدول الأخرى، وتغلق أجواءها أمام الطيران العسكري الروسي.
بوتين يطالب بدعم الأسد ضدّ داعش:
لم يكتف بوتين بالتدخل المباشر لصالح الأسد، بل طالب دولا أخرى باتّخاذ الموقف نفسه، بعد ارتفاع مستوى الوجود العسكري الروسي في سورية. وقد صرّح أنّه يدعم الحكومة السورية
في توجهاتها ضدّ الإرهاب، ولن تتوقف بلاده عن تقديم التجهيزات العسكرية المطلوبة للفوز بالمعركة ضدّ داعش، وسيُطرد الإرهابيون بعيدًا عن الإقليم. في الوقت نفسه، أشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى ضرورة تنشيط الحوار مع واشنطن، لإيجاد مخرج للأزمة السورية. وحسب محللين سياسيين عديدين، هناك مخاوف لتذرع موسكو بمواجهة داعش، لتسليح دمشق ودعم الأسد لمواجهة جماعات المعارضة السورية.
وأوضح بوتين كذلك أنّ الدعم الروسي لسورية يبعد شبح النموذج الليبي بعد مقتل معمر القذافي، ما سيؤدّي إلى الحدّ من معدّلات اللجوء بعيدًا عن الإقليم. وحسب قوله، تشعر موسكو بالقلق من رغبة تنظيم داعش وطموحه لتوسيع مدى نفوذه في أوروبا وروسيا وجنوب شرق آسيا، وهناك مخاوف من عودة مقاتلي داعش إلى هذه الدول. وأضاف أنّ الأسد على استعداد لمشاركة المعارضة السورية المعتدلة في الحكم والسلطات. وتحدّث بوتين، في طشقند خلال اجتماع منظمة معاهدة الأمن الشامل المعروفة "بحلف طشقند"، عن رفع مستوى الوجود العسكري الروسي في سورية، وتعرّض بلاده لضغوط دولية متزايدة لموقفها المؤيّد للأسد.
لكن، من الصعب الثقة بالتصريحات الروسية، أخذًا بالاعتبار الأوضاع على الأرض، حيث يسيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في الشمال والشرق، ونظام الأسد مستمر في حملاته الدامية ضدّ مناوئيه للحفاظ على قلعته في دمشق، أمّا أوروبا وأميركا فلم تتمكنا من إحراز تقدّم ملحوظ ضدّ داعش، ولا توجد خيارات كثيرة، فإمّا تخطّي الأسد وإعلان حرب شاملة ضدّ التنظيم، أو التحالف معه لتحقيق هذا الهدف، ويدرك بوتين جيّدًا المأزق الغربي. لذا، سارع إلى دعم نظام الأسد في محاولة لاستباق الأحداث.
كما أعلن بوتين في 14 سبتمبر/أيلول أنّ روسيا مستمرة بشحن المساعدات والمعدّات والتجهيزات العسكرية للأسد، لدعمه في حربه ضدّ تنظيم داعش، وحثّ على تشكيل تحالف دولي ضدّ الإرهاب في الإقليم، توافقًا مع سياسة موسكو تجاه سورية التي لم تتغير منذ العام 2010، الداعية إلى عرقلة أيّة مبادرة أميركية لإطاحة نظام الأسد، وعلى الغرب أن يقبل بهذا النظام شريكاً في مواجهة داعش والتنظيمات الإسلامية المتطرفة.
وتقدم روسيا التي شهدت عزلة شاملة من العالم الغربي، بسبب تدخلها في أوكرانيا، نفسها
بمثابة المخلّص الوحيد والشريك الأهم للعالم الغربي في مكافحة الإرهاب، وتنظيم داعش تحديدًا. ويتمثل المشروع الذي يسعى بوتين إلى تبنّيه مدعومًا من وزير خارجيته، سيرغي لافروف، بتشكيل تحالف غربي عريض مع الدول العربية لدعم الأسد في مكافحة التطرّف الإسلامي، وتنظيم داعش تحديدًا، بمشاركة القوات الكردية والعراقية وإيران وحزب الله، ويمكن لروسيا أن تلعب دورًا محوريًا في هذا التحالف، وهناك إمكانية، حسب الرؤية الروسية، لحصول هكذا تحالف على تفويض من مجلس الأمن الأممي والقضاء على المتمردين الجهاديين. بعد ذلك، تعيد روسيا الأسد إلى طاولة المفاوضات ومراقبة المرحلة الانتقالية السياسية، ما سيساهم في توطيد سلطة الأسد، وسيطرح بوتين تفاصيل خطّته هذه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. يحاول بوتين في ذلك تقريب المسافة بين الرؤية الروسية والغرب في مكافحة داعش والجهاديين، وبالتالي، إلى إعادة مركزه السياسي الدولي ورفع الحصار عن روسيا، وغضّ النظر عن التدخل الروسي في أوكرانيا، وقبول ضمّها للقرم أمراً واقعاً.
