البرلمان الكويتي يسقط عضوية النائبين الحربش والطبطبائي

30 يناير 2019
جدل متواصل بشأن إسقاط عضوية النائبين (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) مرزوق الغانم، اليوم، إسقاط عضوية النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، المدانين بقضية دخول مجلس الأمة واقتحامه عام 2011،  طبقاً لقرار المحكمة الدستورية، وإبلاغ رئيس مجلس الوزراء بهذا القرار للدعوة إلى انتخابات تكميلية في الدائرتين الثانية والثالثة، لتطوى صفحة قضية دخول المجلس بشكل نهائي هذه المرة بانتصار الحكومة. وطلب الغانم من النواب المعترضين على قرار مجلس الأمة رفع أيديهم، حيث لم يرفع سوى 18 نائباً من أصل 58 أيديهم، ما أعطى رئيس البرلمان الفرصة ليمرر القرار.


وقال الحربش عقب صدور القرار: "شاركت في العملية السياسية بعد مقاطعة طويلة، لأني أريد أن أزيح الظلم عن الأسر التي شردت بسحب الجناسي (الجنسية)، وهم لم ينتصروا لأنهم الأذكى بل لأن موازين القوى المادية كلها معهم". فيما قال النائب الموالي للحكومة أحمد نبيل الفضل، "الحق انتصر اليوم وذهبت الغوغائية وحققت الكويت نصراً دستورياً كبيراً".
وانسحب 15 نائبا من جلسات مجلس الأمة اعتراضاً على قرار الإسقاط، وعقدوا اجتماعاً موسعاً لبحث تداعيات إسقاط عضوية النائبين على المعارضة والبرلمان، وسط مطالبات من داخل معسكر المعارضة باستقالة جماعية من البرلمان في محاولة لحث أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على حله وعقد انتخابات جديدة بدلاً من الانتخابات التكميلية المتوقع عقدها الشهر المقبل.
لكن النائب المحسوب على المعارضة ثامر السويط قال في مؤتمر صحافي داخل البرلمان، إن "الدعوة إلى الاستقالة تعطي فرصة جديدة لانتصار حكومي آخر ولن نخذل الثقة الشعبية بل سنحاول أن نقاتل في المجلس لتمرير القوانين الشعبية ولحماية الشعب الكويتي وإعادة المهجرين السياسيين".
من جهته، أعلن الغانم في تصريح صحافي عقب انتهاء الجلسة أن صفحة النائبين قد طويت وقال: "النائبان جمعان الحربش ووليد الطبطبائي أخوان عزيزان لنا، وما قمنا به هو إجراء دستوري ضروري تطبيقاً لحكم المحكمة الدستورية وكنا سنقوم بذات الإجراءات مع أي اسم آخر".
وكان النائبان المسقطة عضويتهما والصادرة بحقهما أحكام بالسجن تصل إلى 7 سنوات، على خلفية اقتحام مجلس الأمة إبان الاحتجاجات الشعبية عام 2011 الداعية إلى إسقاط رئيس مجلس الوزراء آنذاك، الشيخ ناصر المحمد الصباح، قد أصدرا بياناً في وقت متأخر مساء أمس قالا فيه إنهما يعترضان على حكم المحكمة الدستورية القاضي بإسقاط عضويتهما لأن البرلمان هو من يحدد من تسقط عضويته ومن لا تسقط. وأضافا أنه سبق للبرلمان أن صوّت على عدم إسقاط العضوية وفقاً للمادة الـ16 من اللائحة الداخلية، قبل أن تتدخل المحكمة الدستورية وتلغي هذه المادة في اعتداء واضح على صلاحيات البرلمان.
وطالب النائبان، في رسالة، عائلة كل منهما بالسماح قائلين: "رسالتنا الأخيرة إلى أهلنا رجالا ونساء وأطفالا الذين أوذوا وتألموا أكثر مما أوذينا خلال عملنا البرلماني والسياسي خلال السنوات الصعبة التي عاشوها وما زالوا، نعتذر لكم عن كل ألم سببناه ونحن نعلم أن العضوية كلفتكم الكثير".
وتعود جذور الأزمة إلى عام 2011 حينما اقتحمت المعارضة، التي بدأت بالتشكل آنذاك، البرلمان بعد وقفة احتجاجية في قلب العاصمة الكويت اعتراضاً على وجود شبهات مالية تحوم على رئيس مجلس الوزراء الذي قام بدفع الملايين لصالح بعض النواب مقابل إسقاط الاستجوابات، وأدى هذا الاقتحام إلى إسقاط رئيس مجلس الوزراء والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة انتصرت فيها المعارضة عام 2012، قبل أن تلغي المحكمة الدستورية هذا البرلمان لتدخل البلاد في حالة عدم استقرار سياسي حتى عام 2016 حينما قررت المعارضة العودة للعملية السياسية مقابل وعود بإعادة الجنسيات المسحوبة وإسقاط أحكام السجن عن مقتحمي البرلمان. لكن محكمة التمييز، وهي المحكمة النهائية في الكويت، فاجأت الجميع بإصدار حكم نهائي بالسجن على قادة المعارضة ومن بينهم النائبان الحربش والطبطبائي.
واستطاع النائبان الخروج من البلاد قبل إصدار الحكم النهائي لكن عضويتهما باتت مهددة بالسقوط قبل أن يصوت البرلمان على رفض إسقاطها، لتلجأ أطراف محسوبة على الحكومة إلى المحكمة الدستورية التي قررت إلغاء المادة الـ16 من اللائحة الداخلية للبرلمان، والتي سمحت بإبقاء عضوية النائبين.
ومن المقرر أن يدعو رئيس مجلس الوزراء إلى انتخابات تكميلية في الدائرتين الثانية والثالثة لسد مقعدي النائبين المسقطة عضويتهما، فيما ستتداعى المعارضة داخل الكويت إلى اجتماع عاجل لبحث سبل الوصول إلى حل مع الحكومة التي باتت في موضع قوي بعد إسقاطها كافة المعارضين وتحكمها الكامل في البرلمان.
ولا يبدو أن المعارضة الكويتية في الخارج تملك أي حلول الآن، إذ إنها فقدت الورقة التي كانت تحاول اللعب فيها مع الحكومة دوماً، وهي ورقة المساومة على تمرير القوانين مقابل إصدار عفو نهائي عن المحكومين بقضايا سياسية وإعادة اللاجئين إلى الكويت، ومنهم زعيم المعارضة مسلم البراك الذي يقيم في تركيا هرباً من حكم سجن صادر بحقه في قضية دخول المجلس أيضاً.

وأحجمت المعارضة عن اتخاذ خطوات كانت تأمل القيام بها، وهي افتتاح مؤسسة إعلامية في الخارج للضغط على الحكومة أمام الرأي العالمي العام، لكنّ وعوداً حصلت عليها بعض أطراف المعارضة، بحسب مصادر "العربي الجديد" من قبل أقطاب من الأسرة الحاكمة بإصدار عفو مرتقب في الاحتفالات الوطنية أواخر فبراير/شباط أجلت هذه الخطوة.

المساهمون