الانتخابات المصرية اليوم: برلمان السيسي على ظهر الدبابة

18 أكتوبر 2015
+ الخط -
يتفق المصريون بغالبيتهم على أن الانتخابات البرلمانية، التي تبدأ مرحلتها الأولى اليوم الأحد في 14 محافظة بمناطق مختلفة من البلاد، ربما تكون أسوأ انتخابات على مر التاريخ، مختلفين على اختيار الوصف لها بين "برلمان الدم"، أو "الاستحقاق الأخير في خارطة المستقبل".

يقول مراقبون إن انتخابات 2010، التي اعتبرها كثيرون أحد أهم عوامل التعجيل بقيام ثورة 25 يناير 2011، لم تكن أسوأ من الانتخابات الحالية، فالسابقة كانت ولو شكلياً على الأقل بين أطراف سياسية مختلفة، أتيحت أمامها فرص الترشح بغير إقصاء، والتزوير فيها تم أثناء وبعد إجرائها، لكن الانتخابات الحالية قائمة بالأساس على مبدأ الإقصاء، والتزوير المسبق، الذي حسم بعض النتائج قبل أن تُجرى عملية الاقتراع ذاتها، في سابقة هي الأولى من نوعها.

يتفق المراقبون، مع النسبة الأغلب من المصريين، بتشبيه العملية كلها بأنها أقرب إلى "الانتخابات السرية"، بسبب الإحجام المتوقع، والعزوف الذي تنبئ به عمليات الاستقصاء ورصد الآراء، حتى أصبح السؤال المعتاد الذي يتبادله كثير من المصريين في المحافظات المختلفة، خصوصاً شريحة الشباب، هو: أين تذهب هذا الصباح بعيداً عن مقار اللجان الانتخابية؟

ويصف قطاع كبير من المصريين وفقاً لاستطلاعات إعلامية، المشهد الانتخابي في مصر، بأن "الانتخابات في التلفزيون، أو على ظهور الدبابات والمدرعات والطائرات الحربية، التي أعلنت وزارة الدفاع المصرية، أنها ستنقل رؤساء اللجان، إلى مقار الاقتراع"، وما دون ذلك فلا شيء على الأرض، سوى ما يشبه الصراع بين أجنحة مختلفة في السلطة والأجهزة، ما بعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، بعد أن أعلنت أحزاب عدة مقاطعتها للانتخابات، بما في ذلك أحزاب شاركت في الانقلاب بدرجات متفاوتة.

وتسود حالة من اللامبالاة في الشارع المصري من الانتخابات التي أُعدت على مقاس الانقلاب العسكري، وهو ما دعا إلى حشد إعلامي كبير لدعوة الناخبين للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي انتهى بمناشدة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الشعب المصري، الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

أمام الخشية من المقاطعة واسعة النطاق، وجّهت الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف، خطباء المساجد يوم الجمعة الماضي، للحديث عن أهمية المشاركة السياسية بالتصويت في الانتخابات، باعتبارها "أمانة وشهادة لا يجوز كتمانها". كذلك اتفقت الدولة مع القنوات الفضائية التابعة للقوى السياسية، مثل شبكة "الحياة" المملوكة لرئيس "حزب الوفد" السيد البدوي، وشبكتيْ "أون" و"تن" المملوكتين لرجل الأعمال نجيب ساويرس، ومع جميع الصحف المؤيدة للنظام، على تدشين حملات لحشد الناخبين للمشاركة، على الرغم من عدم اهتمام الشارع بالحدث السياسي.

ووفق رئيس اللجنة العليا للانتخابات أيمن عباس، فإن الانتخابات ستُجرى على مرحلتين، على أن تبدأ المرحلة الأولى اليوم الأحد في 14 محافظة هي: الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، مرسى مطروح. وبلغ إجمالي عدد مرشحي القوائم 481 مرشحاً أساسياً واحتياطياً. أما القوائم التي تتنافس في دائرة غرب الدلتا، فهي: حزب النور، في حب مصر، فرسان مصر، ائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال.