قلق أميركي ورفض شراكة الأسد:
هاتف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، زميله الروسي، سيرغي لافروف، للمرة الثالثة في الأيام العشرة الماضية، حسب تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية لوكالة أسوشييتد برس. وأكّد كيري على ضرورة التعاون بشأن مكافحة الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية في الإقليم، لكنّه قال إنّ استمرار الدعم الروسي للأسد سيؤدّي إلى رفع مؤشرات العنف، وإطالة أمد المواجهة والفتّ في عضد التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب في الإقليم. وأكد كيري كذلك على ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي انتقالي، والبحث عن بدائل للسلطة في دمشق. وأوضح لزميله لافروف أنّ الولايات المتحدة شكّلت تحالفًا دوليًا يضمّ قرابة 60 دولة، ولا يمكن لنظام الأسد أن يحظى إطلاقًا بثقة هذه الدول. ورحّب كيري بمشاركة روسيا في حلول بنّاءة من دون الاعتماد على الحلّ العسكري، والحلّ السياسي هو الوحيد والممكن للأزمة السورية من خلال تبادل السلطة وتسلّم حكومة جديدة للسلطات في دمشق.
وأشار رئيس معهد التقييم الاستراتيجي الروسي، ألكسندر كونوفاليف، إلى المخاطر التي قد تواجه روسيا لمخالفتها توجهات المجتمع الدولي بشأن الملف السوري، قد يرفع الرئيس الروسي من شعبيته الدولية إثر التدخل العسكري الروسي في ساحة القتال، والظهور بدور المخلّص في أوروبا والشرق الأوسط، حال حسم المعركة، لكنّها وجهة نظر خاطئة، وهناك إمكانية لمواجهة القوات الروسية الموجودة في سورية لقوات التحالف، وبالتالي رفع مستوى العنف والقتال وتأليب الجهاديين ضدّ التحالف الجديد بزعامة روسيا.
ويُذكر أنّ الأسد صرّح، في حوار مطوّل مع وكالة الأنباء الروسية ريا، أنّه على استعداد للتعاون مع أيّ طرف دولي بشأن مكافحة الإرهاب ومواجهة داعش، بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وقطر وفرنسا، على أن تغيّر هذه الدول مواقفها السياسية تجاه دمشق. وأردف قائلا إنّ هذه الدول تدعم المنظمات الإرهابية، ولا يمكن مكافحتها لمخاطر الإرهاب وحدها والحال كما ذكر. وأشاد بتعاونه الحثيث مع روسيا وإيران والعراق التي تواجه مخاطر الإرهاب أيضًا.
لم يتأخر الردّ التركي، وسرعان ما خاطب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المجتمع الدولي بضرورة توحيد الجهود لإسقاط نظام الأسد الشمولي، واستبداله بنخبة تأخذ بالاعتبار إرادة الشعب السوري. كما أشار أردوغان إلى مبادرته التي رفضها التحالف الغربي لتأسيس منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، لاستقبال اللاجئين وتقديم الدعم والمساعدة فوق أراضيهم من دون الهجرة واللجوء إلى أوروبا.
ومن المتوقع كذلك أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية إلى موسكو، للوقوف على تفاصيل الدعم العسكري الروسي لدمشق، حيث تخشى إسرائيل من مخاطر تكديس أسلحة استراتيجية في سورية على المستوى البعيد.
ويذكر أنّ الولايات المتحدة الأميركية كشفت عن وجود طائرات سمتية روسية في مطار
سوري، حسب تصريحات نقلتها "رويترز" عن مصادر عسكرية أميركية أكّدت وجود أربع طائرات ومقاتلات أخرى، من دون تحديد توقيت وصولها إلى المطار السوري المعني. وحسب تقديرات خبراء أميركيين، هناك قرابة 200 مقاتل روسي ودبابات ومدافع وغيرها من التقنيات القتالية في مطار عسكري قرب اللاذقية.
