الاقتصاد الجيد والحكم النظيف

15 مارس 2015
احتجاجات في ثورة اليمن 2011 (أرشيف/getty)
+ الخط -

كانت القنبلة الديموغرافية، هي إحدى عناصر تفجير الغضب الشعبي، وبدء ما اصطلح على تسميته "الربيع العربي"، الذي حذر منه تقرير التنمية البشرية، الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة في العام 2009.

ففي الفترة الممتدة من العام 1975 إلى 2005، تضاعف عدد سكان الأقطار العربية، فأصبح 314 مليوناً، بينما السياسات التنموية ظلت عاجزة عن اللحاق بالزيادة السكانية وتحويلها إلى قوة عمل منتجة، وفاقدة للقدرة على تأمين الاستقرار، فتغالظت الأنظمة أمنياً.
 
لكن أمر الاحتجاج والمطالبة بالتغيير، تحول في العام 2011 إلى ظاهرة شعبية عارمة، تغذت من واقع البطالة والانخفاض المزري في مستوى المعيشة، وتفاقم غضب الشباب من خريجي الجامعات الذين اضطروا إلى البحث عن لقمة الخبز من أعمال لا علاقة لها بتخصصاتهم.

 وكابدت العائلات شظف العيش ووجدت مشقة في تأمين متطلبات أطفالها، ولم تستطع السيطرة على الشبان الذين اجتذبتهم القوى الاحتجاجية وأيديولوجياتها.

ومع مطلع الألفية الثالثة، أصبح واضحاً أن معظم الديكتاتوريات العربية، شاخت وأفلست سياسياً وأدبياً، وليس أمامها أية بدائل، فاعتمدت على أجهزتها الأمنية، وكانت بوصلتها هي الخوف من سيطرة الإسلاميين على الحكم. لكن المشكلة، ظلت تكمن في طبيعة هذه الأنظمة في ناظر الناس.

 فالشقاء الاقتصادي يمكن مداواته لو أن الشعوب رأت أو اقتنعت أن هناك بصيص أمل، وأن هذا الشقاء سيكون ــ على الأقل ــ موزعاً بالتساوي. فعمليات التنمية التي تقودها الحكومات، أعطت دائماً الفرصة لرأس المال المجاور أو الصديق لها، الذي لن يفيد إلا شريحة الأقلية الميسورة التي تعاظمت ثرواتها بشكل خرافي. ففي تونس مثلاً، لم يكن أي استثمار في قطاع الأعمال، يشق طريقه، دون اتفاق وتدبير وإذن، من الأسرة الحاكمة!

توحدت الجماهير العربية في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن، على هدف إسقاط النُخب الحاكمة، واجتمع الناس، لبعض الوقت، على شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

هنا، تراجعت الأيديولوجيا وطفا على السطح خليط من البطولة المفعمة برسالة اجتماعية، واحتشد معاً، الإسلاميون والعلمانيون والقوميون واليساريون، وجميعهم يطالبون بالإصلاح الاقتصادي. فلقمة الخبز والحياة الكريمة للجميع، هي في المحصلة، نتاج الاقتصاد الجيد والحكم النظيف!


اقرأ أيضاً: الصراع في اليمن يقذف بمليون عامل إلى رصيف البطالة

المساهمون