اقرأ أيضاً: المقاطعة واستشراء المال السياسي يهددان الانتخابات المصرية

وتنطلق الانتخابات في ظل شعور عام يسود الشعب المصري يفيد بأن الانتخابات أُعدّت نتائجها سلفاً لضمان وجود برلمان موالٍ للسيسي الذي أرجأ الانتخابات إلى حين الانتهاء من الحبكة التي انتهت بقائمة "في حب مصر". وبدأت فكرة تشكيل تكتل برلماني يضمن أغلبية البرلمان لصالح نظام السيسي حين كشف رئيس مجلس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري عن قائمة تضم مجموعة من الأسماء لتخوض الانتخابات النيابية المقبلة على قوائمه الانتخابية الأربع، وفشل الجنزوري نتيجة عدم التوافق بين الأحزاب على الأسماء المرشحة.

كما أعلن عمرو موسى عن الاتجاه لتشكيل تكتل انتخابي يضم أحزاب: الوفد والمصري الديمقراطي والمؤتمر والتجمّع وأحزاب الإصلاح والتنمية، والمحافظين، لكن الفكرة فشلت نتيجة عدم التوافق الحزبي. وانتهى الأمر إلى تشكيل جبهة "في حب مصر" التي عكست الولاء التام للنظام. ووفق تصريحات للمنسّق العام لقائمة "في حب مصر" سامح سيف اليزل، فإنها تضمن الفوز بـ300 من مقاعد البرلمان المقبل.

وفي رد فعل القوى السياسية التي رفضت المشاركة في الانتخابات، انتقدت حركة شباب 6 إبريل "الجبهة الديمقراطية" فكرة البرلمان الموالي، وقالت في بيان لها إنه بداية من الغد ستبدأ في مصر "مسرحية هزلية" جديدة، في إشارة منها إلى الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق بعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز، وهي الانتخابات البرلمانية، والتي أعلنت عن مقاطعتها وعدم المشاركة في عمليات التصويت، مشيرة إلى أن الانتخابات لا تعبّر إلا عن جنون النظام الذي ما زال يظن أن الكل أعمى ولا يرى حقيقة ما يقوم به من زيف في الإنجازات.

واعتبر المتحدث الإعلامي باسم حزب "مصر القوية" أحمد إمام، البرلمان المقبل "مهدَّداً بالحل من قبل الرئيس السيسي، في حالة مخالفته لتوجهاته". وقال إمام في تصريحات صحفية إن "السلطة تركت ثغرات قانونية تضع السيف على حلق البرلمان وتتيح حله في أي وقت إذا خالف توجّهات الرئيس، بسبب الثغرات الدستورية في قانونَي تقسيم الدوائر وقانون مباشرة الحقوق السياسية، فيظل البرلمان مهدداً بالخروقات نفسها التي أجّلت وحلت البرلمان خلال السنوات الماضية". وشدد على أن "الانتخابات هزيلة وضعيفة لن تفرز إلا برلماناً مشوهّاً لا يؤشر إلا بالموافقة ولا يُشرع إلا قوانين ترضي النظام لا المواطن".

يُذكر أن الانتخابات ستُجرى وسط حشود عسكرية وأمنية تشارك في خطة التأمين، إذ سيشارك 120 ألفاً من رجال الشرطة وضباط البحث الجنائي، والأمن العام والأمن المركزي، وضباط النظام، بالإضافة إلى ضباط المرور والحماية المدنية والنجدة وضباط المفرقعات وأمناء الشرطة والجنود، و500 تشكيل أمن مركزي، و300 مجموعة قتالية من العمليات الخاصة، و400 مجموعة من التدخل السريع.

وكانت اللجنة العليا للانتخابات في مصر، قد حددت موعد إجراء الانتخابات على مرحلتين غداً الأحد وبعد غد الإثنين، في 14 محافظة، على أن تُجرى جولة الإعادة في تلك المحافظات في 27 و28 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. أما المرحلة الثانية من الانتخابات فتشمل 13 محافظة، من ضمنها محافظة القاهرة ومدن القناة وسيناء، فمن المقرر أن تُجرى يومي 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أن تقام جولة الإعادة فيها يومي 1 و2 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وتُجرى الانتخابات على 420 مقعداً فردياً و120 مقعداً في القوائم المغلقة في مختلف أنحاء الجمهورية. ويحقّ لأكثر من 27 مليون ناخب، موزّعين على 103 دوائر عامة، المشاركة في المرحلة الأولى.


اقرأ أيضاً: ‏"فاينانشال تايمز": رجالات مبارك يطمحون للعودة إلى البرلمان المصري

المساهمون