الأمير تركي ومستشاروه... ملاحقة وعداء شخصي من بن سلمان

05 ديسمبر 2018
سلمان أقال تركي من إمارة العاصمة الرياض (فرانس برس)
+ الخط -

 
لا تزال الألغاز تتكشف تباعاً حول ظروف اختفاء أمير الرياض السابق ونجل العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، الأمير تركي بن عبدالله آل سعود، وانقطاع تواصله مع عائلته، بالإضافة إلى مقتل المدير الشخصي لمكتبه، اللواء علي القحطاني، بسبب التعذيب في "ريتز كارلتون" وسط الرياض، إبان حملة الاعتقالات التي شنها ولي العهد، محمد بن سلمان، ضد أبناء عمومته من رجال الأسرة الحاكمة ورجال الأعمال في البلاد، تحت شعار "القضاء على الفساد".

وذكر الصحافي الأميركي المعروف ديفيد إغناتيوس، في مقال في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن هناك حرباً باردة كانت تدور داخل أوساط الأسرة الحاكمة بين جناح أبناء الملك الراحل عبدالله والملك سلمان وأبنائه، وعلى رأسهم محمد بن سلمان، تسببت بحالات خطف كبيرة، نفذها ولي العهد ضد المستشارين الذين كان يتخوف من ولائهم لأطراف أخرى داخل الأسرة الحاكمة، ومن بينهم الكاتب والصحافي الراحل جمال خاشقجي، وطارق عبيد الذي كان حلقة الوصل بين أبناء الملك عبدالله ودوائر صناعة القرار في الولايات المتحدة الأميركية.

وكان الملك عبدالله قد عين ابنه تركي أميراً للعاصمة الرياض، قبل أن يُقال من منصبه هو وشقيقه أمير منطقة مكة مشعل بعد أسبوع من تولي سلمان الحكم، ليبدأ تركي تحركاته في محاولته للإبقاء على نفوذه ونفوذ إخوته بعد إقالة المحسوبين عليهم من قبل سلمان وأبنائه. وحاول الأمير تركي، برفقة جيش المستشارين الذين كان يملكهم، ومن بينهم القحطاني والمستشار الأمني والسياسي طارق عبيد، الذي تعرض لمحاولة اختطاف من قبل السلطات السعودية في الصين في عام 2016، قبل أن يفلت بأعجوبة، بسبب إفراج السلطات الصينية عنه وعدم تسليمه إلى الرياض، التواصل مع عدد من صناع القرار في الصين وأميركا للحيلولة دون حد محمد بن سلمان لنفوذ أبناء الملك عبدالله، وهو ما دفع ولي العهد لعدم الإفراج عن تركي وإخفاء مصيره حتى الآن، رغم أنه أفرج عن كافة رجال الأسرة الحاكمة المهمين، وكان آخرهم الأمير عبدالعزيز بن فهد، والأمير خالد بن طلال، بعد مقتل جمال خاشقجي.




وبحسب مصدر مقرّب من أسرة تركي فإن بن سلمان يعتقد أن الأمير تركي يخفي ملفات سياسية وأموالاً وأصولاً أكثر مما يخفي شقيقه الأمير متعب، وهو ما أدى إلى تعذيبه بشدة وتعذيب مستشاره القحطاني حتى الموت. كما أن التواصل لا يزال منقطعاً معه منذ وفاة القحطاني بحسب ما يقول المصدر لـ"العربي الجديد". ولم يكتف بن سلمان بمحاولة اعتقال طارق عبيد وقتل علي القحطاني بسبب قربهما من الأمير تركي ومساعدتهما له في ترتيب ملفات أبناء الملك عبدالله، بل امتدت الملاحقة لأخوال الأمير تركي الذين يتحدرون من أسرة الجربا، وهم من شيوخ وأمراء قبيلة شمر الممتدة في السعودية والعراق والكويت وقطر والأردن وسورية.

ويرجع نسب والدة تركي، الأميرة تاضي المشعان الجربا إلى هذه الأسرة، وهي القبيلة ذاتها التي تتحدر منها والدة الملك عبدالله نفسه. وحصلت "العربي الجديد" على إفادتين متطابقتين لأقرباء تركي، من جهة أخواله في الكويت والأردن حول ملاحقة ميلشيا "النمور"، التي شكلها محمد بن سلمان، برئاسة نائب رئيس الاستخبارات اللواء أحمد عسيري والمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني، لأفراد هذه الأسرة. وقال مصدر كويتي، مقرب من تركي من ناحية النسب لـ"العربي الجديد"، إنه بعد اعتقال الأمير تركي بدأت الحكومة السعودية بملاحقة كافة الجربان، (يقصد أفراد أسرة الجربا)، لأن الكثير منهم موالون للأمير تركي وحصلوا على امتيازات ومناصب كثيرة في عهده، وبن سلمان يتخوف منهم بشكل كبير جداً، ويعتقد أنهم يتآمرون عليه، بينما هم في حقيقة الأمر يتخوفون منه. وامتدت الاعتقالات لتطاول عدداً من أسرة الجربا داخل السعودية، لكن أسماء الكثير منهم لا تزال غير معروفة حتى الآن بسبب تكتم الأهالي ومحاولاتهم حل الأزمة ودياً، قبل أن يلاحق بن سلمان أحد أبرز أمراء قبيلة شمر، الأمير نواف بن طلال الرشيد، الذي يرتبط بصلات قرابة مع الأمير تركي وأسرة الجربا أيضاً، ويحمل هوية قطرية، إذ ضغطت السعودية بشدة على الكويت لتسليمه، وهو ما اضطرت الحكومة الكويتية للاستجابة له. وقال المصدر الكويتي، الذي شاهد عملية تسليم نواف الرشيد، لـ"العربي الجديد"، إن عناصر الاستخبارات السعودية هم من تسلموه ونقلوه إلى جهة مجهولة داخل السعودية ولم يسمع عنه خبر بعد ذلك، إذ إن السلطات قالت لعائلته مرة إنه موجود في منزل اعتقال في الرياض، ثم قالت إنه موجود في منزل اعتقال في مدينة جدة.

وبعد اعتقال الأمير تركي، وإيداعه في فندق ــ معتقل "ريتز كارلتون"، فرّ فرد آخر من أفراد أسرة الجربا، وهو الشيخ فيصل الجربا إلى الأردن خوفاً من اعتقاله، حيث سكن عند أفراد أسرة الجربا المنتشرين في الأردن والذين يحمل غالبيتهم الجنسية العراقية ويعملون في مجال الأعمال والتجارة، آملاً في الاستفادة من نفوذهم وحظوتهم القوية لدى السلطات. لكن السلطات السعودية لاحقته إلى العاصمة الأردنية عمّان ومارست ضغوطاً شديدة على السلطات الأردنية لتسليمه قبل أن يخطفه عناصر الاستخبارات ويعيدوه إلى السعودية، حيث تم التحقيق معه لأيام، وسط مطالبة له بالكشف عما تبقى من أموال لدى الأمير تركي، وفق ما أكد فرد من أسرة الجربا يحمل أوراق الهوية العراقية ويعيش في الأردن لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن الشيخ فيصل اختفى وانقطع تواصل عائلته معه.

المساهمون