الأسرى الأطفال: التزام حق الصمت!

10 ابريل 2018
+ الخط -
ردّدت الأسيرة عهد التميمي (16 عاماً)، عند استجواب سلطات الاحتلال لها والتحرش بها لفظياً، جملة: ألتزم بحق الصمت. ويوثق شريط الفيديو (مدته ساعتان) إحدى جلسات التحقيق التي كان بعضها يستمر لاثنتي عشرة ساعة يومياً، وتظهر فيه الأسيرة الطفلة مع ضابطين إسرائيليين يهدّدان عهد باعتقال عائلتها وأصدقائها إن بقيت ملتزمة الصمت، والإشارات التحرشية حول شعرها الأشقر وعيونها الزرقاء واضحة.

هذا الفيديو ليس مسرباً، ويؤرخ جلسة تحقيق حصلت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنما وفقاً لقانون الاحتلال الإسرائيلي يسمح بإعطاء فيديو مدّته ساعتان لعائلة أي طفل فلسطيني قاصر أثناء جلسات التحقيق، وهذا يعني أن سلطات الاحتلال اختارت أقل فيديو يحمل تعنيفاً وإساءات واعتداءات لفظية وربما جسدية. لكن ماذا عن الأطفال الأسرى الآخرين؟

يقول باسم التميمي، والد الأسيرة عهد، إن نشر الفيديو هدفه توعية الأهالي بتقوية أبنائهم لمواجهة أية عملية اعتقال، وكيفية التعامل مع المحقق، وإبراز سياسة الاحتلال للعالم بأنه لا يحترم أي قوانين دولية. في المقابل، لماذا لم يعمل القائمون على العمل الاجتماعي والطفولي والمهتمون بملف الأسرى على تدوين قصص هؤلاء الأطفال وكيف يتصرف معهم السجان؟ ولماذا تذكرنا عهد فقط من ضمن 350 طفلاً يقبعون في زنازين الاحتلال؟


أن تكون طفلاً في فلسطين، فالاحتمال كبير أن تكون مشروع شهيد أو أسير أو جريح. فالأرقام تؤكد أن أكثر من 3026 طفلاً فلسطينياً استشهدوا وجُرح أكثر من 17000، منذ انتفاضة عام 2000 وحتى عام 2018، بحسب تقرير صادر عن دائرة إعلام الطفل في وزارة الإعلام الفلسطينية، رصدت خلاله الانتهاكات الصهيونية بحق الطفولة الفلسطينية، وأطلقته بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني.

وإلى جانب الشهداء والجرحى من الأطفال، اعتقل الاحتلال 15000 طفل، خلال عامين؛ فيما يقبع 300 طفل في سجني "مجدو" و"عوفر"، استناداً إلى تقارير من هيئة شؤون الأسرى، أما الإناث فيتم احتجازهن في سجن "هشارون".

وتفيد تقارير هيئة شؤون الأسرى بأن 95 في المائة من الأطفال الذين يتم اعتقالهم يتعرضون للتعذيب والاعتداء خلال فترة احتجازهم؛ الذي يتم بعد منتصف الليل، إذ يقوم جنود الاحتلال بعصب أعينهم وربط أيديهم، قبل انتزاع اعترافات منهم بالإكراه، في غياب محامين أو أفراد العائلة أثناء الاستجواب.

ورصدت هيئة شؤون الأسرى تصاعداً خطيراً في استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف الطفولة الفلسطينية، من حيث تضاعف أرقام الاعتقالات من جهة، وتزايد حجم الانتهاكات والجرائم المقترفة بحقهم والأحكام الجائرة الصادرة بحقهم والغرامات المالية المفروضة عليهم من جهة ثانية، فقد كان معدل الاعتقالات السنوية في صفوف الأطفال خلال العقد الماضي (2000-2010) نحو (700) حالة سنوياً، فيما ارتفع منذ عام 2011 إلى 2017 ليصل إلى قرابة (1250) حالة اعتقال سنوياً.

وسُجلت منذ أكتوبر/ تشرين الثاني 2015 حتى الأول من إبريل/ نيسان 2018 قرابة (4700) حالة اعتقال لأطفال قصّر تراوح أعمارهم ما بين 11 و18 عاماً. وخلال العام الماضي 2017 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (1467) طفلاً، ذكوراً وإناثاً، يشكلون ما نسبته 21.8 في المائة من مجموع الاعتقالات خلال العام نفسه. فيما سُجل اعتقال (386) طفلاً منذ مطلع العام الجاري.

وتؤكد الوقائع والشهادات كافة التي جمعتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أنّ الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال قد مُورس بحقهم شكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، وعُوملوا بقسوة وتم حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، وأن الاعترافات التي انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب شكلت أدلة إدانة لإصدار الأحكام الجائرة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية، وأن غالبية الأحكام التي صدرت بحقهم كانت مقرونة بغرامات مالية باهظة، وأن العشرات منهم قد صدر بحقهم حكم بالحبس المنزلي، لا سيما بحق الأطفال المقدسيين.

ما يمكن قوله في يوم الطفل الفلسطيني (5 إبريل/ نيسان) وفي يوم الأسير الفلسطيني (17 إبريل/ نيسان) إن واقع أطفال فلسطين يحتاج إلى كل شيء إلا الصمت.
صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.