البوق الانتخابي...عمل مؤقت لشبان المغرب وشاباته

04 سبتمبر 2015
يروّجون للبرامج الانتخابية مقابل مبالغ مالية(فرانس برس)
+ الخط -
سبقت انطلاقة الانتخابات المحلية في المغرب، والتي ستجري يوم غد الجمعة، حملات إعلان البرامج الانتخابية للأحزاب، التي ترفع شعارات إدماج الشباب في سوق الشغل، وتؤكد التزامها بتحسين ظروف عيشهم للمساهمة في تنمية مغرب الغد، في إطار حملات تنادي بالشفافية ومحاربة الفساد الانتخابي.

هذه العناوين تبدو براقة جداً أمام الحملة الانتخابية لهذه الأحزاب في الشارع المغربي. وفي الدار البيضاء أكبر مدن المغرب، استخدم الشباب كأبواق انتخابية، ودعيت النساء، ومعظمهن ربات بيوت، للخروج في حملة هذا الحزب أو ذاك، وتمتد حسب قانون الانتخابات المغربي 12 يوماً.

يتقاضى المشاركون في الحملات الانتخابية بدلاً ماليا قدره 100 درهم في اليوم، ويزيد المبلغ عندما يستأجر المشاركون "كراجاً" كمقر للحملة ليتراوح ما بين 5000 و8000 درهم مغربي، فيما ينال سائق السيارة ما بين 300 إلى 600 درهم مقابل حمله صور المترشحين للانتخابات، وإطلاق الزمامير في الأحياء لفتاً للانتباه.


مهن انتخابية

يبدأ وقت عمل صلاح (24 سنة)، مساعد بقال، مع الحملة الانتخابية لحزب كبير في المغرب ذي مرجعية إسلامية. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه يحصل على 100 درهم مقابل ساعة واحدة يلبس خلالها "تيشيرت" وقبعة يحملان شعار الحزب، ويدور في الأزقة والشوارع مع 27 شابا آخرين يوزعون منشورات، عليها صور وكيل لائحة الحزب الانتخابية والمترشحين الآخرين منه في ذات الدائرة الانتخابية.

ويتابع صلاح "بعض الشباب يختارون أن يعملوا مع حملتين انتخابيتين أو ثلاث في اليوم الواحد. لكنني لا أستطيع، لأن الحزب يحتفظ ببطاقتي الوطنية كما يحتفظ ببطاقات الشباب الذين يعملون معي، ولن يدفع لنا إلا بعد انتهاء الحملة الانتخابية، وبالطبع لن نحصل على فلس واحد فيما لو ثبت أننا ندعم حزباً آخر". وفي سؤالنا لصلاح عمّا إذا كان يعرف شيئاً عن البرنامج الانتخابي للحزب، أو يدعمه عن اقتناع بمبادئه حتى، وهو يتلقى مالًا منه يجيب "أدعم المرشح لأنه ابن حينا، ورجل طيب قدم لشبابه فرصة جمع بعض المال خلال الحملة الانتخابية".


هذا الحال يعيشه خالد (18 سنة) وهو طالب جامعي، وبالرغم من مستواه التعليمي إلا أنه يفكر في الاستفادة من الحملة الانتخابية لجمع المال "هذا عمل كأي عمل آخر بمقابل مادي، نحصل على فائدة من المرشحين للانتخابات خلال الحملة، لأننا لن نحصل منهم على شيء بعد أن يجلسوا على كرسي الدائرة".

حملة انتخابية أخرى لحزب ليبرالي، خرجت فيها نساء أمهات مع أطفالهن، وجارات وفتيات. تحصل كل منهن على 100 درهم، حسب تصريح ربيعة (45 سنة)، ربة بيت. النساء يحملن "البندير" وهي آلة موسيقية مغربية تقليدية من فخار وجلد، يضربن عليه ويغنين أغنيات شعبية. "نحن نستمتع ونكسب المال بذات الوقت" تقول ربيعة. وتعبر عن امتنانها للحصول على مدخول مالي حتى وإن بدا بسيطاً، وتضيف "سيساعدنا على فكاك بعض ديوننا ومواجهة الدخول المدرسي الذي حل وقته".

في العالم القروي بالمغرب، تختلف الوسيلة قليلاً. فكبار القوم الذين يدعمون هذا المرشح أو ذاك، يتصدرون موكب الحملة الانتخابية التي يشارك فيها شباب مدفوع لهم أيضا، قاصدين في الأغلب الأسواق الأسبوعية المكتظة بزوارها.

ويقيم المترشحون الولائم، كعرف معناه تقاسم الخبز والأخوة، وضمان مئات الأصوات. وقد تستعمل الدواب في الحملة، كالأحصنة دلالة على النخوة والغنى، والحمير دلالة على العمل المكدّ أو للتندر. فيما هناك، بالأخص هذه الاستحقاقات، انفتاح على مشاركة العنصر النسوي في الخروج لإقناع الناخبين، وإن ظل حضوراً محتشماً لطابع المحافظة المتسمة بها البوادي المغربية.

براغماتية يقابلها الاستغلال

يسمي هشام معروف، باحث في السياسات الاجتماعية، في تصريح لـ"العربي الجديد" إقبال الشباب المغربي على الدفاع عن حملة مرشح لا ينتمي لحزبه ولا يؤمن بمشروعه بـ"المهن الانتخابية الموسمية كغيرها من المهن، والتي ترتبط بفترات معينة ومحدودة المدة".


ويضيف "يتعامل الشباب المعطل في ظل غياب فرص الشغل، بشكل براغماتي مع الانتخابات. هم يفضلون استغلال الوضع والحصول على الفائدة الآنية، بدل انتظار برامج مرشحين يعرفون عن تجارب سابقة أنهم لن يروه بعد انقضاء الانتخابات".

ويرى معروف، أن ظاهرة المهن الانتخابية "تخرج الانتخابات عن جوهرها وتفقدها أهميتها، لكن أيضاً تسلط الضوء على عدم قدرة الأحزاب في تشجيع الشباب على المشاركة في الانتخاب انطلاقاً من تبنّي مشروع حزبي، وهنا يجب أن نعيد النظر في منظومة التنشئة الاجتماعية ككل في المغرب".

من جهته، يرى محمد الغالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض، أن الأحزاب المغربية "لا تنطلق من منظور استراتيجي لعلاقتها بالشباب، ولا ترى فيه القوة بل كائناً يمكن أن يوظف". ويجد أن "سوء التوظيف في الحملات الانتخابية" يتسع إلى نطاق الشباب المنخرطين في منظمات شبيبات الأحزاب المغربية، سواء لجهة منح تزكيات لا تراعي الديمقراطية الداخلية والمسار الحزبي "ما لا يخدم التشجيع على المشاركة السياسية" أو لجهة "دفع أموال لأشخاص مأجورين في الحملات الانتخابية". ففيما تستمر الأحزاب المغربية في شحذ قواعدها خلال التجمعات الخطابية ضمن حملاتها الانتخابية، يقول الغالي "يصعب الاعتقاد أن شبيبة الأحزاب تعمل جميعها خلال الحملة بشكل تطوعي وانسيابي".

اقرأ أيضاً:مغربيات أكثر يخضنَ الانتخابات المحلية

المساهمون