الأبارتهايد العراقي: التملك في بغداد ممنوع على النازحين

09 يونيو 2015
يتم تغيير الهوية الديموغرافية لبغداد عنوة (حسن مروة/فرانس برس)
+ الخط -
لم يمضِ شهر واحد على توجيه تساؤلات شعبية واسعة للحكومة العراقية، عن سبب رفضها إدخال النازحين الفارين من بطش تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من محافظتي الأنبار وصلاح الدين، وأجزاء من نينوى، في ظلّ مأساة جسر بزيبز على حدود بغداد، حتى استنبط العراقيون السبب بشكل غير مباشر، من دون الحاجة لانتظار ردّ من حكومة حيدر العبادي.

وتجلّى السبب في إصدار السلطات العراقية أوامر عدة، منذ أيام، تقضي بمنع مواطني المحافظات الساخنة: الأنبار، والموصل، وصلاح الدين، من الشراء أو التملّك في العاصمة العراقية، في حين أبقته على سكان المحافظات الجنوبية في البلاد، من دون أن تذكر سبب ذلك.

وفي السياق ذاته، منعت مديريات التسجيل العقاري في بغداد، ترويج أية معاملة لنقل الملكية لأي شخص من المحافظات المذكورة. وقال الموظف في التسجيل العقاري في منطقة الكرخ، حسين عبد الغني لـ "العربي الجديد"، إن "أوامر صدرت من مجلس الوزراء لمديري الدوائر العقارية، تقضي بوقف نقل ملكية الأراضي، والمنازل، والشركات، والمحال التجارية لمواطني الأنبار والموصل وصلاح الدين". وأكد "وجود مئات المعاملات المتوقفة في انتظار رفع القيود، لإكمال إنجازها، بعد شراء النازحين منازل لهم في بغداد".

ولفت مدير أحد الأقسام في هيئة الضرائب العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الهيئة تلقّت كتاباً رسمياً صادراً عن مجلس الأمن الوطني، ومستشارية الأمن الوطني، يمنع تداول أية معاملة للأفراد والشركات الذين يحملون هويات أحوال مدنية لإحدى المحافظات الساخنة، الأنبار، والموصل، وصلاح الدين". وأشار إلى أن "الكتاب الذي صدر في 21 مايو/أيار الماضي، شدد على عدم ترويج معاملات (نقل ملكية العقارات، والشركات، والمهن)". وأوضح أن "أي شخص يملك مصادر دخل في المحافظات المذكورة، لا يحقّ له التملّك في بغداد، ما دام يحمل هوية أحوال مدنية، أو أي ورقة رسمية أخرى تُثبت أنه من تلك المحافظات".

اقرأ أيضاً: دعم عربي وأوروبي للنازحين في العراق

كما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، كتاباً رسمياً، يمنع تملّك العراقيين من سكان تلك المحافظات، أي عقار في العاصمة. وعن القرار، حذّر النائب في البرلمان العراقي، محمد علي، من التمييز العنصري والخبث السياسي الطائفي في التعامل داخل بغداد. وقال علي لـ"العربي الجديد"، إن "هناك محاولات من جهات حكومية معروفة بالطائفية والمخططات القديمة، لقلب بغداد إلى مكوّن معين تقف وراء هذا القرار". وأضاف أن "مليشيات مدعومة إيرانياً وتؤيدها أحزاب مشاركة في الحكومة، أصدرت القرار الذي يمنع عودة بغداد لسابق طبيعتها الديموغرافية المتنوّعة قبل الاحتلال".

وأكد وزير عراقي، رفض الكشف عن اسمه، تلك المعلومات. مشيراً إلى أن "القرار اتُخذ رغماً عن أنف العبادي وتحت ضغط كبير". وأوضح الوزير لـ"العربي الجديد"، أن "القرار وبشكل واضح يمنع سكان تلك المحافظات من شراء شبر واحد ببغداد، أو حتى استئجار طويل الأمد، ضمن عقود المحكمة وكتاب العدول". وبيّن أن "القرار طائفي بامتياز، فهو يسمح لسكان الجنوب بالتملّك في بغداد، بينما يمنعه عن سكان الشمال والغرب".

وفي سياق متصل، ناشد الضابط المتقاعد، سعود مجيد الدليمي، رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، وقف "هذا الإجراء المجحف". وكشف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "يسكن في بغداد منذ أكثر من 50 عاماً"، لكنه فوجئ بوقف ترويج معاملة نقل ملكية منزله، لأنه يحمل هوية أحوال مدنية صادرة من محافظة الأنبار. وأوضح الدليمي أنه "اشترى منزلاً كبيراً، في حي المنصور الراقي وسط بغداد، بقيمة 450 ألف دولار، بعد أن باع منزله السابق في حي زيونة، شرق بغداد".

من جهته، انتقد أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد، حامد الأنصاري، هذه الإجراءات، واصفاً القرار بـ "التمييز العنصري، الذي يشبه ما حدث في الولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا، في القرن الماضي، وما يحدث الآن في القدس المحتلة، بفعل تطبيق الاحتلال الإسرائيلي السياسة عينها".

وأضاف الأنصاري أن "هذا القرار التعسفي يحمل مخالفة صريحة للدستور العراقي، الذي نصّ في المادة 14 منه، أن العراقيين متساوون أمام القانون من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، محذّراً من "محاولات تغيير الواقع الديموغرافي في بغداد، والمحافظات العراقية الأخرى".

اقرأ أيضاً: "خندق" فصل كربلاء في مراحله الأخيرة

المساهمون