لا أحد من الفلسطينيين، خاصة من جرّبوا الاعتقال، وزُجوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يثق في ما تقدمه إدارة مصلحة السجون من أدوية وعلاجات، وما تدّعيه بوجود مستشفيات وعيادات صحية لعلاج الأسرى الفلسطينيين المرضى، وسط معاناة المئات من أمراض متنوعة في ظروف صعبة جدا.
ويبلغ عدد الأسرى المرضى ما بين أمراض مزمنة ومتوسطة، 1700 أسير، بحسب إحصائية وزارة الأسرى، من بينهم 30 أسيراً يعانون من السرطان، و22 أسيراً يعيشون في ما يسمى بسجن الرملة، ويطلق عليه كل من زاره وسمع عنه تسمية "مسلخ الرملة"، البعيد كل البعد عن الأماكن التي يقدم فيها العلاج للمرضى.
كما يعاني 80 أسيراً فلسطينياً من أمراض مزمنة وحادّة، بينهم الأسير محمد عدنان مرداوي (38 عاما)، الذي يعاني منذ اعتقاله عام 1999، من التهاب حاد في الرئتين. ومع ارتفاع درجة الرطوبة في السجون، تزداد خطورة مرضه، ما يقلق عائلته ويزيد من خوفهم عليه.
علاوة على ذلك، أجريت للأسير مرداوي، قبل نحو شهر، عملية استئصال كيس دهني في الرأس بمستشفى سوروكا الإسرائيلي. ويقول شقيقه الأسير المحرر، أحمد مرداوي، لـ"العربي الجديد": "كنت معتقلاً مع أخي قبل عام، ولاحظ محمد وجود حبة في المنطقة الخلفية من رأسه، لكن عيادة السجن أجّلت علاجه، وتبين لاحقاً أنها كيس دهني، حينها أقر الأطباء بأن الأسير بحاجة إلى عملية جراحية لإزالته، وأجريت له منذ أيام قليلة".
يضيف: "مثل هذه العمليات تحتاج إلى متابعة طبية يومية، وتنظيف وتعقيم، لمنع الالتهابات والألم". وأشار مرداوي إلى الظروف الصعبة التي عاشها شقيقه أثناء انتقاله من سجن النقب إلى المستشفى، وبقائه يوماً عند معبر "هلكدار"، وكذلك الأمر في طريق العودة في اليوم التالي، "إذ لا يمكن لمريض أنهى عمليته، أن يسير هذه المسافات التي تحتاج وقتاً طويلا".
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بهذه العقوبات والإجراءات التعسفية بحق الأسير مرداوي، ففور وصوله إلى سجن النقب، جاء أمر من جهاز الشاباك الإسرائيلي، بنقله إلى عزل سجن هداريم، حيث إن الرطوبة عالية، ويعاني من الالتهاب الرئوي، ما زاد من خوف وقلق عائلته عليه.
ويتابع شقيقه أحمد: "العزل الانفرادي والجماعي داخل السجون أمر صعب على الأسرى، وهو من أنواع العقاب التي تستخدمها إدارة مصلحة السجون. لكني أصبحت الآن أقول لا مشكلة لدينا في العزل، بقدر ما تكمن المشكلة في نسبة الرطوبة والأجواء السيئة في عزل هداريم، نتمنى لو أنه في عزل نفحة أو مكان آخر، فهناك الأجواء مناسبة ومريحة، ويمكن التنفس بشكل طبيعي".
عائلة محمد مرداوي لم تزره منذ عام كامل، وهي تعيش في بلدة عرابة جنوب غربي مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، بسبب المنع الأمني. كما أن اتصالها به قليل جداً وصعب للغاية أحياناً. تصل أخباره عن صحته وتطورات أحواله لأسرته، عبر الأسرى المحررين أو الأسرى الذين يتمكنون من إجراء مكالمة في الخفاء.
الأسير مرداوي أمضى 15 عاما في سجون الاحتلال، ومحكوم بالسجن لمدة 28 عاماً، بتهمة تشكيل خلية تابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وتنفيذ عمليات فدائية، وإطلاق نار على الاحتلال الإسرائيلي.
تناشد عائلته، بشكل دائم، مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية، كمؤسسة الصليب الأحمر والضمير، وكذلك المؤسسات الرسمية، كي تتحرك وتسمح لعائلته بزيارته للاطمئنان على صحته، وأن تساعده في توفير أجواء صحية مناسبة تزيل الخطر عنه، إلى حين موعد حريته الذي تأمل عائلته أن يكون قريبا.