استغلال الإرهاب

16 مايو 2016
استغلال صالح ورقة "القاعدة" سهّل تمدُّد التنظيم(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
أسوأ ما قد يحدث في سياق محاربة الإرهاب، أن يتم تجاهله، كاحتجاج على استغلاله من السلطة المستبدة أو قوى سياسية، محلية كانت أو دولية. هذا الاستغلال للإرهاب، أعطاه فرصة للنمو، سواء في نسخة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أو تنظيم "القاعدة"، كما نرى خلال السنوات القليلة الماضية في العراق وسورية واليمن. في اليمن، فإن استغلال الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، الطويل ورقة "القاعدة"، جعل الجميع يشكك في حقيقة تمدد "القاعدة" في اليمن، وتأجيل مواجهة هذا التمدد، مما حسّن موقف التنظيم الاستراتيجي بصورة كبيرة. كما أن تبشير النظام السوري المبكر، بـ"الإرهاب" الذي كان متمثلاً في الثورة السورية، في عيون بشار الأسد، جعل ردة فعل الثوار، تحديداً المعارضة المسلحة، متجاهلة تهديد الإرهاب، باعتباره أسلوب النظام للتخويف من الثورة، ووسيلة لتشتيت جهود محاربة قواته ومليشياته. لكن بعد قرابة الخمس سنوات من الثورة، تبين أن هذا التجاهل بالذات، جرّ الكثير من الويلات على الثورة والثوار أنفسهم. في العراق، لم يكن الوضع أقل سوءاً، فالولايات المتحدة استخدمت ورقة "الإرهاب" مراراً لمصلحتها، أو لفرض سياسات معينة، ففي البداية قامت بقمع المقاومة العراقية، تحت شعار "الإرهاب". وتجلّت أوضح خطوة في هذا الإطار، في تشكيل قوات "مكافحة الإرهاب" ودمج "فيلق بدر" المليشياوي في القوات الحكومية، من أجل مواجهة المقاومة، لاحقاً. وبعد عام 2010، بدأت الولايات المتحدة تضغط باتجاه مقايضة "مواجهة الإرهاب في العراق"، بدمج السنة في النظام السياسي العراقي، الذي قامت ببنائه بعد الاحتلال. والنتيجة أن السنة لم يُدمجوا، في الوقت الذي ما زال فيه الإرهاب يتمدد، بل يُستخدم من أجل قمع السنة المحتجين على تهميشهم.
من السهل الحديث نظرياً عن أهمية وأولوية "محاربة الإرهاب"، وعدم جعل الملف حكراً على القوى الدولية والحكومات المستبدة والطائفية، لكن يبدو أن تطبيق هذه النظرية أشبه ما يكون بالمستحيل، في ظل ضعف المجتمعات العربية، وعدم قدرتها على مواجهة هذه الظاهرة، أو فرض رؤيتها لطريقة معالجتها. وحتى ذلك الحين، سيبقى الإرهاب ملفاً سياسياً، لا عسكرياً أو أمنياً، وملفاً يُعامل بالكثير من الابتزاز، والقليل من النوايا الطيبة.
المساهمون