وحسب بيانات نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن روسيا تنشغل، حالياً، ببناء وتعبيد مدرج جديد في المطار الموجود قرب اللاذقية، لاستقبال طائرات عسكرية ضخمة، محمّلة بتمديدات وتجهيزات قتالية حديثة. ولا تسمح القوات الروسية بدخول أيّ مدني أو عسكري سوري إلى المنطقة. وأكّد المرصد هبوط طائرات عسكرية روسية محمّلة بمئات المستشارين والخبراء العسكريين في المطار المذكور. وترغب موسكو كذلك بتوسيع مطار الحميدية في جنوب محافظة طرطوس، والذي يستخدم عادة لرشّ المنتجات الزراعية بالمستحضرات الكيميائية، حسب تصريحات مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن.
داعش وأزمة اللجوء:
وتراهن روسيا على المخاوف الأوروبية من مخاطر توسّع نفوذ داعش، وارتفاع موجات اللجوء إلى القارة الأوروبية عبر كل المنافذ الممكنة، كما تراهن على عامل الوقت الذي يعمل لصالح الأسد في الوقت الراهن، إذ تبدو روسيا في صورة المنقذ والعامل الحاسم للتخلّص العسكري من داعش. ومواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في الإقليم وتقديم الأولوية لنظام الأسد وتفضيله أمام داعش وغيره من التنظيمات الإسلامية، على الرغم من استمرار الأسد بتقتيل شعبه وتهديم المدن والقرى غير الخاضعة لإرادته، لكن سمانتا باور السفير الأميركي في الأمم المتحدة قالت إنّ اللعبة المزدوجة مع نظام الأسد استراتيجية خاسرة، وحذرت في تصريحاتها لوكالة CNN أنّه من غير الممكن أن يكون الأسد جزءاً من الحلّ، لأنّه يقتل شعبه، ويسمّمه بالغازات الكيميائية، ويقذف بالبراميل المتفجرة فوق رؤوس العباد، حتى وإن كان همّ الأسد وشاغله القضاء على داعش، لا يمكن لهذا النظام تحقيق السلام والنجاح في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
وصرّح وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أمام اللجنة البرلمانية للسياسة الخارجية أنّ الحكومة البريطانية قد توافق على التدخل الإيراني والروسي لحلّ الأزمة السورية، على أن يبقى الأسد في سدّة الحكم عدّة أشهر في المرحلة الانتقالية.
وخلاصة القول إن هناك إمكانية لمواجهة عسكرية بين التحالف الذي تترأسه روسيا والتحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش في الإقليم في المنظور البعيد، ويرفض الغرب جملة وتفصيلا أن يكون الأسد جزءاً من الحلّ، باعتباره جزءاً من الأزمة، في وقت تصرّ فيه روسيا على إنقاذ نظام الأسد بشتّى الطرق الممكنة.
روسيا ترأس مجلس الأمن:
وضعت روسيا أولويات عديدة في أثناء توليها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، وفي مقدمتها دعم ترشّح الهند والبرازيل لتصبحا عضوين دائمين في المجلس. وطالبت كذلك بانضمام دول إفريقية للعضوية الدائمة للمجلس، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي قال إنّ مجلس الأمن يحافظ على حيويته وعلى كل المتطلبات للعب دور أساسيّ في المستقبل لحلّ الأزمات الدولية. وأضاف، في حديثه لوكالة الأنباء الروسية "تاس"، إنّ المجلس تعرّض لعملية إصلاحية رُفِعَ على إثرها عدد أعضائه من 11 إلى 15 عضوًا، ويجري الحديث حاليًا عن موجة جديدة، بهدف توسيع المجلس وزيادة أعضائه الدائمين. وأكد لافروف على دعم هذه التوجهات، وأوضح أنّ الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية محرومة من التمثيل، وهناك ضرورة لحصولها على عضوية دائمة، وأفاد بأنّ روسيا بصدد عقد اجتماعات وزارية لتحليل ودراسة المخاطر الإرهابية القادمة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وهناك إمكانية لعقد اجتماع رفيع المستوى بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في نيويورك، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لمناقشة الأوضاع في سورية، كما قال ديميتري لسكوف المتحدث باسم الكرملين، لكن الحديث ما زال مبكرًا لنشر تفاصيل اللقاء، لانعدام أيّة إشارات أو اتفاقيات من الطرف الأميركي. ولا تستبعد إدارة الرئيس أوباما انعقاد لقاء خاص مع الرئيس بوتين في أثناء الدورة 70 للهيئة الأممية في سبتمبر/أيلول الجاري. ويُذكر أنّ السلطات العراقية لم تجب، حتى اللحظة، على مطالب واشنطن، بشأن إغلاق أجوائها أمام الطيران العسكري الروسي المتوجه إلى سورية، وتأمل أميركا أن تحذو العراق حذو الدول الأخرى، وتغلق أجواءها أمام الطيران العسكري الروسي.
