يعقد البرلمان التونسي، اليوم الثلاثاء، جلسة عامة لمناقشة مقترح قانون متعلق بإجراء تعديل على القانون الانتخابي يتضمن رفع العتبة الانتخابية (نسبة الأصوات للحصول على مقعد بالبرلمان) إلى خمسة بالمائة.
ورغم الرفض الواسع للمشروع وتنديد أحزاب وجمعيات بتمريره، فإن حزب النهضة، صاحب المقترح، يلح على عرضه على الجلسة العامة من أجل التصويت عليه.
وكان من المقرر أن يتم عرض المقترح قبيل جلسة منح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ، التي انعقدت الأربعاء الماضي، في إطار استباق الفصل في المفاوضات والمرور إلى انتخابات مبكرة بقواعد انتخابية جديدة، بيد أن نجاح المشاورات آنذاك والتأكد من مشاركة النهضة أدى إلى تأجيل ذلك. وتُعد الجلسة أول امتحانات التوافق السياسي الذي تشكل في إطار الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ.
وتلح النهضة على تمرير مقترحها، برغم رفض بعض الكتل وتململ أخرى منه، معتبرة أن الهدف من تغيير العتبة الانتخابية ترشيد المشهد السياسي وحمايته من التشتت الذي عاشته إثر الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وسبق أن أعلنت الكتلة الديمقراطية وتحيا تونس معارضتهما للمشروع، واعتبرت الكتلتان أن تعديل القانون الانتخابي يتطلب رؤية شاملة وهيكلية لا التركيز على نقطة واحدة، إضافة إلى الرفض القطعي لكتلة الدستوري الحر لهذا التعديل.
وفيما أعلنت كتلتا الإصلاح الوطني والمستقبل القبول بمبدأ رفع العتبة مع إمكانية مناقشة النسبة المئوية، وصرحت كتلة ائتلاف الكرامة بمساندتها التامة لمقتضيات هذا التعديل واعتزامها التصويت لفائدته. وإزاء ذلك، لم يبق لحركة النهضة إلا البحث عن مساندة قلب تونس لمبادرتها حتى ترجح الكفة وتمرر مقترحها.
ولم يحسم حزب قلب تونس بعد موقفه من التعديل، وأرجأ ذلك إلى اجتماعه المنعقد قبل ساعة من انطلاق الجلسة العامة.
وقال القيادي والنائب عن قلب تونس فؤاد ثامر، لـ"العربي الجديد"، إن الكتلة لم تحدد موقفها، إذ تختلف الآراء داخلها، ولذلك تم تأجيل الحسم إلى الاجتماع المنعقد قبيل الجلسة، مضيفا أن هناك ثلاثة اتجاهات مختلفة بشأن المسألة داخل الكتلة.
وتنقسم الآراء داخل قلب تونس إلى مناصر لمبدأ إقرار عتبة انتخابية بخمسة بالمائة طالما أن جميع نواب الحزب صعدوا إلى البرلمان بما يفوق الستة في المائة من العتبة الانتخابية، علاوة على أن سبر الآراء المتعلق بنوايا التصويت يضع الحزب في المقدمة، ويرى فريق آخر من النواب أن عتبة الخمسة بالمائة التي اقترحتها النهضة مبالغ فيها ويمكن تخفيضها إلى ثلاثة في المائة.
ويذهب فريق آخر من نواب قلب تونس إلى رفض المقترح جملة وتفصيلاً باعتباره انتقائياً ولا تبدو غاية الإصلاح من ورائه بقدر ما يكشف رغبة النهضة في التغول في المشهد السياسي.
ولم يقتصر رفض هذه التنقيحات على الكتل النيابية وإنما كان محل استنكار شديد من أحزاب سياسية لم تتمكن من الفوز بمقاعد في الانتخابات الأخيرة، وقدرت أن هذا المشروع يستهدفها مباشرة ويضرب مبدأ التعددية في العمق.
وعبرت هذه الأطراف عن رفضها المبدئي للمقترح، مشيرةً إلى أنه يأتي في إطار مناورة سياسية، داعية إلى فتح حوار تشاركي تنخرط فيه كل فعاليات المجتمع المدني والسياسي والخبراء من أجل إصلاح عميق للمنظومة الانتخابية.
من جانبها، أصدرت منظمة بوصلة بلاغا وصفت فيه المقترح بالحل السهل وضرب التعددية في المشهد البرلماني، مؤكدة على ضرورة الانصراف إلى مسائل أكثر أهمية ذات علاقة بتنقية المشهد السياسي.