لا رقيب على تسع مستوطنات إسرائيلية تتمدد بأريحية على حساب أراضي "مسافر يطا" الفلسطينية جنوب الخليل، ولا رادع يكبح تنكيل المستوطنين بالأهالي المثخنون بالهدم والمصادرة والملاحقة واعتقال النشطاء، وغياب النصير على الأرض.
تتكون "مسافر يطا" من تجمعات فلاحية تشمل 21 خربة، بالإضافة إلى قريتي منيزل وتواني، وتجمعات بدوية تضم أربع قرى، وثماني خرب، وجميعها يوجه إليها الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه يومياً ضربات، ومنذ يونيو/ حزيران الماضي، تنفلت آليات الاحتلال على بيوت الفلسطينيين في المنطقة؛ إذ لم تترك خيمة ولا سقفاً من الصفيح "الزينكو" إلا هدمته أو صادرته.
كانت الشابة الفلسطينية أسماء محمد النواجعة (27 سنة) من قرية سوسيا شرق مسافر يطا، على وشك تسديد ضربة قوية لجنود ومجندات الاحتلال بعصا خشبية غليظة، وذلك في أثناء مصادرة الجنود معدات بناء منزلها، وهو عبارة عن خيمة وسقفٍ من "الزينكو"، انتشرت صورة أسماء عبر وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على المقاومة، لكن حياتها الاجتماعية تدمرت.
وقالت النواجعة لـ"العربي الجديد": "صباح يوم الثلاثاء الماضي، اقتحمت أعداد كبيرة من جنود الاحتلال المكان، عندما رأيتهم حاولت إنقاذ بعض من ألواح الزينكو بتهريبها وتخبئتها في مكان بعيد، شرعت بذلك أنا وأختي وأمي وحماتي، وجُرحت يداي، لكن لم يهمني النزف. انتبه الجنود لما نفعله، ولم أتمكن من إنقاذ شيء من مواد البناء ومعداته".
أتعلمون من هي؟؟ ومن اين هي؟؟؟؟؟؟ هي إحدى ماجدات مدينة يطا هي إحدى ايقونات مسافر يطا هي بقلبها عن مليوووووون قائد بحجم...
Posted by يطا اف ام _ yatta fm on Wednesday, 12 August 2020
وأضافت أسماء: "أنا وزوجي وابني الذي لم يتجاوز العامين بلا منزل منذ خمس سنوات، ونسكن في بيت والد زوجي المكون أصلاً من غرفتين مسقوفتين بالصفيح. أردنا بناء منزل، لكنهم سرقوا المعدات التي جلبناها بالدَّين. أحياناً أذهب للجلوس في مكان منزلي الذي صادر الاحتلال معدات بنائه، ولا أعرف لماذا أفعل ذلك".
حتى الرُّعاة يريد الاحتلال والمستوطنون تجريم علاقتهم بالصحراء والجرود في مسافر يطا، وقال الراعي يوسف حماد (36 سنة)، من منطقة الثعلة، لـ"العربي الجديد": "يمنعنا مستوطنو مستوطنة (ماعون) المقامة على أراضي الفلسطينيين، منذ قرابة ثلاثة أسابيع، من الرعي في مناطق كنا نتوجه إليها من قبل، وحدد الاحتلال لنا مسافة 50 إلى 100 متر للرعي، وهذا الأمر جديد علينا".
وتابع: "اضطررت أنا واثنان من أشقائي، وهما شريكاي بنحو 300 رأس من الغنم، إلى شراء الأعلاف الجاهزة من السوق لتعويض حاجة الأغنام من الطعام اليومي. اشترينا خلال أقل من شهر قرابة عشرين طناً من الأعلاف بتكلفة تتجاوز عشرين ألف شيقل (قرابة 6 آلاف دولار). قبل ثلاثة أيام، اعتدى مستوطنو (ماعون) على أغنامي في أثناء رعي أبنائي بالقرب من المنزل. أفلتوا كلابهم على الأغنام، فقتلت ثلاثة منها".
وفي مقابل سياسة الهدم التي يُسرع الاحتلال وتيرتها منذ مارس/ آذار الماضي، في جنوب الخليل وغربها، يلاحظ السكان زيادة في أعمال بناء المستوطنات. وقال رئيس المجلس القروي في مسافر يطا، نضال يونس، لـ"العربي الجديد": "تضاعف البناء في مستوطنة (متسفي يائير) المقامة على أراضي المسافر في الفترة الأخيرة، وذلك على حساب أراضي منطقة أم العرايش، وأنشأ المستوطنون أيضاً بؤرة استيطانية في منطقة العطارية قرب مستوطنة (سوسيا) المقامة شرقاً، بدأت بنصب خيمة قبل شهرين، وخلال الأسبوعين الأخيرين نصبوا في المستوطنات كرفانات، وهي عادة الخطوة التي تسبق البناء الثابت، وأنشأوا بؤرة استيطانية بنصب كرفانات في منطقة أم زتونة، وشقوا شارعاً جديداً للمستوطنين".
ولم تنجُ الأراضي الزراعية في منطقة قواويس شمال المسافر من اعتداءات المستوطنين، إذ منعوا أخيراً المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى الأرض، وأفلتوا أغنامهم من المستوطنات لتقضي على المحاصيل الزراعية، ما ألحق خسارة كبيرة بالزراعة. ولم يرحم الاحتلال محاولات استقرار سكان المنطقة الذين هدمت منازلهم في يونيو/ حزيران الماضي، فأعاد الأسبوع الماضي الكرّة بهدم الخيام التي لجأوا إليها للاحتماء من العراء ومصادرتها، ليس في منطقة سوسيا فقط، بل في مناطق مغاير العبيد والفخيت، ما شرد 22 فرداً من ثلاث عائلات.
كل هذه الاعتداءات دعت عشائر مسافر يطا إلى دعوة النشطاء، وعموم أهالي الخليل، للمشاركة في إقامة صلاة الجمعة القادمة على أراضي المسافر الشرقية دعماً لصمود أهلها.
المنازل التي قامت قوات الاحتلال بهدمها في مسافر يطا pic.twitter.com/5eCVg5ywOC
— هيئة مقاومة الجدار والاستيطان- CWRC (@CWRC3) June 3, 2020