بوتين يطالب بدعم الأسد ضدّ داعش:
لم يكتف بوتين بالتدخل المباشر لصالح الأسد، بل طالب دولا أخرى باتّخاذ الموقف نفسه، بعد ارتفاع مستوى الوجود العسكري الروسي في سورية. وقد صرّح أنّه يدعم الحكومة السورية
وأوضح بوتين كذلك أنّ الدعم الروسي لسورية يبعد شبح النموذج الليبي بعد مقتل معمر القذافي، ما سيؤدّي إلى الحدّ من معدّلات اللجوء بعيدًا عن الإقليم. وحسب قوله، تشعر موسكو بالقلق من رغبة تنظيم داعش وطموحه لتوسيع مدى نفوذه في أوروبا وروسيا وجنوب شرق آسيا، وهناك مخاوف من عودة مقاتلي داعش إلى هذه الدول. وأضاف أنّ الأسد على استعداد لمشاركة المعارضة السورية المعتدلة في الحكم والسلطات. وتحدّث بوتين، في طشقند خلال اجتماع منظمة معاهدة الأمن الشامل المعروفة "بحلف طشقند"، عن رفع مستوى الوجود العسكري الروسي في سورية، وتعرّض بلاده لضغوط دولية متزايدة لموقفها المؤيّد للأسد.
لكن، من الصعب الثقة بالتصريحات الروسية، أخذًا بالاعتبار الأوضاع على الأرض، حيث يسيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في الشمال والشرق، ونظام الأسد مستمر في حملاته الدامية ضدّ مناوئيه للحفاظ على قلعته في دمشق، أمّا أوروبا وأميركا فلم تتمكنا من إحراز تقدّم ملحوظ ضدّ داعش، ولا توجد خيارات كثيرة، فإمّا تخطّي الأسد وإعلان حرب شاملة ضدّ التنظيم، أو التحالف معه لتحقيق هذا الهدف، ويدرك بوتين جيّدًا المأزق الغربي. لذا، سارع إلى دعم نظام الأسد في محاولة لاستباق الأحداث.
كما أعلن بوتين في 14 سبتمبر/أيلول أنّ روسيا مستمرة بشحن المساعدات والمعدّات والتجهيزات العسكرية للأسد، لدعمه في حربه ضدّ تنظيم داعش، وحثّ على تشكيل تحالف دولي ضدّ الإرهاب في الإقليم، توافقًا مع سياسة موسكو تجاه سورية التي لم تتغير منذ العام 2010، الداعية إلى عرقلة أيّة مبادرة أميركية لإطاحة نظام الأسد، وعلى الغرب أن يقبل بهذا النظام شريكاً في مواجهة داعش والتنظيمات الإسلامية المتطرفة.
وتقدم روسيا التي شهدت عزلة شاملة من العالم الغربي، بسبب تدخلها في أوكرانيا، نفسها
قلق أميركي ورفض شراكة الأسد:
هاتف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، زميله الروسي، سيرغي لافروف، للمرة الثالثة في الأيام العشرة الماضية، حسب تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية لوكالة أسوشييتد برس. وأكّد كيري على ضرورة التعاون بشأن مكافحة الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية في الإقليم، لكنّه قال إنّ استمرار الدعم الروسي للأسد سيؤدّي إلى رفع مؤشرات العنف، وإطالة أمد المواجهة والفتّ في عضد التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب في الإقليم. وأكد كيري كذلك على ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي انتقالي، والبحث عن بدائل للسلطة في دمشق. وأوضح لزميله لافروف أنّ الولايات المتحدة شكّلت تحالفًا دوليًا يضمّ قرابة 60 دولة، ولا يمكن لنظام الأسد أن يحظى إطلاقًا بثقة هذه الدول. ورحّب كيري بمشاركة روسيا في حلول بنّاءة من دون الاعتماد على الحلّ العسكري، والحلّ السياسي هو الوحيد والممكن للأزمة السورية من خلال تبادل السلطة وتسلّم حكومة جديدة للسلطات في دمشق.
وأشار رئيس معهد التقييم الاستراتيجي الروسي، ألكسندر كونوفاليف، إلى المخاطر التي قد تواجه روسيا لمخالفتها توجهات المجتمع الدولي بشأن الملف السوري، قد يرفع الرئيس الروسي من شعبيته الدولية إثر التدخل العسكري الروسي في ساحة القتال، والظهور بدور المخلّص في أوروبا والشرق الأوسط، حال حسم المعركة، لكنّها وجهة نظر خاطئة، وهناك إمكانية لمواجهة القوات الروسية الموجودة في سورية لقوات التحالف، وبالتالي رفع مستوى العنف والقتال وتأليب الجهاديين ضدّ التحالف الجديد بزعامة روسيا.
