الأردن ومهمة "القوائم الإرهابية": مصاعب وتحديات

20 نوفمبر 2015
قد ترفض فصائل "غير إرهابية" التفاوض مع النظام(حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -

فتح الأردن غرفة عمليات أمنية بغرض تنسيق الجهود لوضع قائمة بالجماعات الإرهابية في سورية، تنفيذاً لاتفاق المشاركين في اجتماع فيينا الأخير حول الحرب السورية، على إعداد القائمة وإسناد جهود تنسيقها للأردن، الذي يحافظ على علاقات جيدة مع مختلف الدول الفاعلة بالمشكلة السورية، وتحمل وجهات نظر متباينة حول سبل حل الأزمة، ومع الجماعات الفاعلة على الأرض.

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية وتحديات مخرجات فيينا: الائتلاف يتحضّر لقيادة المفاوضات

وأكّد المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، لـ"العربي الجديد"، أن المهمة الأمنية تمثل بعد الانتهاء منها "الخدمة الأكبر للعملية السياسية المتعلقة بالحرب السورية"، إذ ستعتمد القائمة المنتظرة مرجعاً في المسارين العسكري والسياسي، "وبناءً عليها ستحدد الجماعات التي تستهدف بالغارات، وتلك التي يجري التفاوض معها"، في إشارة منه إلى التنظيمات التي ستُشرك في العملية السياسية.

غير أنّ المهمة التي رحّب بها الأردن، ووضعها المومني في سياق موقف بلاده المعلن منذ بداية الحرب السورية حول ضرورة التوصل لحلّ سياسي، وحفاظ بلاده على علاقات متوازنة مع جميع الدول الفاعلة بالحرب، لم يستثن منها النظام السوري نفسه، صعبة ومعقدة، خصوصاً أنه ملتزم بالتنسيق مع جميع الدول الفاعلة في الحرب السورية، والتي تتباين مواقفها من الجماعات التي سيصار إلى تصنيفها؛ وهي صعوبات يدركها الأردن وقد تترجم بالوصول إلى أكثر من قائمة، فتصنف تنظيمات إلى إرهابية وغير إرهابية ومختلف عليها.

وتعمّد المومني في حديثه لـ"العربي الجديد"، عدم الإشارة إلى حزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني المشاركين في القتال إلى جانب النظام السوري، واللذين ترى دول في دورهما إرهاباً لا يختلف عن ذلك الذي يقوم به تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). غير أن مصدرا أردنيا مطلعا أكّد أن كلاً من عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني ليست على أجندة التصنيف، مشيراً إلى وجود أطروحات بوضع المنظمات التي تحارب مع النظام السوري في قائمة خاصة دون إخضاعها للتصنيفات المتعلقة بالإرهاب، وهي القائمة التي تهدف إلى استرضاء دول عربية تطالب بشمولهم بالتصنيف.

ويقول المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ "استثناء حزب الله والحرس الثوري يأتي بناء على الطرح الروسي، الذي يرى أن دورهما يمكن السيطرة عليه من خلال التواصل مع النظام السوري الذي يعملون بإدارته، في حال تم التوصل إلى صيغة نهائية للحل السياسي"، مشيراً إلى أن "التصنيف يقتصر على المنظمات التي تقاتل النظام السوري، للوصول إلى تلك التي يمكن دعوتها للمشاركة في العملية السياسية التي يجري التحضير لها".

ويلفت المصدر نفسه إلى أن المنظمات التي تقاتل النظام السوري، والتي ستصنف غير إرهابية، وفي حال موافقتها على الانخراط في العملية سياسية، سيكون لها دور عسكري إضافة إلى الدور السياسي، يتمثل في توحيد جهودها لمحاربة التنظيمات التي تعتمد في التصنيف إرهابية، دون أن يستبعد أن يصار إلى إيجاد صيغة متفق عليها من الجميع لتوفير الدعم العسكري لتلك المنظمات والجماعات.

ووفقاً للخطة، فإن الأردن سيتولى بعد الانتهاء من إعداد القائمة جهود التحدث مع قوى المعارضة السورية لتحديد ممثليها في الاجتماعات، في جولات المفاوضات المقبلة. كما صرح بذلك وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في أعقاب تكليف الأردن بجهود تنسيق قائمة التنظيمات.

من جهته، يعرب المحامي المتخصص في القضايا الأمنية، حاتم الغويري، عن اعتقاده باستحالة الوصول إلى قائمة دقيقة ومتفق عليها، الأمر الذي ينعكس بدوره على مستقبل الغاية السياسية من القائمة التي يجري العمل على إعدادها.

ويقول الغويري الذي سبق له أن عمل قاضياً عسكرياً في محكمة أمن الدولة، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ظل اختلاف الدول حول تعريف الإرهاب، واختلاف معايير كل دولة في تصنيفها للجماعات والمنظمات الإرهابية، ووجود مصالح للعديد من الدول على الساحة السورية، وتقديمها الدعم والمساندة لجماعات ومنظمات تعمل ضمن مصالح تلك الدول، فإن الوصول إلى القائمة يصبح مستحيلاً".

ويشير إلى عدم وجود معيار دولي للتصنيف "فما هو معيار في دولة معينة ليس معياراً في دولة أخرى. الأجهزة الأمنية في كل دول العالم تعتمد عند تصنيف المنظمات الضرر الواقع على الدولة نفسها، وعلى الدول المحيطة بها من تلك المنظمات، وهو أمر نسبي من دولة إلى أخرى".

ويذهب في حديثة مع " العربي الجديد" إلى أبعد من ذلك، معتقداً باستحالة موافقة غالبية التنظيمات، التي تصنف على اعتبارها غير إرهابية، على الانخراط في العملية السياسية، خصوصاً إن كانت العملية السياسية لا تضمن لهم بشكل واضح نهاية النظام، الذي يحاربون ضدّه، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن غالبية التنظيمات، التي تصنف غير إرهابية، هي تنظيمات ضعيفة على الأرض، مقارنة بالتنظيمات التي تجمع الدول على أنها إرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، الأكثر قوة وفعالية.

ويبدي الغوري خشيته على الأردن من المهمة "الصعبة"، التي أُنيطت به، ويقول إنه سيجد نفسه أمام تقارير أمنية من مختلف الدول اللاعبة على الساحة السورية، بما فيها تقارير واردة من سورية عبر البوابة الروسية، وهو الأمر الذي سيسبب للأردن في مهمته التنسيقية خلافات مع الدول المتباينة في مواقفها، كما قد يسبب له استعداء تنظيمات بعد صدور القائمة.

ويتساءل في حال تم إنجاز قوائم بالتنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية والمختلف عليها، عن قدرة التنظيمات غير الإرهابية على مواجهة التنظيمات الإرهابية، وما هي ضمانات ألا تقوم الدول المتداخلة بالحرب السورية بدعم التنظيمات المختلف عليها؟

اقرأ أيضاً: اتفاق روسي فرنسي على تنسيق العمليات في سورية

المساهمون