الإيدز.. العلاج للجميع

30 نوفمبر 2015
لم يرحمها الفيروس (Getty)
+ الخط -

بعدما شغل العالم بأسره، أصبح له وبحسب ما يبدو علاج شافٍ. هذا ما يؤكده أطباء متخصصون في الأمراض الانتقالية لـ"العربي الجديد"، موضحين أن فيروس نقص المناعة المكتسب أو الإيدز لم يعد يشكّل عامل خوف وقلق نظراً للتطوّر العلاجي المسجّل أخيراً في هذا المجال. ويُطرح السؤال: هل يعني هذا أننا توصلنا إلى التخلص منه نهائياً؟

يشرح الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية والمعدية الياس الهراوي أن الإيدز "مرض يصيب الجهاز المناعي البشري، ويسببه فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب. وتؤدي الإصابة إلى التقليص من فاعلية الجهاز المناعي لدى الإنسان بشكل تدريجي، ليُترك المصابون به عرضة لأنواع من العدوى الانتهازية والأورام. وينتقل الفيروس إلى المصاب من خلال اتصال مباشر بين غشاء مخاطي أو مجرى للدم وبين سائل جسدي يحتوي على هذا الفيروس".

يضيف الهراوي لـ "العربي الجديد" أن "الإيدز يعدّ حالياً جائحة، أي من الأمراض الوبائية المتفشية. وقد ظهر أن ما يزيد على ثلاثة أرباع الوفيات التي يتسبب بها المرض، يُسجّل في ذلك الجزء من القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، فيما تظهر الأبحاث الوراثية أن الفيروس ظهر للمرة الأولى في غرب أفريقيا الوسطى في أواخر القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين". ويوضح أن "الفيروس يتحوّل سريعاً جداً، ويعرف المرض مراحل وتطوّرات عديدة تختلف من شخص إلى آخر، بالتالي تختلف أعراضه باختلاف المرحلة".

ويشدّد الهراوي قائلاً: "صحيح أن علاج الإيدز شهد تطوراً هائلاً ولم يعد الإنسان يموت منه، إلا أن الوقاية ضرورية"، شارحاً أن "نسبة انتقال العدوى في العلاقات الجنسية غير المحمية تصل إلى 10% خصوصاً إذا كان الشريك مصاباً. كذلك، تسجّل الإصابات الأكبر عند مثليّي الجنس. ولا ننسى أن تعاطي المخدرات عن طريق الحقن الملوّثة أو وشم الأجساد بإبر غير معقّمة، ينقلان العدوى". وعن عدد الإصابات في لبنان، يشير إلى أنها "ما زالت غير محسومة، لأن أكثرية الأسماء المعلن عنها وهمية".

لا ارتفاع في الإصابات

من جهته، يوضح الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط لـ "العربي الجديد"، أن "عدد الإصابات بالإيدز ما زالت هي نفسها، ولم يسجّل أي ارتفاع سواء في لبنان أو في العالم". ويشدّد على أن "الأهم بالنسبة إلينا هو التركيز على التوعية والوقاية، لأن السلوكيات غير المضبوطة تزيد من الإصابات. على سبيل المثال، ثمّة ارتفاع في عدد المصابين في شرق أوروبا ووسط آسيا، لذا تعمد هذه الدول اليوم إلى تكثيف حملات التوعية ضمن سياسة صحية مرسومة بعيدة المدى".

الفحص السنوي ضرورة

أما الاختصاصي في الأمراض الفيروسية الدكتور بيار أبي حنا، فيقول لـ "العربي الجديد" إن "الناس لم يعودوا يخشون الإيدز كما في السابق، خصوصاً اليوم مع اكتشاف علاج شاف من هذا المرض. لكن هذا لا ينفي ضرورة أن يأخذ المرء احتياطاته، لتجنّب انتقال العدوى إليه أو لنقلها إلى آخرين. وذلك ممكن من خلال التأكد من حالته، من خلال إجراء فحوصات طبية مرّة سنوياً على أقلّ تقدير، خصوصاً من لديه علاقات جنسية متعددة".

استراتيجية لمكافحة الإيدز

في السياق نفسه، يتحدث مدير "البرنامج الوطني لمكافحة السيدا" (الإيدز) في لبنان الدكتور مصطفى النقيب لـ "العربي الجديد" قائلاً إن "تحت شعار علاج السيدا (الإيدز) للجميع، نحتفي باليوم العالمي للإيدز الذي يصادف في الأول من ديسمبر/ كانون الأول. وقد تبيّن لنا على نحو تقديري أن في لبنان ما بين 1200 و1300 إصابة معلن عنها، أي ما بين 90 و110 إصابات سنوياً". ويلفت إلى أن الإصابات الأعلى تسجّل في السودان والصومال وجيبوتي، تليها باكستان وإيران، موضحاً أن انتشار المرض في باكستان على سبيل المثال يأتي نتيجة تعاطي المخدرات، خصوصاً عن طريق الحقن الملوثة. يضيف أنه إلى جانب هذه الإصابات المرتفعة، يأتي التهاب الكبد الوبائي من النوعَين "سي" و"بي".

ويتابع النقيب أن "الأهم هو توفّر العلاج الشافي من الإيدز للجميع. وهذا أبرز المستجدات في هذا الإطار بعدما كان في المتوفّر سابقاً غير قادر على الشفاء. أما بالنسبة إلى اللقاحات، فمن الصعب استحداث لقاح ناجع له، لأن تركيبة فيروس الإيدز متحوّلة وغير مستقرة". ويؤكد أنه مع توفّر علاج شاف من الإيدز، صار بإمكان المصاب أن يتزوج وينجب أولاداً أصحاء".

إلى ذلك، يشرح النقيب أن "أكثرية الإصابات المسجّلة هي لأشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 35 عاماً. من هنا نشدد على التوعية وضرورة استعمال الواقي الذكري مثلاً خلال العلاقات الجنسية، لا سيما المتكررة، للحماية من شراسة المرض. ونحن نعمل على وضع خطة وطنية تنطلق من عام 2016 المقبل ولغاية 2020، من شأنها تحديد استراتيجية لمكافحة الإيدز، سواء على صعيد الوقاية أو التوعية أو الأبحاث أو العلاج أو الاستقصاء".

اقرأ أيضاً: الكوليرا.. هكذا نتجنّبها 
المساهمون