ويُذكر أنّ الأسد صرّح، في حوار مطوّل مع وكالة الأنباء الروسية ريا، أنّه على استعداد للتعاون مع أيّ طرف دولي بشأن مكافحة الإرهاب ومواجهة داعش، بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وقطر وفرنسا، على أن تغيّر هذه الدول مواقفها السياسية تجاه دمشق. وأردف قائلا إنّ هذه الدول تدعم المنظمات الإرهابية، ولا يمكن مكافحتها لمخاطر الإرهاب وحدها والحال كما ذكر. وأشاد بتعاونه الحثيث مع روسيا وإيران والعراق التي تواجه مخاطر الإرهاب أيضًا.
لم يتأخر الردّ التركي، وسرعان ما خاطب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المجتمع الدولي بضرورة توحيد الجهود لإسقاط نظام الأسد الشمولي، واستبداله بنخبة تأخذ بالاعتبار إرادة الشعب السوري. كما أشار أردوغان إلى مبادرته التي رفضها التحالف الغربي لتأسيس منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، لاستقبال اللاجئين وتقديم الدعم والمساعدة فوق أراضيهم من دون الهجرة واللجوء إلى أوروبا.
ومن المتوقع كذلك أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية إلى موسكو، للوقوف على تفاصيل الدعم العسكري الروسي لدمشق، حيث تخشى إسرائيل من مخاطر تكديس أسلحة استراتيجية في سورية على المستوى البعيد.
ويذكر أنّ الولايات المتحدة الأميركية كشفت عن وجود طائرات سمتية روسية في مطار
وحسب بيانات نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن روسيا تنشغل، حالياً، ببناء وتعبيد مدرج جديد في المطار الموجود قرب اللاذقية، لاستقبال طائرات عسكرية ضخمة، محمّلة بتمديدات وتجهيزات قتالية حديثة. ولا تسمح القوات الروسية بدخول أيّ مدني أو عسكري سوري إلى المنطقة. وأكّد المرصد هبوط طائرات عسكرية روسية محمّلة بمئات المستشارين والخبراء العسكريين في المطار المذكور. وترغب موسكو كذلك بتوسيع مطار الحميدية في جنوب محافظة طرطوس، والذي يستخدم عادة لرشّ المنتجات الزراعية بالمستحضرات الكيميائية، حسب تصريحات مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن.
داعش وأزمة اللجوء:
وتراهن روسيا على المخاوف الأوروبية من مخاطر توسّع نفوذ داعش، وارتفاع موجات اللجوء إلى القارة الأوروبية عبر كل المنافذ الممكنة، كما تراهن على عامل الوقت الذي يعمل لصالح الأسد في الوقت الراهن، إذ تبدو روسيا في صورة المنقذ والعامل الحاسم للتخلّص العسكري من داعش. ومواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في الإقليم وتقديم الأولوية لنظام الأسد وتفضيله أمام داعش وغيره من التنظيمات الإسلامية، على الرغم من استمرار الأسد بتقتيل شعبه وتهديم المدن والقرى غير الخاضعة لإرادته، لكن سمانتا باور السفير الأميركي في الأمم المتحدة قالت إنّ اللعبة المزدوجة مع نظام الأسد استراتيجية خاسرة، وحذرت في تصريحاتها لوكالة CNN أنّه من غير الممكن أن يكون الأسد جزءاً من الحلّ، لأنّه يقتل شعبه، ويسمّمه بالغازات الكيميائية، ويقذف بالبراميل المتفجرة فوق رؤوس العباد، حتى وإن كان همّ الأسد وشاغله القضاء على داعش، لا يمكن لهذا النظام تحقيق السلام والنجاح في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
وصرّح وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أمام اللجنة البرلمانية للسياسة الخارجية أنّ الحكومة البريطانية قد توافق على التدخل الإيراني والروسي لحلّ الأزمة السورية، على أن يبقى الأسد في سدّة الحكم عدّة أشهر في المرحلة الانتقالية.
وخلاصة القول إن هناك إمكانية لمواجهة عسكرية بين التحالف الذي تترأسه روسيا والتحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش في الإقليم في المنظور البعيد، ويرفض الغرب جملة وتفصيلا أن يكون الأسد جزءاً من الحلّ، باعتباره جزءاً من الأزمة، في وقت تصرّ فيه روسيا على إنقاذ نظام الأسد بشتّى الطرق الممكنة.